الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الرضاع.

- محاكمة تعبير صاحب الشرائع ومعه صاحب الجواهر.

- الكلام في سند الروايتين.

كان الكلام في تحقيق تعبير " عدم تحقق النسب لولد الزنى "، وقلنا ان ولد الزنى ولد عرفا ولغة وشرعا، ولا يجوز لك ان تقول هذا ليس ابني، نعم نشوؤه من حرام ، ولذا تقول: هذا ولد من حرام وهذا ولد من حلال، وكلاهما ولد. ونذكر بالقاعدة التي اسسناها وهي: " ان كل لفظ ورد في نص في رواية شرعي، هذا اللفظ يكون له المعنى العرفي أو اللغوي هو يكون بمعناه الشرعي مع كامل مدلولات لوازمه، ما كان عرفا يكون شرعا إلا ان يكون هناك دليل على خلاف ذلك " الحقيقة الشرعية والنقل هي التي تحتاج إلى دليل. لذلك ذهبنا إلى ان الجهة تملك، وذهبنا إلى ان يكون للمرأة مني.

ونعود للرواية التي استدل بها على حرمة نكاح ولد الزنى لانه من مائه ومائها فلا ينكح الانسان بعضه بعضا، كما ورد في بعض النصوص النافية لخلق حوا من آدم، سواء كان الخلق من نفس واحدة او من ضلعه، كان خلق حواء من آدم، المعنيان واردان.

ذكرنا امس الرواية وكان السند في (العلل) عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد ابن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن إبراهيم، عن عمار، عن ابن توبة عن زرارة. هذا السند مأخوذ من حديث اساسه حديث واحد يذكرونه " وروي مسندا عن زرارة " رواه الصدوق (ره) عن زرارة. الوسائل:

ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام ( في حديث ) قال: إن الله عز وجل خلق آدم من طين ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فقال آدم: يا رب ما هذا الخلق الحسن فقد " الذي قد خ " آنسني قربه والنظر إليه، فقال الله: يا آدم هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك، تكون تبعا لأمرك؟ فقال: نعم يا رب ولك بذلك علي الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله عز وجل: فاخطبها إلي، فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى الله عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شيء، فقال يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال الله عز وجل: رضاي أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك علي يا رب إن شئت ذلك لي، فقال الله عز وجل: وقد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها إليك. ورواه في (العلل) عن محمد بن الحسن، عن أحمد ابن إدريس ومحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن إبراهيم، عن عمار، عن ابن ثوبة، عن زرارة مثله. [1]

مع ملاحظة السندين نرى ان اسناد الصدوق (ره) إلى زرارة صحيح، ثم قال رواه في (العلل) علل الشرائع للشيخ الصدوق (ره) السند إلى احمد بن ابراهيم ( مردد، ولعلّه احد اصحاب الكاظم (ع) ثقة) عن عمار عن ابن ثوبة عن زرارة. نفس السند هنا هو نفس السند هناك لذلك هو عبارة عن رواية واحة مقطعة.

السند الاول: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة بن أعين، سند صحيح لا كلام فيه، وهو يختلف عن السند الثاني هناك مجال للكلام فيه واحتمال التوثيق او الاعتبار ممكن فيه.

نقول: هذه الرواية شيخنا الكريم انت كيف استدليت بها قلت في النص " لا ينكح بعضه بعضا "، قرأنا الجزء الاول من الرواية لا يوجد فيها عبارة " ينكح بعضهم بعضا " بل ذكر انه ابتدع له حواء، لا يوجد نكاح ولا مسألة بنين. وفي الرواية الثانية ذكرت كيف بدو النسل وان اصل هذا النسل من الاخوة والاخوات قال ابو عبد الله (ع) " من يقول؟! " هذا استنكار واستهزاء وتوهين لمن قال بان النسل من الاخوة والاخوات. هذه الرواية تذكر أن هذا العمل قبيح، لكن ان الله عز وجل بدأ خلقه من حرام صحيح لكن هذا لا يعني انه ينكح بعضه بعضا.

نعود لكلام صاحب الجواهر: ( و ) لكن ( هل يحرم على الزاني ) لو كان بنتا ؟ ( والزانية ) لو كان ولدا؟ ( الوجه أنه يحرم، لأنه مخلوق من مائه ). هذه الرواية لا تبين انه مخلوق من مائه، انت تستدل بهذه الرواية، ومتن الرواية لا علاقة له بالاستدلال، بل متن الرواية يقول ان هذا الامر قبيح وان بداية الخلق لا تتم هكذا.

صاحب الجواهر: لأنه مخلوق من مائه ومائها فلا ينكح الانسان بعضه بعضا، كما ورد في بعض النصوص النافية لخلق حوا من آدم ( و ) أيضا ( هو يسمى ولدا لغة ) والأصل عدم النقل، يعني هنا انه اعتبر الولد ولدا لغة، والاصل عدم النقل يعني ان الولد الشرعي ولد لغوي، نفس الولدية، يعنى انه انت اعتبرت ان هذا نسب شرعا. هناك تناقض بين هذا الكلام والكلام الاول انه " لم ينسب اليه شرعا ".

نعم ورد استنكار ان آدم لا ينكح بعضه بعضا، في المسائل، ج14، باب 28 تحريم الاستمناء، ح1، ص 267.

صاحب الجواهر: " ومناط التحريم هنا عندنا عليها "، المناط ما يدور الحكم حوله وجودا وعدما في مقام الاثبات. والفرق بين الملاك والمناط، ان الملاك هو ما يدور الحكم وجودا وعدما في مقام الثبوت، والمناط في مقام الاثبات. و" عليها " يعنى ان هذا ولد أي انه يحرم نكاحه.

يكمل صاحب الجواهر: والأصل عدم النقل، ومناط التحريم هنا عندنا عليها (أي عنوان الولدية)، كما اعترف به في كشف اللثام على وجه يحتمل أو يظهر منه الاجماع على ذلك، بل في المسالك أنه يظهر من جماعة من علمائنا منهم العلامة في التذكرة وولده في الشرح وغيرهما أن التحريم إجماعي، [2] نقول: ان التحريم موجود لصدق الولدية كما قال.

لذلك نقول: ان ولد الزنى ولد لغة وعرفا وشرعا، نعم بعض الاحكام خرجت.

أما الثمرة في صدق عنوان الولد وعدمه فهي أن كل حكم نشك فيه انه ثابت للولد، يثبت الحكم بصدق عنوان الولدية، ومع ثبوت العنوان تثبت كل الاحكام إلا ما خرج بدليل لان الاحكام تابعة لعناوينها.


[1] وسائل الشيعة، العلامة الشیخ الحر العاملي، ج14، ص2، باب1، أبواب مقدمات النكاح وآدابه، باب استحبابه، ح1، ط الاسلامية.
[2] جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ج29، ص256.