44/05/06
الموضوع: بحث الهلال: بداية الشهر القمري.
• القول الرابع: إن بداية الشهر هي من حين رؤيته الفعليّة ولو بالعين المسلّحة.
• دليله: انطباق الرؤية على النحوين: أي المجرّدة والمسلّحة، واصالة الاطلاق محكمة.
• الجواب: وصول القمر إلى مرحلة يمكن ان يراه الناس عادة جزء من مفهوم الهلال، فالمكلف لم ير بعينه المسلحة هلالا، بل رأى قمرا، لان الهلال غير موجود أصلا.
• القول الخامس: بداية الشهر هو بإمكان رؤيته ولو بالعين المسلّحة.
• جوابه: يعرف من الجواب على القول السابق، فإذا نفينا ان تكون البداية بالعين المسلّحة فمن باب الأولى نفيها بإمكان الرؤية كذلك.
القول الرابع: إن بداية الشهر هي من حين رؤيته الفعليّة ولو بالعين المسلّحة:
المراد من العين المسلّحة:
العين على نحوين: - تارة العين العاديّة الطبيعيّة القياسيّة، والتي ليس فيها ضعف ولا قوّة زائدة، أي العين الموجودة عند عامّة الناس بدون الاستعانة بشيء.
• وتارة تستعين هذه العين بآلة تستطيع من خلالها رؤية ما لا يمكنها رؤيته عادة، مثل المنظار والمكبرات أو الحاسوب عبر الأقمار الاصطناعيّة، أو غير ذلك من المستحدثات المعاصرة وحتى كالتي كانت في العصور السابق كما في زمن ابن الهيثم وغيره من علماء البصريات. وهذا هو المراد من العين المسلّحة، أي العين العاديّة التي تتسلّح بآلة بحيث تصبح قدرتها على الرؤية أقوى.
وبهذا تخرج العدسة اللاصقة والنظارات الطبيّة التي من شأنها تقوية ضعف البصر، أي يستعين بها صاحب العين الضعيفة لا العاديّة. [1]
دليل من قال بكفاية الرؤية المسلّحة:
قالوا: هناك قاعدة ثابتة متسالم عليها: " إن الأحكام تابعة لعناوينها "، والرؤية تصدق على الرؤية بالعين المجرّدة، والرؤية بالعين المسلّحة، فهي بإطلاقها تشمل الاثنين معا والتقييد يحتاج إلى دليل.
ويمكن ان يتصور التقييد بنحو الانصراف إلى العرف الشائع بان يكون بالعين المجرّدة، او من باب الأغلبية، او كثرة الوجود بالرؤية بالعين المجرّدة، لكنه قد لا يكون مستحكما، وادعاء استحكامه بحيث يصير حجة ودليلا عهدته على مدّعيه.
فإذا رأيت الهلال على شاشة الحاسوب أو خلال المنظار فإنه يصدق أنك رأيت الهلال عرفا، كما لو رأيت شخصا من خلال آلة التصوير، فإن العرف يتوسع ويقول أنك رأيته، وهذا الصدق العرفي كاف. [2]
والجواب باختصار: من قال بعدم الفرق بين النظر إلى عين الأشياء واصلها والنظر إلى صورتها سيقول بأنه لا فرق هنا أيضا.
فلو سلّمنا بصدق الرؤية عرفا على الاثنين معا أي بالعين المجرّدة والعين المسلّحة – وليس ببعيد – فهذا الصدق العرفي كاف لتطبيق القاعدة بان الاحكام تابعة لعناوينها.
لكن الجواب: الذي رآه المكلّف هل هو الهلال أم القمر؟ الذي رأه هو القمر أي الكوكب حتى في التلسكوب، والمكلّف لم ير هلالا. إذ لا يسمّى هلالا إلا إذا أهلّ ورآه الناس بعيونهم الطبيعيّة المجرّدة، أما إذا رؤي بالمنظار فقد رؤي كوكب القمر بشكل الهلال.
وبعبارة أخرى: الهلال غير موجود أصلا، فلا يمكن رؤيته حتى بالعين المسلّحة، فان امكن الرؤية لعامة الناس قيد في مفهوم عنوان الهلال.
وبعبارة مختصرة مفيّدة بسيطة: لقد رأى قمرا ولم يَرَ هلالا، والمطلوب هو رؤية الهلال، حيث فسّر الإمام (ع) قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ﴾ ([3] ) قال: هي أهلّة الشهور ([4] ). فالقيد بالهلالية صار جزءا من مفهوم الهلال، عنوان الهلاليّة له موضوعية في رؤية الهلال وليس مجرّد رؤية الكوكب أي القمر. [5]
القول الخامس: إمكان الرؤية بالعين المسلّحة:
هذا القول لم يقله أحد إلى الآن لكن من باب الاحتمال: وهو إن بداية الشهر القمري تكون مع وصول القمر بعد خروجه من المحاق إلى مرحلة يمكن أن يرى ولو بالعين المسلّحة ولو لم تتحقق الرؤية فعليا بها.
والجواب: يظهر من جواب القول الرابع، فإن الرؤية بالآلات هي للقمر، أي الكوكب، وليست للهلال، وموضوع بداية الشهر هو الهلال كما بيّنت الروايات التي فسّرت قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ﴾ حيث فسّرها الإمام (ع) بانها أهلّة الشهور.