الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/08/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة والاقارب.

     تلخيص ما مرّ.

     الفرق بين نفقة الزوجة ونفقة الاقارب.

انتهينا من الكلام على نفقات البشر، نفقات الرجل على اقاربه وزوجته. وقلنا ان المشهور وهو ان النفقة الواجبة على الاقارب هي على الأب وإن علا والام وإن علت – على العمودين - والابناء وغن سفلوا، ولا تجب النفقة على بقية الاقارب كالأخوة والاخوال والاعمام، نعم يستحب له ذلك لوجود بعض الروايات في الاخوة والوارث الصغير، لكن لم نعمل بها عملنا بالروايات الحاصرة كـ " من الذي يجبر على نفقته؟ قال: الولد والوالدان والزوجة، وفي بعض الروايات المملوك ".

الزوجة يجب النفقة عليها في حال الزواج، اما عند الطلاق: يجب النفقة على الزوجة المطلقة طلاقا رجعيا، اما البائن فلا يجب عليها النفقة إلا إذا كانت حاملا. والمتوفى عنها زوجها سواء كانت حاملا او حائلا لا يجب لها النفقة. اما الزوجة التي بانت من غير طلاق كالمرتدة والملاعنة ليس لها نفقة، لكن هناك رواية صحيحة، باطلاقها تشمل البائن بدون طلاق ولها نفقة.

بقي مسألة من باب توضيح الافكار وهي: ما الفارق بين نفقة الزوجة ونفقة الاقارب؟

الفرق الاول: نفقة الزوجة تمليك ونفقة الاقارب سدّ خلّة:

اول فرق ذكر ان نفقة الزوجة تمليك ونفقة الاقارب سدّ خلّة وإمتاع وانتفاع، وهذا له ثمار. فان كان تمليكا تستطيع الزوجة ان لا تأكله بل تتصدق به او تبيعه أو غير ذلك من المنافع. اما وان كان انتفاعا وامتاعا ليس لها الحق بالتصرف بل تحتاج إلى رضى الزوج [1] . إذن مسالتنا اليوم اولا ان نفقة الزوجة تمليك او امتاع.

نفقة الاقارب سد خلّة اجماعا وليست تمليكا، اما الزوجة فقد قالوا وهو المشهور والمعمول به انه تمليك.

وما يمكن ان نتصوره دليلا على كون النفقة للزوجة تمليكا امور:

الامر الاول واهمها أن النفقة وإن كانت حقا على الزوج وقد ثبتت بالنص في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [2] لكن فيها شائبة العوضية، ففي عقد الزواج تبيح المرأة للرجل نفسها، في مقابل المهر والنفقة، وهذا المعنى لا يستبعده العرف، وقد ذكرنا سابقا اننا اسسنا قاعدة وهي أن استعمال الشارع لعنوان عرفي هو اعتراف به وبلوازمه ايضا إلا ما خرج بدليل، وهذا من اللوازم. نعم يبقى التردد في الصغرى – ان النفقة عند عرف الناس انتفاع وسد خلة او تمليك -. وهنا لا يبعد في النفقة ان تكون من باب التمليك، وإن كنا نشك في ذلك، إذ ليس من الواضح أن الناس يرون نفقة الزوجة تمليك لها أو سدّ خلّة واباحة وانتفاع.

إذن الدليل الاول غير تام.

ومنها: ما ورد في حديث شهاب ابن عبد ربه في ح 1 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عمن حدثه، عن شهاب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حق المرأة على زوجها؟ قال: يسد جوعتها ويستر عورتها ولا يقبح لها وجها فإذا فعل ذلك فقد والله أدى إليها حقها، قلت: فالدهن قال: غبا يوم ويوم لا قلت: فاللحم، قال: في كل ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك، والصبغ في كل ستة أشهر ويكسوها في كل سنه أربعة أثواب: ثوبين للشتاء وثوبين للصيف، ولا ينبغي أن يقفر بيته من ثلاثة أشياء: دهن الرأس والخل والزيت ويقوتهن بالمد فاني أقوت به نفسي وليقدر لكل انسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به، ولا تكون فاكهة عامة إلا أطعم عياله منها ولا يدع أن يكون للعبد عنده فضل في الطعام أن يسني لهم " ينيلهم " في ذلك شيء ما لم يسني " لا ينيلهم " لهم في سائر الأيام. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن نوح بن شعيب، عن شهاب بن عبد ربه نحوه. [3]

إلا أن الرواية ضعيفة سندا بالإرسال.

والشاهد في قوله (ع) : " وليقدر لكل انسان منهم قوته فان شاء أكله وإن شاء وهبه وان شاء تصدق به "

وهذه الآثار من الهبة والصدقة تقتضي التمليك، إذ لا هبة إلا في ملك، ولا صدقة إلا في ملك.

وقد يشكل عليها بان الهبة والصدقة حق لكل من تجب نفقته عليه.

إلا أن يقال: ان هذا العام مخصص بالدليل الدال على كون نفقة بقية الاقارب من باب سد الخلّة. فالنتيجة أنه من باب تقديم الخاص على العام فيحمل العام على الخاص.

ولا مانع من اجتماع عدة أمور في سياق واحد مع اختلاف الجهات.

غدا نكمل الدليل على أن نفقة الزوجة تمليك أو امتاع، وسنبين انه ليس تمليكا. وسنبين كلام السيد كاظم اليزدي وما فيه من اشكالات ونذكر بعض القواعد. ونكمل الدليل على التمليك.

 


[1] ذكرنا مسألة في اول بحث النكاح ان الاشياء التي تنثر في الاعراس، هذا المنثور تمليك أو انه منفعة وامتاع واباحة.
[2] سورة البقرة، آية 233.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص226، أبواب النفقات، باب2، ح1، ط الاسلامية.