الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     الفرق بين شرط المفهوم وشرط الحكم.

     الاختلاف في المنهجية والنتائج.

     استكمال الادلة على اشتراط اتحاد الفحل.

هناك شروط في الرضاع، شروط في المفهوم وشروط في الحكم. شروط المفهوم التي بحثت يبدو ان هناك شرط واحد وهو المص من الثدي. وهناك شروط في الحكم وهي متعددة بحثنا اكثرها وبعضها بنينا عليه وبعضها خالفنا المشهور مثل: هل يشترط ان يكون اللبن عن وطء شرعي أو لا؟ وغير ذلك من الشروط المشكوكة.

أحد وجوه الاختلاف بين شروط المفهوم وشروط الحكم وبيان منهجية الاستبدال في الشروط:

وذكرنا في كل هذه المسائل في اشتراط المفهوم تختلف منهجية الاستنباط بين اشتراط المفهوم المشكوك فيها وبين اشتراط الحكم. في شروط المفهوم نحتاج إلى الشرط، مثلا: إذا شككت انه يشترط المص من الثدي او لا؟ فيجب الاتيان بالمص من الثدي لاثبات المفهوم، اما الشرط في الحكم فيطرد الشرط بمجرد الشك بعد ثبوت العنوان. مثل: لو شككت في كون الرضاع الناشر للحرمة عن لين بسبب مشروع او لا؟ حينئذ نطرد الشرط بالاصل اللفظي فنقول ان هذا رضاع، ومع تمامية العنوان يتم المحرّم موضوعا، واشك في وجود شروط للحكم، حينئذ اطرد هذا الشرط. ثم بعد ذلك اصل للأصل العملي. الاصل المعملي في العبادات من باب الاقل والاكثر الارتباطيين، ذهب الاكثر إلى البراءة وانا اذهب إلى الاحتياط. واما في المعاملات الاصل العملي فيها هو اصالة الفساد او استصحاب عدم الاثر، واصالة عدم الاثر. وهذه المنهجية معمول عليها في كل العبادات والمعاملات.

في مسألتنا هل يشترط اتحاد الفحل للتحريم؟ هذا شك في الحكم وهذا معناه اني استطيع عند الشك الرجوع إلى اطلاق الرضاع. إذن الاصل اللفظي هو إطلاق الرضاع، وقد ذكرنا في منهجيتنا عند معالجة الشبهات الحكمية اني ابحث عن: علم ثم علمي ثم اصل لفظي ثم اصل عملي. في المرحلة الاولى لا يوجد لدينا علم فننتقل إلى العلمي، والعلمي هو الروايات النصوص التي ذكرناها في شرط اتحاد الحل.

وفي ح 7 - وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة أرضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها أيحل للغلام ابن زوجها ان يتزوج الجارية التي أرضعت؟ فقال: اللبن للفحل. ورواه الحميري في ( قرب الإسناد ) عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله. [1]

من حيث السند: صحيح بأحد طريقيها، بل كذلك حديث قرب الاسناد.

من حيث الدلالة: الرواية ظاهرة في كفاية الفحل الواحد، دون الظهور في اشتراط وحدته.

ح 13 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده، عن الحسن بن محبوب، عن مالك ابن عطية (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنه جارية يصلح لولده من غيرها ان يتزوج تلك الجارية التي أرضعتها؟ قال: لا هي بمنزلة الأخت من الرضاعة لان اللبن لفحل واحد. [2]

من ناحية السند: صحيح.

من ناحية الدلالة: نلاحظ هنا عدم اتحاد الام.

يستفاد من الروايات جميعها نصا أو مفهوما اتحاد الفحل لكي ينشر الرضاع الحرمة.

بعض التطبيقات في مسألة اتحاد الفحل:

ولذا إذا كان بعض الرضعات من فحل وبعضها من فحل وبعضها من فحل آخر من نفس المرأة لم ينشر الحرمة لعدم اتحاد الفحل. مثلا: رجل اولد امراته ثم طلقها وتزوجت بعد ذلك أو توفي، ثم تزوجت بعد ذلك بغيره ودرّ لبنها من الغير وارضعت الطفل من الاول لم ينشر هذا الرضاع الحرمة لتعدد الفحل.

فإذن إلى الآن يشترط اتحاد الفحل، وهذا امر اجماعي لا اشكال فيه. هناك صورة ثانية: رجل عنده زوجتان ولكل واحدة منهما لبن، وكل واحدة من الزوجتين ارضعت طفلا هل يحرمان على بعضهما البعض؟ هنا اختلفت الام المرضعة، والفحل واحد، نعم تحرم وهذا يشير على انه من الناحية التكوينية إلى ان الرجل له اثر في تكون الحليب اكثر من المرأة مع ان المرأة هي التي يتكون فيها الحليب والله العالم.

ايضا لو فرضنا ان رجلا متزوجا من زوجتين وكلاهما اولدت ولها لبن وطفلان رضعا من الاولى نصف الرضاع ومن الثانية نصف الرضاع الاخر، هل اصبحا اخوين من الرضاعة؟ هذه المسألة نبحثها في غد ان شاء الله.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، باب6، انه يشترط في نشر الحرمة بالرضاع اتحاد الفحل ......... ح7، ص295، (الاسلامية).
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، باب6، انه يشترط في نشر الحرمة بالرضاع اتحاد الفحل......... ح13، ص297، (الاسلامية).