الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الرضاع.

     الدائرة الاولى وهي خصوص الأم والاخت في الرضاعة ودليلها الآية القرآنية.

     الدائرة الثانية العلاقات النسبية، ودليلها الحديث المشهور: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

     الدائرة الثالثة: شمول التحريم للعلاقة بالمصاهرة.

إذا حصل الرضاع المحرّم واجتمعت شروط التحريم التي ذكروها او التي اختلفوا فيها كالعدد او ان يكون عن حليب حلال وعن ولادة وان تكون المرضعة حيّة لا ميتة، ففي أي دائرة ينشر الحرمة؟

هناك اربعة دوائر، الدائرة التي ذكرت في الآية القرآنية: ) وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ ( [1] او ما هو اوسع منها نسبا او ما هو اوسع حتى لو كانت بمصاهرة أو غير ذلك.

اما الدائرة الاولى: وهي خصوص الام من الرضاعة أي المرضعة، والاخت من الرضاعة، دون غيرهما حتى الاب من الرضاعة الذي هو الفحل والأخ من الرضاعة. الدائرة الاولى لا شك فيها وهي القدر المتيقن من التحريم المنتشر بالرضاعة لكن الآية القرآنية السابقة ذكرت الام من الرضاعة والاخت من الرضاعة لم تذكر العلاقات الاخرى كالخالة والعمة، لذلك ذهب بعض ابناء العامة كما يقول صاحب الجواهر مما لا يعتد برأيه إلى ان الحرام ما ذكر في القرآن دون غيره وهذا جمود كامل على النص واختصاص الدليل بالنص القرآني.

الدائرة الثانية: العناوين النسبية: وببركة الحديث الشريف المشهور، بل المتواتر: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب،

والمذكور سابقا، اتسعت دائرة نشر الحرمة بسبب الرضاع، لتشمل بالاضافة إلى الدائرة الاولى – أي الأم والاخت الرضاعيتان – كل العلاقات النسبية التي تحرم بعنوان، كالعمة والخالة والجدة والجد والاباء وإن علةا، والابناء وإن سفلوا والامهات وإن علوا والعم والخال والابناء والاخوة. فتتسع دائرة التحريم لتشمل كما في الجواهر: ( إخوة ) وأخوات ( وإخوتهما أخوالا ) وخالات ( وأعماما ) وعمات بلا خلاف أجده في شيء من ذلك ، بل الظاهر اتفاق أهل الاسلام جميعا عليه إلا من لا يعتد به من العامة الذين قصروا الحرمة على الأمهات وأخوات خاصة جمودا على ما في الآية وهو معلوم البطلان خصوصا بعد تواتر قوله صلى الله عليه وآله: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " المراد منه على الظاهر أن كلما يحرم من النسب يحرم نظيره في الرضاع ، فيشمل حينئذ المحرم من جهة النسب والمحرم من جهة المصاهرة " .....

الدائرة الثالثة: حرمة العلاقة بالمصاهرة: وهل تتوسع دائرة نشر الحرمة إلى علاقة المصاهرة؟

قد يقال: بعدم نشؤ الحرمة، فان الحديث الشريف ورد في نشر الحرمة بخصوص النسب، أما العلاقات السببية الاخرى فلم يتكلم عنها، فلا يتم الدليل على نشر الحرمة.

فانه يقال: إن التحريم بالمصاهرة إن كان مردوده إلى عنوان نسبي نشر الحرمة، فانه يعتمد على عنوان نسبي، فيشمله الحديث الشريق. ونعطي مثالا على ذلك: زوجة الابن تحرم على ابيه لقوله تعالى: " وحلائل ابنائكم " فكما ان حليلة الابن النسبي تحرم على الاب كذلك تحرم حليلة ابن الرضاعي. يقول في الجواهر:

بعد تواتر قوله صلى الله عليه وآله " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " المراد منه على الظاهر أن كلما يحرم من النسب يحرم نظيره في الرضاع ، فيشمل حينئذ المحرم من جهة النسب والمحرم من جهة المصاهرة بعد وجود سببها نحوها في النسب ، فالبنات والأمهات والأخوات العمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت منه نحوها من النسب في الحرمة ، وكذا حليلة الابن الرضاعي ومنكوحة الأب الرضاعي وأم الزوجة الرضاعية والجمع بين الأختين الرضاعيتين ونحو ذلك كلها يستفاد تحريمها منه مضافا إلى النسبيات. [2]


[1] سورة النساء، آية 23.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج29، ص309.