الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الرضاع.

     الكلام في اشتراط حياة المرضعة لنشر الحرمة.

     الاستدلال بالانصراف وله وجوه.

     القصد المستفاد من قوله تعالى: " والمرضعات " " أرضعنكم " وجوابه.

     الحياة المستفادة من الآيتين وجوابه.

     الجواب على نقل صاحب كشف اللثام للاتفاق.

     الاصل العملي.

ذكرنا في الرضاع انه هناك شروط للتحريم، ذكرنا الروايات وذكرنا ان هناك اجماع واتفاق وتسالم على ان الرضاع ينشر التحريم بل لعله من المسلمات والضرورات الفقهية والبديهيات، لكن اختلفوا في الشروط في الكيف والكم، واختلفوا في المرضعة.

من جملة الشروط التي اختلفوا فيها، الشرط الاول هل يشترط ان يكون عن وطء حلال او لا؟ أي ان الحليب من الزنى يحرم اولا يحرّم.

الشرط الثاني هل يشترط كون المرضعة حيّة فلو فرض ان الرضاع المحرم هو خمسة عشر رضعة، ارضعت اربعة عشر رضعة وماتت واكمل المرضع الرضاع وهي ميتة، فهل هذه الرضعة الاخيرة تكمل الرضاع الناشر للحرمة او لا؟

عن وسيلة المتفقهين: " اشتهر كون المرضعة حيّة لا ميتة، واستدلوا عليه بانصراف أدلة الرضاع إلى خصوص الحيّة، فان تمّ وإلا وصلت النوبة إلى الاصل اللفظي وهو إطلاقات الرضاع وإلا وصلت النوبة إلى الاصل العملي وهو أصالة عدم التحريم ". [1]

وبيانه:

أن التحريم يحتاج إلى دليل، نبحث اولا عن علم وقطع ويقين لا يوجد إلا ما ذكر في كشف اللثام من الاتفاق، هذا الاتفاق هو اجماع، فان كان اجماعا ادى إلى قطع برأي المعصوم (ع) أخذنا به، اما إذا لم يؤدي إلى قطع نعود حينئذ للعلمي – الظنون – التي هي خبر الواحد، الشهرة الفتوائية، الظن المطلق، القياس، الاستحسان، سد الذرائع، قول الصحابي، إلى آخره.

قالوا في اسباب التحريم:

     ان اللبن متنجس، فلا ينشر الحرمة، وهو مردود بصدق الرضاع.

     ان اللبن حرام، فلا ينشر الحرمة، والكلام فيه كالسابق.

     ان المأخوذ في الرضاع هو الحياة، وهذا مستنتج من قوله تعالى: " والمرضعات " " ارضعنكم ". وفيها اعتبار القصد، وبهذا تخرج الميتة عن الحاق الاحكام بها، فتصبح كالبهيمة. وهذا اقوى وجه لانصراف أدلة نشر التحريم عن المرضعة الميتة.

لا يقال: إن اعتبار القصد مردود بالنائمة والغافلة والمغمى عليها والساهية والمكرهة. فان الرضاع منها ينشر الحرمة بلا شك.

فانه يقال: هذا مردود بالدليل، وإلا لامكن اشتراط القصد. ومع سقوط القصد خصوصا مع ملاحظة الرواية: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فملاحظة الفرق بين الرضاع والارضاع، فيبقى اشتراط الحياة.

إلا أن يقال: إن هذا الانصراف، وهذا الاستنتاج من الآية هو بسبب كثرة الوجود والاستعمال، وهو سرعان ما يزول بالتأمل بعد صدق الرضاع. ولذا تردد المحقق في الشرائع ولم يقل بالتحريم. كذلك صاحب الجواهر الذي ذهب إلى اجراء أصالة الحل.

قال في الجواهر: بل في كشف اللثام لا حكم للبن الميتة بالاتفاق أيضا كما يظهر من التذكرة. ( و ) لكن في المتن مع ذلك ( فيه تردد )، ولعله مما عرفت ومن إطلاق أدلة الرضاع الذي يجب الخروج عنه بما عرفت، لا أقل من الشك، والأصل الحل. [2]

     نقل الاتفاق على التحريم، وقد نقله صاحب كشف اللثام. وقد عرفت ما في هذه الاتفاقات ونقلها فلا نعيد. قلنا ان الاجماع من اساسه ليس حجة وليس دليلا وهم اصل له وهو اصل لهم هذا حال المحصل، فما بالك بالمنقول؟!.


[1] وسيلة المتفقهين، السيد عبد الكريم فضل الله، ص294.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج29، ص296.