الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     هل تسقط نفقة الزوجة بالنشوز أو لا؟

     هل المراد من النشوز هو العرفي؟

     هل توجد حقيقة شرعية للنشوز؟

     هل منع الحقوق مطلقا يؤدي إلى النشوز؟

     الحقوق الثلاثة: الحق الشرعي والحق العرفي الخاص، والحق العرفي العام.

     ارتكاب المعاصي وسوء الخلق مما لا يعني خصوص الزوج هي من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشامل لكل الناس.

ذكرنا ان النشوز معناه لغة العلو، وهنا معناه الاستعلاء لانه ليس هناك علو حقيقي بين انسان وآخر الا بالتقوى. [1]

نعود للنشوز، فالنشوز هو الاستعلاء بهذا الاستعلاء تمنعه من حقوقه، لذلك الذي نفهمه من النشوز هو منع الحقوق وليس مطلق الاستعلاء وإلا إذا كان مطلق الاستعلاء يؤدي إلى نشوز وكان له الحق حينئذ ان يمنعها النفقة. مثلا عادتها ان تحضر له الماء فإذا لم تحضره تكون ناشزا في نظر بعض الاعراف، إذا اخذنا الآية : ﴿ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾ [2] إذا اخذنا كلمة نشوز بإطلاقها تشمل كل انواع التعالي ومنها التعالي العرفي، كلمة نشوز عرفية وليست اصطلاحا ولا حقيقة شرعية، فهل كل ما استعلت فيه صار نشوزا فتسقط نفقتها؟

وإذا لم يكن المراد مطلق النشوز العرفي فما المراد فيه في الآية؟ إذن مسألتان:

الاولى: مفهوم النشوز هل هو شرعي أو عرفي؟

الثاني: هل النشوز يشمل كل الامور التي تنتج عن الاستعلاء. وهي ثلاثة: منع الحق الشرعي، ومنع الحق العرفي الخاص، ومنع الحق العرفي العام ( أي حسن الخلق معه).

أما المسألة الاولى وهو: هل يوجد نقل شرعي للنشوز؟ أي هل توجد حقيقة شرعية؟

سأذكر بمسألة وهي أن المفهوم قد يكون عرفيا والشارع يتدخل في افراده. من قبيل الزواج فهو مفهوم عرفي لكن الشارع قال: نكاح الشغار باطل بالرغم انه كان نكاحا بين الناس. عندما يتدخل الشارع في الشروط او الاجزاء او الاسباب فهذا لا يعني تدخلا في المفهوم، مفهوم الزواج واحد في الدنيا كلها عند كل الاديان المسيحي النصراني اليهودي والسيخية الهندوس والكافر والمؤمن وغيرهم، الشارع تدخل بالسبب أو بالشرط في تحقق الزواج، التدخل في السبب لا يعني إرادة تغيير في المفهوم، المفهوم هو واحد وهنا نفس الشيء النشوز له مفهوم والمراد من النشوز هنا المفهوم العرفي ولو شككنا أجرينا أصالة عدم النقل، فإذا اخذناه على اطلاقه يشمل عدّة أمور.

النشوز معناه التعالي وهو ما يؤدي إلى عدم اعطاء الحق، ولم يثبت نقل من الشارع، فلا توجد حقيقة شرعية، إن القرآن كان يتكلم مع الناس: ﴿ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾ ولما لم يبيّن حمل اللفظ على معناه العرفي. لكن أي حقوق؟ الشارع تدخل في الحقوق والتدخل في الحقوق ادى إلى تطبيق خاص للنشوز فصار عدم تقديم الماء ليس نشوزا لانه ليس من حقه. هناك حقوق حددها الشارع التي هي الحقوق الجنسية – التمكين – وغير التمكين ليس له حق عليها وغيره يحتاج إلى دليل كعدم خروجها من بيته، نعم الامور الخلقية ليست مسألة حقوق فإذا كانت على غير خلق فهي والاجنبية سواء له من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس من باب الحقوق.

هل إذا المرأة فعلت شيئا غير صحيح من قبيل الشتم وغيره، هل له ان يؤدبها يعاقبها من باب الحق له او من باب الامر بالمعروف من باب الاجنبية؟ هل تعتبر ناشزا؟

هناك ثلاثة حقوق: حقوق شرعية وهناك حقوق عرفية عام الاخلاقية، وهناك حقوق عرفية خاصة. أما الانحرافات المسلكية الاخرى ومنها ارتكاب المعاصي، فليست من شأن الزوج وحده، بل تكون الزوجة حينئذ كالأجنبي بالنسبة للزوج، ويكون التعامل معها من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلنر ايهما واجب وايهما غير واجب. ايها يؤدي إلى نشوز وايها لا يؤدي إلى نشوز؟


[1] محاولة تخريج الزواج المثلي هو تفلسف: ان الدنيا عبارة عن جنس واحد يتشكل في رجل وامرأة كالأبيض والاسود وليس هناك جنسين، لذا فليكن هناك رجل وامرأة يتزوجان ومثلان يتزوجان رجل ورجل وامرأة وامرأة فلسفة اسست لتبرير الزواج المثلي وان كان لا اصل حقيقي لها بل هي تركيب طرابيش أو " كلاوات ". نقول لا ان هناك جنسان وهناك مساحة مشتركة لكن هناك امور يختلف الرجل عن المرأة فيها ولذلك تأتي الاحكام طبيعيّة، الامور المشتركة احكامها مشتركة سواء في المعاملات وفي العبادات وفي العقود والايقاعات، كشرب الماء حلال للجميع، فالاقسام المشتركة لها احكامها والاقسام التي يمتاز الرجل عن المرأة له احكامه والمرأة عن الرجل لها احكامها.
[2] سورة النساء، آية 34.