الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

‌الموضوع : نفقة الزوجة.

     المتوفى عنها زوجها الحائل، الروايات متعارضة بإطلاقها.

     الجمع بينهما بالجمع التبرعي وسبب التسمية؟

     دليل حجية الجمع التبرعي وجوهره.

     رفع اليد عن السند اصعب من رفع اليد عن الدلالة؟

نفقة المتوفى عنها زوجها الحائل. وقلنا ان الروايات بإطلاقاتها متعارضة، كيف سنخرج من تعارض الاطلاقين: روايات بإطلاقها المتوفى عنها زوجها تقول ان لها نفقة، وروايات اخرى أيضا بإطلاقها في المتوفى عنها وزجها ظاهرة في أنه لا نفقة لها.

قلنا أن الاطلاق أصل لفظي أي انه امارة، والامارة ليست أصلا عمليا حتى نقول أن الاصل عدم النفقة لأصالة عدم الدليل، لا تصل النوبة إلى الاصل العملي.

فإذا تعارض الدليلان لا نصل إلى الاصل العملي، نأتي إما للتساقط أو للتخيير أو الترجيح. فإذا تخيرنا فالمختار من الدليلين امارة وليس اصلا عمليا، وإذا رجحنا ايضا هي امارة. في التعارض نأتي إلى باب الترجيح او الاحتياط أو التخيير. إذا قلنا بالتساقط نبحث عن دليل آخر على الحكم وقد يكون البراءة.

وتطبيقا لدرس الاصول في علاجات باب التعارض لا نأتي إلى علاجات باب التزاحم فلا نأتي إلى الاسبق زمانا ولا المشروط بالقدرة العقلية يقدم على المشروط بالقدرة الشرعية، ولا نقدم ما ليس له بدل على من له بدل.

علاجات باب التزاحم تختلف عن علاجات باب التعارض، وهنا في مسألتنا يوجد تعارض وهذا يعني ان هناك اطلاقان يتعارضان، ويعني ان هناك امارتان تتعارضان، فناتي إلى علاج باب التعارض.

وعلاج باب التعارض يكون:

إما برفع اليد عن الاطلاقين: الأول: المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها مطلقا، سواء كانت الحائل ام الحامل.

والثاني: المتوفى عنها زوجها بروايات اخرى لها نفقة مطلقا، الحائل او الحامل. هنا يوجد تعارض بين اطلاقين، وبرفع اليد عن الاطلاقين اصبح جمعا تبرعيا.

ولنكن منصفين مع صاحب " غوالي الالي " الجمع التبرعي شيء طبيعي وليس طرحا غوغائيا، طبيعة الناس عندما يتم حجية الخبر بأسناده، في الحديث الاول ثقة عن ثقة، وفي الخر الثاني الدليل ثقة عن ثقة فليس من السهل اسقاطهما. فإذا استحكم التعارض سنذهب إما للترجيح او للتخيير أو للتساقط على وجه، وفي باب التعارض علاج اولي وعلاجات ثانوية، العلاج الاولي هو التساقط على المشهور، والكلام في العلاجات الثانوية.

مع التساقط نسقط السندين. ومع التخيير اسقط احد الدليلين باختيار واحد، ايضا هذا صعب. ومع الترجيح ايضا اكون قد اسقطت احد الدليلين. لذلك الجمع التبرعي مسألة عمليا موجودة في تصرفاتنا، في حال عدم وجود دليل عليه لا من الظهور ولا من رواية اخرى ولا بوجود نص ولا من سيرة متشرعية، أو سيرة عقلائية معتبرة، أو غير ذلك من الأدلة.

الجمع التبرعي هو جمع بلا دليل لذلك سميّ تبرعيا، أي ما يتبرع به الفقيه من عنده، ولعلّ أفضل ما يمكن الاستدلال له هو:

دليل الجمع التبرعي:

ودليله هو صحة السندين فرفع اليد عن الدلالة اسهل من رفع اليد عن السند. الترجيح أو التخيير أو التساقط يعني رفع اليد عن السند.

ورفع اليد عن الاطلاقين هنا التي لها النفقة هي الحبلى والتي لا نفقة لها هي الحائل انتفى الاطلاق، يعنى الظهور في الدلالة والظهور في الاطلاق ارفع اليد عنه، فيدور الامر بين رفع اليد عن حجية السند أو رفع اليد عن حجية الظهور، فأيهما افضل؟

الذي يقول بصحة الجمع التبرعي، يقول أن رفع اليد عن حجية الظهور أسهل من رفع اليد عن حجية السند. إذا قلنا هنا يرد الجمع التبرعي، لذلك ادعى صاحب " غوالي الالي " الاجماع على الجمع التبرعي.

إذن جوهر الحمل التبرعي ان حجية السند اقوى من حجية الدلالة، التساقط أو التخيير أو الترجيح يعني سقوط حجية السند ورفع اليد عنه، واما الجمع بينهما بتقييد هذا الدليل و تقييد هذا الدليل يعني رفع اليد عن الدلالة عن الاطلاق، ورفع اليد عن السند اصعب من رفع اليد عن الاطلاق لأنه يؤدي إلى إسقاط الدليل من رأس فيقدم حينئذ، وهذا هو اصل الجمع التبرعي.