الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الأصول/ مباحث الألفاظ /مقدمات/ الفرق بين القواعد الفقهية والأصولية

التفريق الثالث: وهو أن تكون القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية خاصة بباب دون باب. أما المسائل الأصولية والقواعد الأصولية فهي متكررة في جميع أبواب الفقه أو جلها.

ذكر ذلك الشهيد السيد الصدر (ره) عندما عرّف علم الأصول بقوله انه العلم بالعناصر المشتركة التي تقع في طريق استنباط الأحكام الشرعية. أشار إلى ذلك أيضا صاحب الكفاية المحقق الشيخ محمد كاظم الآخند الخراساني من أن المسألة الأصولية يعتبر فيها أن تكون سارية في جميع أبواب الفقه أو جلها، فلا يختص بإجرائها بباب دون باب، وليست كذلك أصالة الطهارة التي تجري في خصوص أبواب الطهارة فلا تجري إلا في باب دون باب – في باب واحد لا تجري لا في المعاملات ولا في غيرها من أبواب الفقه الأخرى-.

وصرح بذلك الكثيرون ومنهم بعض المعاصرين، وبعض الأعلام يقول في التعريف بين بحث لفظ الصعيد وإنها مسألة لغوية وبحث صيغة الأمر وإنها مسألة أصولية – مع العلم أننا نعلم أن كليهما بحث لغوي، الصعيد ما معناها وصيغة افعل ما معناها، والصيغة نعلم أنها لفظ، كل ما في الأمر يحتاج إلى مادة، ما الفرق بين كلمة صعيد وصيغة افعل، لماذا كانت كلمة صعيد بحثا لغويا وهكذا تداولها الفقهاء وأما صيغة الأمر فبحث أصولي.

يقول هذا العام المعاصر أطال الله عمره الشريف: ظهور لفظ الصعيد مثلا لكونه زاوية خاصة من باب فقهي معين فهو لا يشكل قانونا عاما لعدة أبواب فقهية حتى يعود من المسائل الأصولية.- في تعريفه اخذ في المسألة الأصولية أن يكون قانونا بعكس المسألة الفقهية -. ولذلك لو قمنا باستقراء الروايات المعصومية وحصلنا على صيغ كثيرة الورود والتكرر في مجالات الاستنباط كان من المناسب عدها من المسائل الأصولية أيضا بحيث تبحث بشكل مستقل عن الفقه كما يرد ذلك في مثل لفظ " لا ينبغي" هذه الكلمة تكررت كثيرا في مختلف أبواب الفقه، ما معناها؟ حرمة كراهة إباحة، على أي معنى تحمل؟ إذا بحثنا ما المراد منها في الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة. هل أصبحت مسألة أصولية؟ ما الفرق بينها وبين صيغة افعل؟ إذا كان التكرر هو الأساس والمفروض أن ابحثها لأننا نحتار في معناها، كراهية أم حرمة أو لا كراهة ولا حرمة، إباحة مثلا. إذا بحثنا معنى " لا ينبغي " هذه اللفظة مادة وصيغة، هل أصبحت مسألة أصولية.

سماحة السيد يقول انه ينبغي عدها مسألة أصولية على هذا القانون. ما الإشكال في جعلها مسألة أصولية على هذا الميزان. فيقول دام ظله: ولذلك لو قمنا باستقراء روايات المعصومين وحصلنا على صيغة كثيرة الورود والتكرر في مجال الاستنباط كان من المناسب عدها من المسائل الأصولية، أيضا تبحث بشكل مستقل عن الفقه كما بحثنا هيئة افعل نبحث " لا ينبغي " كما يدعى ذلك في مثل " لا ينبغي " ولفظ " لا يصلح للمؤمن " – كما في رواية المفطرات لا يصلح للمؤمن أن يرتمس، إلى آخره – ما معنى " لا يصلح " هل هو إبطال، كراهة، وهذه الكلمة متكررة في أبواب الفقه. هل أصبح البحث عن كلمة " لا يصلح " بحثا أصوليا، ولفظ " لا بأس " تأتي أحيانا بمعنى الوجوب وأحيانا برفع البأس وأحيانا بمعنى الإباحة والاستحباب، و" لا جناح " أيضا كلمة متكررة تأتي بمعنى الوجوب، ورد عندنا في الخلع وفي العبادات والحج. كلمة: " لا جناح " متكررة هل أصبح البحث عن لفظ لا جناح بحثا أصوليا لمجرد كونه تكرر. هو يقول لا مشكلة فلنجعلها بحثا أصوليا.

يقول السيد: انه لا مانع من جعلها بحثا أصوليا لان حصر مباحث الألفاظ والظهورات في الصيغ المعروفة في علم الأصول حصر استقرائي لا عقلي. – يعني ليس هناك حصر عقلي حتى نقول فقط هذه الأبواب صيغة افعل، لا تفعل، صيغة الأمر مادة الأمر مادة النهي المشتق هذه الأوامر التي بحثوها، فلنزد كذلك ما معنى " لا جناح " " لا باس " " لا يصلح " " لا ينبغي " كثير من الكلمات التي هي متداولة ما معنى " بلغ " هل مجرد إن الشيء تكرر في الأبواب الفقهية أصبح مسألة أصولية. بناء على هذا الميزان أصبح كل متكرر قاعدة ومسالة أصولية.

طبعا هنا نعود لكلام السيد، يقول: إن الميزان في المسألة الأصولية كما ذكره السيد البرجردي(ره) أن تصبح قانونا، هذا هو المحور أن تصبح قانونا ومن شأن القانون أن يكون متكررا ليس خاصا في باب دون باب، عبر عنها الشهيد الصدر (ره) بالعناصر المشتركة.

نقول: إن هذا موجود في كتب الفقه والأصول المتداولة، موجود هذا الشيء لا ننكره تداولا عملانيا، ولكن هل نجعله شرطا في المسألة الأصولية، ركيزة فيها.

نقول: انه لا دليل على جعله شرطا، يعني إن لم يكن متكررا فليس بأصولي وان كان متكررا فهو أصولي، يعني يدور جعله أصولي أو غير أصولي، مدار التكرار وعدمه أو مدار وجود في عنصرا مشتركا. كل واحد عبرّ بطريقة، أو مدار كونه قانونا مشتركا.

نقول: بلزوم ما لا يلزم. لماذا؟ لان المائز بين العلوم هو أغراض، فمجرد كونه أغراضا يكون كافيا بان يكون هو المائز، فما خدمني في هذا الغرض.

سنبين ما هو المحور، ماذا يعني مسألة أصولية ومسألة فقهية، وهنا نبين كلماتهم. المائز هو الأغراض نعم إذا نظرنا للحالة الواقعية، واقع علم الأصول وكتبه، نجد هذه مسألة الاشتراك العنصر المشترك صحيحة، لكن ليس معنى أن ما كان علم الأصول أو ما تدارسناه نأخذ منه، لا نأخذ من الواقع تعريفا بل التعريف منشأه الغرض، الذي هو الأساس المنارة التي توجهنا. ولا مانع أبدا من كون مسألة تفيد في تحقيق غرض علم الأصول ومنها جميع الميزات ولا تكون شاملة لكل الأبواب.

مثلا: مسألة الإجزاء، الإجزاء وعدمه بعضهم لا يعتبره مسألة أصولية أصلا، الملازمات العقلية ليست مسألة أصولية. بعبارة أخرى التكرار وعدمه، أن التكرار له في القوانين ولكن القواعد الفقهية أيضا تتكرر. فاشتراط التكرار وعدمه لا استطيع أن اجعله مائزا بين المسألة الأصولية والمسألة الفقهية.