الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/07/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الرضاع.

     الدوائر الثلاثة محل البحث.

     بيان مسألة لفظية وهي أن العناوين المأخوذة في متعلقات الاحكام ليست من شأن الشارع، بل هي شأن عرفي.

إذا تمّ الرضاع المحرّم فيصبح الاخ او البنت والام والاب من الرضاعة، لكن هناك ثلاثة ودائر:

الدائرة الاولى: الآية القرآنية: ) وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ ( [1] فنقتصر على ما في الآية فقط.

الدائرة الثانية: فإذا اردنا ان نوسع الدائرة فنقول: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فهل ما يحرم من المصاهرة حرام؟ يعنى ان الاب يحرم عليه زوجة ابنه فلو كان ابنه من الرضاع وتزوج فهل تحرم على الاب زوجة ابنه، هذا التحريم بسبب المصاهرة. الدائرة الثالثة اكبر: ما لم يكن من العناوين النسبية.

قبل ان نبدأ هناك مسألة وهي: ان العناوين المأخوذة في متعلقات الاحكام هل هذه العناوين من شأن الشارع او من شأن أهل اللغة والعرف، إذا قلت لك لا تشرب الخمر، مفهوم الخمر من شأن الشارع؟ او من شأن العرف اللغوي. الظاهر ان الالفاظ شأن عرفي ولا علاقة للشارع، وإذا تدخل الشارع اصبح من باب الحقيقة الشرعية اي اصبح له مفهوم خاص في مقام التصرف. كما ان المصاديق من شأن المكلّف وليست من شأن العرف ولا من شأن الشارع، ولذلك عندما يقولون مثلا ان هذا الملون الاحمر في الخارج دم او لا؟ كثيرون يقولون ان هذا عرفا دم، نقول ان هذا الكلام غير صحيح وغلط شائع لانه ليس من شأن العرف تحديد المصاديق والموضوعات، العرف شأنه تحديد المفاهيم فقط وكل عرف بحسبه، في اللغة اللغويون هم الذين يحددون المفاهيم، وفي عرف الاطباء الاطباء هم الذين يحددون المفهوم، الفلكيون باصطلاحهم كذلك ولذلك قلنا ان المرجعية في الاحكام هي للشارع وفي المفاهيم لكل عرف مفاهيمه، وفي المصاديق للمكلف، نعم المكلف قد يعينه العرف احيانا ويكون سببا للإطمئنان وعند الشك نعود للقواعد وقد بيّنت ذلك في المنهجية، ان منهجية الاستنباط من يحفظها سيحصل على خير كثير، الذي يستوعب الشبهات الحكمية والمفهومية والمصداقية وبينت كيفية علاجها بكلمات.

إذن العناوين شأن العرف وكل عرف بحسبه مثلا في الرياضيان كلمة " موزع " معنى آخر غير الموزع بالمعنى اللغوي " فاكتور " عند الناس باللغة الفرنسة هو ساعي البريد لكن في الرياضيات توزيه الرمز، نعم في الاساس المعنى واحد، فيرجع في العناوين إلى كل مصطلح بحسبه ولا شأن للشارع في العناوين، إلا إذا اراد حقيقة شرعية فيتدخل حينئذ ونرجع إلى الشأن الشرعي في العنوان.

هذه المسألة مهمة جدا كونوا على ذكر منها، ولذلك يقول صاحب الجواهر: " إذا حصل الرضاع المحرم ) وهو ما اجتمعت فيه الشروط السابقة ( انتشرت الحرمة من المرضعة وفحلها إلى المرتضع ) نفسه ونسله ( ومنه إليهما ف‌ ) صار هو وما تولد منه ابنا لهما و ( صارت المرضعة له أما و ) صار ( الفحل ) الذي هو صاحب اللبن ( أبا وآباؤهما ) من الذكور والإناث ( أجدادا وجدات وأولاد ) كل من‌ ( هما ) من المرضعة أو غيرها والفحل أو غيره ( إخوة ) وأخوات ( وإخوتهما أخوالا )

وخالات ( وأعماما ) وعمات بلا خلاف أجده في شيء من ذلك ، بل الظاهر اتفاق أهل الاسلام جميعا عليه إلا من لا يعتد به من العامة الذين قصروا الحرمة على الأمهات وأخوات خاصة جمودا على ما في الآية: ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ ( [2] [3]

قال احدهم هذا القرآن حرم الاخت والام من الرضاعة وكل الباقي حلال لان القرآن ورد في ذلك التزم بالنص القرآني في الاول بيّن الحرمة النسبية ثم الحرمة السببية الرضاعة ثم المصاهرة وهكذا. غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] سورة النساء، آية 23.
[2] سورة النساء، آية 23.
[3] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج29، ص309.