الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     اختلاف رأي الطوسي (ره) بين المبسوط وكتابيه الخلاف والنهاية، في مسألة: لا ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة لا رضاعا، ولا في اولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

     الفرق بين الاصطلاحات الثلاثة عند الفقهاء: الاشبه والاظهر والاقوى.

     معنى كلمة " لا شبهة " الواردة في كلام الآبي (ره) وترجيح ان مراده " الاشبه " ووروده في نسخة قديمة.

*[1] كنا في مسألة انه لا ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة أو رضاعا ولا في اولاد زوجته المرضعة لانهم اصبحوا في حكم ولده كما في النص وفاقا للشيخ في غير المبسوط، - كانما الشيخ يظهر منه له رأيان - وابني حمزة وادريس بل نسبه بعضهم إلى الشهرة.

ما هو سرّ اختلاف المبسوط عن النهاية والخلاف: ذكرنا امس ان كتاب المبسوط هو تأليف الشيخ الطوسي (ره) ذكرنا ثلاثة روايات معتبرة صحيحة في انه لا ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولا في اولاد المرتضعة ولادة لا رضاعا، ومع ذلك قال بجواز النكاح في المبسوط، ولعلّ المبسوط بعد النهاية، المبسوط لعله اول كتاب في الفقه غير المأثور، الخلاف والنهاية هما كتابان في الفقه المأثور، أي ان الفتوى بالنص الامامي أي بالحديث. الكافي ومن لا يحضره الفقيه عبارة عن روايات حسب فتوى المؤلف وهكذا النهاية والخلاف للشيخ الطوسي فقه مأثور، بينما المبسوط بدأ يخرج عن المأثور إلى نصه هو. هل تغير رأيه او لا؟ ويستغرب تغيّر رأيه مع اطلاعه على الروايات الثلاثة!

كلام المحقق الآبي: يقول في الجواهر: ومن الغريب ما عن الآبي من الحل وانه المشهور ، لكن المحكي من عبارته أنه قال : " لا شبهة أن أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لا تحرم على أبي المرتضع ، لقولهم عليهم السلام : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " وهذا لا يحرم في النسب فلا يحرم في الرضاع ، لكن ذهب الشيخ في الخلاف والنهاية إلى تحريم ذلك تمسكا برواية علي بن مهزيار ورواية أيوب بن نوح ، وما أعرف في هذه المسألة مخالفا ، فهي مشهورة بين الأصحاب ، وعليها العمل. انتهى كلامه.

التفريق بين اصطلاحين الاظهر والاشبه: هناك كلمات عند الفقهاء متداولة: كلمة: الاشبه، الاظهر، الاقوى. ما الفرق بين هذه الكلمات الثلاثة في تعبيرات الفقهاء.

الاقوى: يعني الاقوى حجة واقوى دليلا.

الاظهر: ما كان سنده الروائي اظهر، يعني نص واحد، وافهم منه أمران كذا وكذا، أي ما يتكل على الرواية في الاستنباط، من قبيل: " لا ينكح اب المرتضع في اولاد المرضعة " هذه رواية، نص، وانا من خلال النص استنبط، أي نفس المسألة موجودة في النص. نفس الرواية هذا الفقيه يستظهر منها شيء، وذاك الفقيه يستظهر منها شيء آخر، وما فهمه الآخر اظهر من ذاك. اي ان هناك معنيين محتملين احدهما اظهر من الآخر وهذا يكون في النص, او قد يكون لنفس الفقيه استظهارات أحدهما أظهر من الآخر

الاشبه: وهو يعني ما وافق القواعد العامة، هناك اصول عامة من قبيل " كل شيء لك حلال " ما وافق كل شيء حلال وما انطبق عليه هو الاشبه. مثلا التدخين ليس فيه نص، فلا استطيع ان اقول الاظهر حليته، بل اقول الاشبه حليته لانه يوافق القواعد العامة. والقاعدة العامة " كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه ". لا يوجد نص في الدخان حتى اقول: الاظهر حليتهبل هو في تطبيق القاعدة عليه، ففالتعبير المتداول المفروض عند الفقهاء هو ان أقول: الاشبه اي الاقرب إلى القاعدة وإلى الاصول. هذا هو الفرق بين معنى الاشبه والاظهر.

هنا يقول " لا شبهة " وظاهر كلمة " لا شبهة " هو عدم تطرق الشك والاحتمال الآخرز وهو تعبير كناية عن القطع والعلم. لكن يوجد احتمال آخر لمعنى : لا شبهة " وهو أن المراد منها هو " الاشبه " وهذا المعنى يحتاج إلى قرينة، فيقول في الجواهر مرجحا لهذا الاحتمال: ويمكن أن يريد بنفي الشبهة عن اقتضاء القواعد ذلك وإن خرجنا عنها بالنصوص، كما عساه يشهد له التعبير بالأشبه المعروف إرادة ما ذكرناه منه في نسخة قديمة. انتهى كلامه.

هذه التعابير الثلاثة غدا ان شاء الله نرى كلام صاحب الجواهر، وكلام المحقق الآبي وكلام نفس المبسوط هل هو يدل على انه يقول بالجواز.


[1] بدأ سماحة السيد الاستاذ بمقدمة مفادها أن بيان المسألة بامثلة معاشة أمر له إجابياته في فهم الطالب لأن السامع يتفاعل مع ما يعيشه أكثر من غير ذلك، ومثل له في تفسير التفريق بين العلم الجنسي واسم الجنس كأسامة للاسد في الاول ولفظ " اسد " في الثاني، مع أن كليهما يستعملان في كل اسد؟ والفرق هو كالفرق بين لفظ " ابو خليل " و الجندي، ففي العراق يطلقون على كل جندي لفظ " ابو خليل " ويعاملونه معاملة المعرفة، تماما كاستعمال " اسمة " و " اسد " ولذا تقول " هذا " أسامة مقبلا " بالنصب على الحالية وتقول : " هذا أسد مقبل " بالرفع.