الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /مقدمات/ الفرق بين القواعد الفقهية والأصولية
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 نعيد بيان المختار في المسألة: إذا خليت المسألة وشأنها وبحسب النظرة الأولى وبعنوانها الأول وبغض النظر عن واقع كتب الأصول وما كتب في علمه. لو أن هذه المسألة طرحت فأين تضعها في خانة أي علم؟. مثلا لو أن طالبا للعلم لم يقرأ كفاية الأصول ولا رسائل الشيخ الأنصاري ولا القوانين ولا المعالم، لو قلت له إن هناك علما اسمه علم الأصول يبحث فيه عن كل ما نحتاجه لإثبات أحكام شرعية فقهية، وطرحت عليه مسألة، وقلت إن هناك علما اسمه علم اللغة يبحث فيه عن معاني الألفاظ، ثم طرحت عليه مسألة، فقلت إن هناك لفظ معين لا ندري ما دلالته، أين نضعه؟ مباشرة يضعه في علم اللغة. ولو استفاد منه علم آخر بعد ذلك لا يعد من العلم الآخر، ولذلك هيئة افعل صيغة الأمر، الهيئة لفظ كل ما في الأمر انه يحتاج إلى مادة ليكون فيها، والمادة لفظ تحتاج إلى هيئة لتكون فيها.
  إذا قيل لك إن هذا اللفظ الذي هو الهيئة ما هي دلالته؟ أنت مباشرة تضعه في خانة علم اللغة، وأما لو قال: القاعدة العقلية المدروسة في الأصول " الواحد لا يصدر إلا عن واحد " هذه القضية إذا سمعتها وقبل أن تدرس علم الأصول وقبل أن تدرس الفلسفة واللغة. أين تضع هذه المسألة؟ مباشرة تقول إنها تنفع في الفلسفة لأنها تحكي عن الوجود وأسراره.
  قلنا إن سبب إنشاء العلوم وتدونها هو الأغراض، ومن هنا نقول: المسألة أولا وبالذات أين نضعها؟. [1]
  [2]
  [3]
  [4]
  [5]
 
  هذا هو الطرح وهو الصحيح لان نفس كتاب الأصول ليس هو المحدد للمسائل، فإننا نرى كثيرا من علمائنا يبحثون مسائل أثناء كتابتهم، لا علاقة لها في العلم، لكن يرى من المناسب أن يبحثها. نحن أحيانا في الدرس نبحث تارة في درس الفقه قضية رجالية ولغوية ونحوية، هل صارت هذه القضية أنا بحثتها ثم بحثها غيري ثم علّق آخر، وأصبحت جزءا من الكتاب؟.
 ولذلك ليس ما نراه في الكتب من باب الأمر الواقع أصبح من علم الأصول.
 احد الفضلاء قال لي: على هذا أنت تصنع كتابا جديدا؟!وكان الجواب: فليكن، إذا هم ادخلوا ما ليس من العلم في كتبه، فهل أصبح لازما عليَّ؟!.
  كلما تأتي مسألة جديدة أين أضعها؟ مثلا: كلمة " لا جناح " إنها مسألة أصولية باعتبار تكرارها، أين أضعها؟ لا بد حينئذ من مائز، من ضابطة. حينئذ أضعها في اللغة حتى لو تكررت.
 نقول: لا تنسوا الأساس في كل شيء، لا تنسوا الغرض* الذي لأجله أسس هذا العلم ولا تخضعوا للأمر الواقع في كتب الأصول.
  أتت هذه المسلمات لأني نظرت بداية الأمر لما هو الواقع، للأمر الموجود، بينما الأساس في العلوم لم يؤسس هكذا. الأساس هو الغرض الذي لأجله دون هذا العلم، فلا انظر للواقع الموجود، وعندما انظر للموجود ابتلي فيما ابتلي به الآخرون. كلما أتيت بمائز يشكل عليّ هنا وهناك، يشكل بالمسلمات الموجودة في الكتب لإبطال الفكرة.
 ملخص الموضوع: هو إنما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه باعتبار نظرهم لواقع علم الأصول، أمر واقع نريد أن ننظمه. أما إذا تركنا الواقع وتركنا كتب الأصول في واقعها ونظرنا للأساس حينئذ لا يكون إلا غرض واحد، المسألة تدخل فيه أولا وبالذات، ثم إذا استفاد منه علم آخر فلا إشكال، وما يرد من لزوم خروج كثير من المسائل ودخول مسائل أخرى أو مستقلا، فليكن، فكذا تنظم الأمور.
 بهذا نختم الكلام في مسألة التميز بين القاعدتين، وغدا نكون في ذكر فرق المناهج المعتمدة في علم الأصول، منهج القدماء، منهج الشيخ الأنصاري، الشيخ الاصفهاني (ره) صاحب المعالم، المناهج التي اعتمدت في علم الأصول.
 
 والحمد لله رب العالمين.


[1] - * سؤال: من الذي يحدد الغرض. الجواب: الذي جمع العلم والذي اسسه، يقولون مثلا مؤسس علم السياسة في الغرب هو مكيافلي في كتابه الامير، هو المؤسس ويعرف الغرض، لأجل امر ما اسست هذا العلم. مؤسس علم النفس الغربي مثلا يقولون فرويد، مؤسس علم الاجتماع ديركايم. هو يرى انه لا بد من جمع مسائل من اجل غرضه.
[2] سؤال: قد تكون له اغراض كثيرة فلا محدودية للغرض. الجواب: إذا لم يكن هناك وضوح في الغرض لا ينشأ علم، وقلنا ان العلم امر اعتباري. بعبارة اخرى هو مجموعة مسائل تخدم غرضا الذي لأجله دون هذا العلم.إذن لا بدمن توضيح الغرض.
[3] جواب على اشكال: لو ان مسألة واحدة كانت تخدم غرضين فتدخل في علمين، إن كانت تخدم غرضين في غرض واحد. حينئذ فلتكن في علمين لا مشكلة. مثلا دواء واحد ينفع نفسية الانسان فيدخل في علم الطب النفسي، وهو ايضا نفسه ينفع بدنه فيدخل في علم الطب البدني.
[4] سؤال: فلنحدد ما هو الغرض، أمر في الثبوت، الإثبات.
[5] الجواب: قلنا انه أمر اعتباري، فليس هناك حكم شرعي لنقول إثبات وثبوت. أنا المدون اعرف الغرض، كل مسألة تنفع في الغرض تذكر حتى ولو تعدد المدون، ومع الاختلاف يصبح أغراض ويصبح علمين، ومع تعدد الأغراض صارت علوم كثيرة. وكذا إذا وضع الواضع أمهات وصارت فروع كثيرة، فالأمهات تؤدي إلى الغرض.