45/10/29
الموضوع: أحكام الأيمان.
- حكم اليمين بغير الله؟ كأن يقال: "لا وأبيك"، بعد الفراغ من اشتراط كون اليمين بالذات المقدّسة.
- الاجماع على عدم الانعقاد، وعلى عدم الكفارة مع الحنث.
- هل هو محرّم؟
- ذكر الروايات التي يمكن ان يستدل بها على الحرمة.
- ذكر الروايات الدالة على عدم الحرمة.
وصلنا إلى ان اليمين بغير الذات الالهيّة لا ينعقد، الكلام في ما حكم هذه اليمين بغير الله؟
الذي وصلنا إليه انه هناك أربعة أمور يقسم بها: ما دلّ على الذات الالهيّة ينعقد اليمين، وما دلّ على اللوازم الملتصقة به والمختّص بالله هكذا ينعقد اليمين بها ايضا اجماعا، والقسم بما ينصرف اليه تعالى فالمشهور ايضا انه ينعقد، اما الاوصاف التي لا تنطبق ولا تنصرف إلى الذات الالهية يقع الكلام فيها كـ "الرازق" أو "العزيز"، نقل صاحب الجواهر بانه لا خلاف على عدم انعقاده فيها وان قصد به الذات الالهية.
وما ذهبنا إليه هو الانعقاد طالما انني انا انوي الحلف بالذات الالهيّة، واقصد بهذا الوصف الذات الالهيّة، بشرط ان يشير للذات الالهيّة المقدسة وليس إلى اله آخر.
نعود لمسألة ما حكم اليمين بغير الذات الالهيّة؟ مثل:"لا وابيك" الذي هو يمين لان فيه دفع أو زجر بأمر فيه قداسة وحرمة عند الحالف لغة، اما في أي شيء يتعلّق اليمين حصرها الشارع بالذات الالهيّة حتى ينعقد ويكون له آثار.
وذكرنا في الدرس السابق القاعدة المتبّعة في كل المعاملات والعبادات، انه بعد ان ينطبق العنوان على مسألة إذا شككت في جزء أو شرط اطرده بأصالة الاطلاق. -طبعا على مذهبنا في العبادات ومعناها وانها حقائق لغوية -.
قلنا ان الكلام ليس في عدم الانعقاد والانعقاد، الكلام في أنه يحرم أو لا يحرم لانه في الرواية أنه من خطوات الشيطان؟
نذكر من الروايات: ما في الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: سألته عن امرأة جعلت مالها هديا لبيت الله ان أعارت متاعها لفلانة، فأعار بعض أهلها بغير أمرها، فقال: ليس عليها هدى، إنما الهدى ما جعل لله هديا للكعبة فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله، وما كان من أشباه هذا فليس بشيء ولا هدى لا يذكر فيه الله عز وجل، وسئل عن الرجل يقول: علي الف بدنة وهو محرم بألف حجة، قال: ذلك من خطوات الشيطان، وعن الرجل يقول: هو محرم بحجة، قال: ليس بشئ، أو يقول: انا أهدى هذا الطعام، قال: ليس بشيء ان الطعام لا يهدى، أو يقول لجزور بعد ما نحرت: هو يهديها لبيت الله، قال: إنما تهدى البدن وهن احياء وليس تهدى حين صارت لحما.
ورواه الشيخ باسناده عن الحسين ابن سعيد عن ابن أبي عمير. ورواه الصدوق باسناده عن الحلبي نحوه. [1]
من حيث السند: سند صحيح معتبر.
من حيث الدلالة: ان الجعل منها ليس بيمين لانه لغير الله، فلا اثر به.
وفي الحديث 4- محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا تتبعوا خطوات الشيطان، قال: كل يمين بغير الله فهي من خطوات الشيطان. [2]
من حيث السند: قلنا ان تفسير العياشي من اجل الكتب المعتبرة والمعتمد عليها، والمشكلة فيه انه حذف الاسانيد، فاننا لا نعلم طريق العياشي لمحمد بن مسلم البعيد عنه حوالي مئتي سنة.
وهكذا الاحاديث الأخرى: ح3و4و 5و 6. ولا اجد مخالفا في ذلك، من أن من حلف بالله لا كفارة عليه مع الحنث.
وهل تحرم هذه اليمين، أي اليمين بغير الله؟ الظاهر عدم حرمتها، نعم هي مكروهة، جمعا بين الروايات.
فمن جهة قوله (ع): " هي من خطوات الشيطان"، فهذا ظاهر وتوحي بالتحريم مع أنها أعمّ، أي ان خطوات الشيطان كما تكون في إلقاء ابن آدم في المفسدة الملزمة وهي الحرمة كذلك في الالغاء بالمفسدة غير وهي الكراهية، كذلك في منع الخير كأن يمنع الشيطان المكلّف عن فعل مستحب فيمنع الثواب عنه.
وبعبارة اخرى: إن وعد إبليس عندما خرج من الجنة مطرودا ان يؤذي ابن آدم يمنعه عن كل خير. ولذا فان قوله (ع): فانها من خطوات تشمل الايقاع في المحرّم وغيره.
ومن حديث المناهي، وهو حديث مخدوش السند، أنه منهي أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: "من حلف بغير الله فليس من الله في شيء، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله عز وجل، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها كفارة يمين، فمن شاء برّ ومن شاء فجر، ونهي أن يقول الرجل للرجل: لا وحياتك وحياة فلان".
ومن جهة اخرى رواية مؤيدة ومعمول بها ورد في الوسائل: ح 6- وعن أحمد بن إدريس (ثقة عن النجاشي والعلامة)، عن محمد بن عبد الجبار (ثقة)، عن صفوان بن يحيى (ثقة)، عن أبي جرير القمي قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك ثم حلفت له وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه أنه لا يخرج ما تخبرني به إلى أحد من الناس وسألته عن أبيه أحي هو أم ميت، قال: قد والله مات، "إلى أن قال" قلت: فأنت الامام؟ قال: نعم. [3]
من حيث الدلالة: لم يذكر في الرواية ان الامام الرضا (ع) منعه من هذا القسم بغير الله، ولو كان محرّما لوجب عليه بيان تحريمه، وأن هذا الحلف كفر أو حرام أو أشبه ذلك، وسياتي التفصيل غدا.