الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     لا ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة لا رضاعا.

     الدليل على ذلك.

     الانصراف فرع الإطلاق.

     الإطلاق غير ثابت.

     المراد خصوص النسبيين.

نكمل الكلام في " لا يجوز ان ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن، ولا في اولاد المرضعة ولادة ".

ذكرنا امس اننا عبّرنا تعبيرا آخر: يحرم على الرضيع اخوته من الرضاعة فهل يحرمون على ابي الرضيع ايضاً؟

الإستدلال على شمول التحريم لأبناء صاحب اللبن السببيين أيضاً:

الابن على قسمين: نسبي وسببي. النسبي من كان من منشأ تكويني حقيقي فمن كان من رحم من جينات وراثية من اشياء تكوينية، فينسب الولد له. والسببي كل ما كانت العلاقة بسبب كابن غير التكويني الحقيقي بأن يوجد سبب اعتبره العرف سبباً كالإبن بالتبني في عالم غير المسلمين وكالإبن الرضاعي في الشريعة الإسلامية. وحتى العلاقات كالأخوة والأبوة والأهل، هناك اهل نسبيين واهل سببين، الولد اهل نسبي، والعلاقة مع الزوجة اهل سببي فإذا زال السبب زالت الاهلية. فالابن الرضاعي ابن سببي وليس ابناً نسبياً.

مما يمكن الإستدلال به على شمول صاحب اللبن في الحديث للنسبيين " لا ينكح ابو المرتضع في ابناء صاحب اللبن " وايضا للرضاعيين اطلاق اللفظ بكلمة " ابنة زوجها " في حديث ابن مهزيار:

ح 10 - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار قال: سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عليه السلام: ان امرأة أرضعت لي صبيا فهل يحل لي ان أتزوج ابنة زوجها؟ [1] في الحديث " ابنة زوجها " مطلقا سواء كانت ابنة نسبية او سببية. ثم اعتبر بعد ذلك شرعا ببركة حديث " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".

نقاش الدليل: إذن النقطة الاولى هل كلمة " ابنة زوجها " المراد منها ما يشمل الرضاعي او لا مع العلم ان القدر المتيقن هو خصوص الأبناء النسبيين.؟

الذي قال بالشمول قال بالاطلاق، الذي قال بعدم الشمول قال بالانصراف إلى خصوص الابن النسبي، وهل يوجد هنا انصراف او لا؟

مطلب اصولي في مباحث الالفاظ يجب ان يبحث ارجو الالتفات إليه وهو إذا كان اللفظ موضوعا لامرين " الابنة " الولد، موضوع للولد النسبي ثم الحق به الحاقا معنى آخر كولد التبني، هذا الولد بالتبني إما يلحق به مجازا او تنزيلا أي حكومة؟

المجاز هو استعمال اللفظ لغير ما وضع له من قبيل: لو قلت: ابعث لي وراء ابنائك النسبيين، فهل تأتي بابنائك الرضاعيين او لا؟ الابناء الرضاعيين ابناء بالسبب، اللفظ اساسا موضوع للنسبيين وألحق الرضاعيون بالسبب والتنزيل هو توسيع المفهوم.

انتفاء الإنصراف لانتفاء موضوعه: بعض من قال بإرادة خصوص النسبيين ادعى الانصراف، والانصراف يحتاج إلى اطلاق حتى ينصرف إلى بعض الافراد، الانصراف ما هو؟ هو انسباق الذهن إلى بعض افراد المطلق، والاطلاق يأتي من الظهور، والظهور يأتي من الوضع او من الاستعمال أو من التنزيل. إذا كان هناك ظهور بالكل ينتفي الظهور إلا ان يكون مصدره هو الحكومة أو المجاز المشهور، أما الوضع فهو يقتضي الظهور في خصوص النسبيين لكون الابن موضوعاً لخصوص النسبي، وأما الاستعمال في المجاز فهو قد يستعمل فيما يعم الرضاع، إلا أن هذا الإستعمال يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي. وأما التنزيل والحكومة بحيث ينزل الإبن السببي منزلة الحقيقي، وبعبارة أخرى، توسيع معنى الإبن، فهذا ممكن لكنه أيضاً يحتاج إلى دليل أي ان الحكومة تحتاج إلى دليل، وما يمكن أن يكون دليلاً غير ظاهر في ذلك، أما حديث: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فهو في مقام بيان حكم وأم قوله تعالى: ) وأخواتكم من الرضاعة ( فليس ظاهراً في التنزيل بل في بيان منشأ الحكم، كما في قوله تعالى: ) إنما المؤمنون اخوة ( أو " أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة " ومع عدم الدليل على الحكومة لا يتم توسيع المفهوم اعتباراً، ومهما ينتفي الإطلاق فلا يدل قوله في الرواية ابنة زوجها على الإطلاق، ومع انتفاء الإطلاق ينتفي الانصراف لانتفاء موضوعه.

النتيجة: ان ما يمكن ان يدعى انصرافا كما ذكر بعض الاخوة وذكر في بعض الكتب ان هناك انصراف من " ابنة زوجها " نقول اصلا ليس هناك اطلاق ولا ظهور حتى يكون هناك انصراف. هذه المسألة قد تخفى على بعض الاجلاء، الانصراف فرع الاطلاق والظهور، والظهور غالبا فرع الوضع، هنا لا يوجد وضع للرضاعي والحكومة تحتاج إلى دليل، والتنزيل يحتاج إلى دليل، والمجاز المشهور يحتاج إلى دليل، وكل القرائن مفقودة، فالانصراف ليس له موضوع اصلا، بل نقول هكذا ان كلمة " ابنة زوجها " ينسبق منه خصوص الولد النسبي التكويني دون الابن الرضاعي.

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، باب6، انه يشترط في نشر الحرمة بالرضاع اتحاد الفحل وان اختلفت المرضعة فتحرم الأخت من الأب ولا تحرم الأخت من الام رضاعا وكذا جميع ما يحرم رضاعا وذكر جملة من المحرمات بسبب الرضاع. ح10، ص297، (الاسلامية).