الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

     اكمال أدلة من قال باشتراط التمكين في وجوب النفقة.

نكمل الكلام في سقوط النفقة بالنشوز، ونكمل أدلة من قال بوجوب النفقة بالتمكين.

الوجه الخامس: أن العقد يوجب المهر ولا يوجب النفقة لان النفقة مجهولة فالموجب لها التمكين.

وفيه: أن النفقة بأمر الشارع لا باقتضاء التمكين فلا يرتبط أحد الامرين بالآخر.

ثم ان هذا الدليل يرتكز على كبرى وهي إن كل مجهول لا يكون موضوعا لحكم، وهذه مسالة ذكرت في العقود، وفيها تفصيل بين المجهول المطلق فيقع الكلام في انطباق قاعدة الغرر حيث ورد: " نهى النبي عن بيع الغرر" وايضا ورد : " نهي النبي عن الغرر " أي مطلقا. وبين المجهول الاجمالي، وفيه كلام. وايضا الكلام في الصغرى وهي أن النفقة من المجهول؟ مع ملاحظة أن الكبرى غير مسلّمة مطلقا. كذلك الكلام في المهر، هل تنطبق عليه احكام الكبرى، وهل هو دين محض؟ ومع مجهولية الأجل هل يصح؟ ووجوه تخريجه؟

الوجه السادس: إن مقتضى الاصل البراءة عن وجوب النفقة وانما نخرج من مقتضى الاصل في صورة التمكين فيبقى الباقي.

وفيه: انه لا تصل النوبة إلى الاصل مع وجود الدليل وقد قام الكتاب والسنّة على وجوب النفقة.

الوجه السابع: الاجماع، قال في الجواهر: " وكيف كان فغاية ما ذكروه دليلا لذلك أن اشتراط هذا الشرط معروف بين الاصحاب بل كاد يكون إجماعا مع انا لم نقف على مخالف فيه صريحا [1] ولا ظاهرا إلا ما ربما يستفاد من تردد المصنف [2] واستشكال الفاضل في القواعد وهو بمجرده لا يوجب المخالفة مع تصريح الاول بأن اعتباره هو الاظهر بين الاصحاب بكلمة الجمع المفيد للعموم الظاهر في الاجماع، ونحوه شيخنا الشهيد في المسالك " إلى آخر كلامه زيد في علو مقامه فعلى هذا هل يمكن الجزم بتحقق الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم (ع) ؟

ونحن قلنا في الاجماع انه لا كبرى ولا صغرى، ولكن ليس من السهل مخالفة الاجماع.

الوجه الثامن: السيرة العملية بتقريب: أن السيرة جارية على الانفاق في صورة عدم التمكين.

وفيه: اولا: الاشكال في تحقق السيرة من المتشرعة.

المتشرعة كمتشرعة، لان السيرة إذا لم يكن اساسها ومنشؤها شرعيا لا تكون سيرة متشرعة في الاصطلاح، بل سيرة عرفية في عرف خاص أو عرف عام او سيرة عقلائية، وحينئذ تحتاج إلى تقرير المعصوم.

وثانيا: على فرض تحققها يكون الاشكال في استمرارها إلى زمان المعصوم، فتحصل ان الاشتراط المذكور مشكل والله العالم بحقائق الامور وعليه التوكل والتكلان. [3]

غدا ان شاء الله نكمل الكلام في اشكال ذكره احد الطلبة الاعزاء.

 


[1] تذكير: قلنا ان هناك ترتيب في التعبيرات عن اتفاق لكلمات الفقهاء: اولا: بلا خلاف ثم بالاتفاق ثم اجماعا ثم تسالما ثم ضرورة ثم بداهة. هذه التعبيرات تدل على قوة الاتفاق ومدى كشفها عن رأي المعصوم. ثم هذه الاصطلاحات ليست مراعاة دائما في جميع كتب الفقه. لكن الأمر كم ذكرناه إجمالا.
[2] صاحب الشرائع المحقق الحلي عندما قال: " وفي وجوب النفقة بالعقد او بالتمكين تردد ". قد يقال ان هناك من يقول بوجوب النفقة بالعقد. وكلمة " تردد " ليست صريحة في وجود مخالف، قد يكون " تردد " علمي مجرد الإشارة إلى وجهين في المسألة، وليس ترددا عمليا بمعنى ان هناك من يقول بالخلاف.
[3] مباني منهاج الصالحين، ج10، ص295.