الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

     الدليل على السقوط: قاعدة تبادل الحقوق.

     هل وجوب النفقة بالتمكين؟

الدليل الثالث على سقوط النفقة بالنشوز: إن قاعدة تبادل الحقوق التي ذكرناها تؤدي إلى ذلك فقد قصّرت معه بإعطائه حقه، فيحق له أن لا يؤديها حقها، من باب أن العقود تتضمن تبادل الحقوق، والدليل عليها هو نفس الآية: ) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ( [1] فان نفس الأمر بالوفاء بها كما يدل على لزوم الوفاء بنفس العقد كذلك يدل على لزوم الوفاء بآثاره، ومن الآثار العرفية جواز الفسخ عند عدم الوفاء بالشرط، وهذا ما يسمّى بخيار الشرط. وهذا الأثر وإن لم بذهب إليه الفقهاء في عقد النكاح إلا أنه في خصوص عقد النكاح وقد أمضاه كل الفقهاء في بقيّة العقود.

ومن الآثار أيضا عدم وجوب الوفاء بالحقوق عند عدم وفاء الطرف الآخر بما عليه. وهذا أثر عقلائي أي سيرة العقلاء عليه، بل هو أثر يحكم به العقلاء [2] . ومع عدم ورود مانع منه من قبل الشارع، فلا بد من الذهاب إليه.

وهذا الموقف يشمل كل العقود بما فيها عقد الزواج، لأن القدر المتيقن من الخروج عنه هو خصوص حق الفسخ للطرف الآخر صاحب الحق، أي خصوص سقوط خيار الشرط في عقد الزواج فلا يصح فيه الفسخ طبعا لو تمّ ذلك – لاننا لا نقول به، بل نذهب من الناحية العلمية الفقهية إلى جواز الفسخ للطرف الآخر، وإن كنا نحتاط فيه عمليا -.

وبالتالي يحتمل أن تكون هذه السيرة العقلائية من عدم وجوب الوفاء بالحق عند تقصير الطرف الآخر في اداء الحقوق الواجبة عليه هي المدرك للإجماع، وإن لم أجد من يصرّح بذلك.

رابعا: ان النفقة تجب بالتمكين، لا بمجرد العقد، ولذا فمع عدمه تسقط النفقة.

وهو كلام وجيه لو كانت النفقة تجب بالتمكين ولكنه محل كلام بل منع. يقول المحقق الحلي في الشرائع: " وفي

 

وجوب النفقة بالعقد أو بالتمكين تردد أظهره [3] بين الاصحاب وقوف الوجوب على التمكين ". [4]

ولننقل الكلام إلى هذه المسألة: هل تجب النفقة بالعقد أو بالتمكين؟

ان شاء الله غدا سنرى دليل من قال بان النفقة تتم بالتمكين ومن قال انها بالعقد. وسنميل إلى ان النفقة تكون بالعقد لا بالتمكين.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] سورة المائدة، أية 1.
[2] لاحظ المعاهدات في الدنيا كلها، وعبر التاريخ، فإذا لم يلتزم أحد الطرفين بما عليه يكون عدم التزام الطرف الآخر مبرّرا بين الناس. ويقول المؤرخون أن من اسباب فتح مكّة هو أن المشركين قد نقضوا العهد مع رسول الله (ص) وذلك بقتلهم بعض الانفار من خزاعة أحلاف رسول الله (ص). وقد ذكر ذلك السيد الوالد المقدّس في كتابه سيرة الرسول وخلفائه. ج4، ص7.
[3] الفرق بين اظهره واشبهه: إذا كان نتيجة قواعد يقال اشبهه. واذا كان نتيجة استظهار من الروايات نقول اظهره.
[4] شرائع الاسلام، المحقق الحلي، ج2. ص569.