الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الأصول/ مباحث الألفاظ /مقدمات/ الفرق بين القواعد الفقهية والأصولية

ذكرنا أن في التفريق الثالث في أن المسألة الأصولية عنصر مشترك.

فيه إشكالان:

الأول: انه لزوم ما لا يلزم.

الثاني: دخول عدد من القواعد الفقهية.

التفريق الرابع: بين المسألة الأصولية والمسألة الفقهية: ما صرّح به عدد من الأساطين من أن المسألة الأصولية تقع نتيجتها كبرى في استنباط المسألة الفقهية، وهذا أمر تداولوه كثيرا، عبروا عنه بالبحث عن كبريات المسألة الفقهية.

قال السيد الخوئي (ره): (المسألة الأصولية ما كانت كافية في استنباط الحكم بدون ضم قانون أصولي آخر، لا صغرويا ولا كبرويا )[1] . كلمة " من دون ضم قانون أصولي آخر " نستفيد منها امرأ آخر، وهو أن تكون الاستفادة من القاعدة مباشرة كبرى، من دون كبرى أخرى.

وقال المحقق النائيني (ره): ( أصولية المسألة وقوعها كبرى في دليل الاستنباط التي لو انضمت لها صغراها لأفادت الحكم الشرعي الكلي )[2] .

من هذا الكلام نستفيد أمرين:

أولا: أنها تقع كبرى في المسألة الفقهية.

ثانيا: مباشرة تقع كبرى قبل الاستنباط.

ويرد عليه:

أولا: أنها وإن كانت غالبا كذلك تقع كبرى، ولكن اشتراط من لزوم ما لا يلزم.

ثانيا: إن قيد المباشرة ليس مطردا فرب مسألة أصولية تقع نتيجتها كبرى في مسألة أصولية أخرى التي تقع نتيجتها في الاقيسة الفقهية. مثال على ذلك: بناء على أن مباحث الألفاظ من علم الأصول. مباحث الألفاظ تبحث عن صغريات حجية الظهور، مثلا صيغة الأمر في أي شيء ظاهرة، المشتق، صيغة النهي، الألفاظ موضوعة للصحيح والأعم. هذه صغريات ظاهرة في شيء، هذه صغرى كبراها حجية الظهور، وحجية الظهور نستدل عليها بسيرة العقلاء. فكبرى حجية الظهور أيضا صغرى لحجية سيرة العقلاء، فلنوضح بمثال المشتق: القياس الأول: المشتق ظاهر في خصوص المتلبس (صغرى) وكل ظاهر حجة (كبرى)، هذا القياس يحتاج إلى قياس آخر: العمل بالظهور سيرة عقلائية (صغرى) وكل سيرة عقلائية حجة (كبرى).

فصار عندي قياسان أصوليان قبل أن أصل إلى المسألة الفقهية. والكبرى لم تكن مباشرة بل كانت تحتاج إلى كبرى أخرى، يعني حجية الظهور هي كبرى مباشرة لكن تحتاج في إثباتها إلى كبرى أخرى وهي سيرة العقلاء حجة، وهذه أيضا مسألة أصولية.

هذا هو التعريف الرابع وهي أن الأصولية تقع كبرى والفقهية لا تقع كبرى في الاقيسة الفقهية.

التفريق الخامس: ما طرحه السيد البرجردي (قده) حين عرّف علم الأصول قال: بأنه القانون الذي يعد حجة في الفقه.

يقول بعض الأعلام دام ظله بعد ما اختار ما اختاره السيد البرجردي: إن الميزان في أصولية المسألة والفارق الجوهري بينها وبين غيرها هو عبارة عن القانون المبحوث في حجيته لمرحلة الاستنباط وبهذا يحصل امتيازها عن المسألة اللغوية والرجالية، فامتيازها عن المسألة اللغوية يكون بأمرين:

الأول: أن البحث في صيغة الأمر وإن كان يبدو كونه بحثا في صغرى أصالة الظهور إلا أن لب الكلام ومرجعه للبحث عن الحجية، بمعنى أن أصل دلالة الصيغة على الإلزام مسلمة، ولكن هل هي بدرجة الإشعار أم بدرجة تباني العقلاء على الإلزام والالتزام بدلالتها، وهذا هو معنى الحجية. ما المقصود من الكلام؟. يقول: انه تارة فيه إشعار من دون ظهور وتارة فيه ظهور، مثلا في بحث المفاهيم وفي مفهوم الوصف كما في " أكرم الرجل العالم " هل يعني هذا انه يدل على الحكم بعدم إكرام غير العالم أو لا؟ هذه في مسألة مفهوم الوصف تتذكرون كلمة يذكرها الأصوليون، الذي يقول بحجية المفهوم يقول: إن الوصف له ظهور في المفهوم، الذي ينفي الحجية يقول: إن الوصف له إشعار في المفهوم لا يصل إلى مرحلة الظهور.

أحيانا هناك كلمات كثيرة تمر تشعر بمعنى لكن ليس لحد الظهور، الظهور هو أمر يتبانى العقلاء على العمل به، والإشعار استئناس لا يعمل به الناس.

لبيان مراده، يقول: إلا أن لب الكلام ومرجعه للبحث عن الحجية بمعنى أن أصل دلالة الصيغة على الإلزام مسلم ولكن هل هي بدرجة الإشعار أم بدرجة تباني العقلاء على الإلزام والالتزام بدلالتها، وهذا هو معنى الحجية، بخلاف البحث في لفظ الصعيد- صيغة الأمر لفظ وما معناه، لماذا هذه أصولية وهذه فقهية هذا بحث عن دلالة وهذه أيضا بحث عن دلالة، هذا عن دلالة الصيغة، عن دلالة لفظ وهذا بحث عن دلالة لفظ -.

فيقول وفقه الله: بخلاف البحث في لفظ الصعيد فانه بحث عن أصل الظهور والدلالة سواء ترتب عليه حكم شرعي أم لا، وهذا بحث لغوي سبق النقاش فيه. إن شاء الله غدا نذكر الخلل في هذا الكلام.


[1] محاضرات في أصول الفقه، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج1، ص8.
[2] أجود التقريرات‌، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص3.