الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     روايات الأمر بالصلة الشاملة لهم جميعا بإطلاقاتها.

     اهميّة الروايات بمسلكنا.

كان الكلام في سقوط نفقة الزوجة بالنشوز، وبعد التذكير بالفرق بين الهجر والهجران والمعنى اللغوي للهجر وأن هجر الزوجة مقيّد بالمضاجع، وهنا يطرح سؤال: في غير المضجع هل يحق له ان يهجرها فلا يسلم عليها ولا يكلمها؟ ثم سؤال آخر وهو: ما الحدود الزمنية للهجر؟

الهجرة في غير الضجع هناك عمومات بعدم جوازها لها ولغيرها لكل مؤمن ومسلم، صلة المؤمنين والناس واجبة وسنبين الروايات. هل له الحق أن يهجرها بغير المضجع اثناء النهار؟ هذا له ثمرة انه إذا كان يكلمها ويسلم عليها قد لا يفي بغرض الهجران، فهل هو مقيّد بزمن؟

الهجرة في المضجع كونها مخصصة لتلك العمومات غير مقيدة بزمن، الهجرة في المضجع قيدها هو عندما اقطع واعلم بان الهجرة لا تنفع حينها انتقل إلى المرحلة الثالثة وهي الضرب. أما إذا قطعت ان الهجرة لا تنفع استطيع ان ابدأ بالمرحلة الثالثة. موضوع الهجرة في المضجع هو احتمال التأثير وليس لها زمن.

اما الهجر في غير المضجع فسقفه ثلاثة أيام، فلا يحق لك ان تقطع أخاك. انما اذكر هذا الكلام لأنه هناك جهة مسلكية مهمّة، بعضنا قد يخاصم الاخر فيقاطعه. وسأستطرد قليلا لبيان مسألة هجر الناس، سنقرأ بعض الروايات التي تأمر بالصلة، وبعض الروايات المقابلة التي تأمر بالقطيعة مع من يخالف حدود الله مثلا: لاعب الشطرنج ولاعب النرد وشارب الخمر لا تسلم عليه ولا تكلموه.

إذن هناك روايات بوجوب الصلة مع الناس وبإطلاقها تشمل المؤمن الفاسق وغيرهما، وهناك روايات بقطع الصلة مع بعض العناوين، كيف نجمع بينهما؟ [1] الروايات من الطرفين كثيرة جدا.

ذكرنا امس الحديث الرابع: ح 4 - محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألا أبا عبد الله صلوات الله عليه عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممن لا يعرف الحق، قال: لا ينبغي له أن يصرمه. [2]

من حيث السند: حميد بن زياد من الثقات روى أكثر الاصول. والحسن بن محمد بن سماعة " واقفي " ثقة، الرواية معتبرة موثقة.

من جهة الدلالة: كلمة: " لا ينبغي " لا تدل على التحريم، والقدر المتيقن المرجوحية والكرهة، وليست ظاهرة في الحريم. ثم إن قوله " ممن لا يعرف الحق " مطلق شامل لكل من كان كذلك: مسلما كان أم غيره، معاندا أم مستضعفا.

و ح 8 - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث المناهي قال: ونهى عن الهجران، فمن كان لا بد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، فمن كان مهاجرا لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به.

من حيث السند: في الرواية شعيب بن واقد والحسين بن زيد. فهي غير معتبرة.

من حيث الدلالة: واضحة في التحريم لأن الجزاء النار.

و ح 10- وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث الا وبرئت منهما في الثالثة قيل: هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال: ما بال المظلوم لا تصير إلى الظالم فيقول: أنا الظالم حتى يصطلحا. [3]

من حيث السند: معتبر الحديث صحيح.

من حيث الدلالة: اتمنى ان تنتشر هذه الحلة بيننا. هذه الروايات تدل على الحث على الصلح وحرمة الهجران والقطيعة.

انما ذكرت هذه الروايات لما فيها من موعظة لنا، انتم طلاب بحث الخارج بعضكم فضلاء، وانتم أحد أهم عناصر التوجيه للمجتمع وانتم الرمز والعلماء والفضلاء وخصوصا ان المجتمع لحد الآن هناك من يحترم العمامة، والعمامة رمزيتها انه من يلبسها فقد تلبس بالعلم والفضل والفضيلة والاخلاق والزهد والتقوى والورع. لذلك الناس تحترم العمامة ليس لأنها شكل مميّز، بل لما ترمز إليه من معان سامية. اذكر أن احد العلمانيين من بعض الاحزاب السياسية قال لي: انتم علماء الدين تلبسون لبسا مميّزا حتى يفرض الاحترام على الناس، من باب الهيبة، لان التميّز في اللباس وغيره يصنع شيئا من الهيبة.

فكان الجواب: ان حالة الاحترام والهيبة ليس لأنه متميّز عن غيره في اللباس، وإلا فالمحامي لباسه مميز، والطباخ كذلك، وغيرهم، انما هذه العمامة اكتسبت هيبتها من تراكمات انجازات العلماء ولابسيها عبر السنين في العلم والعطاء والتقوى والدين والوقوف في وجه الظالم، آمال واحلام الناس كان العالم يجسدها، كان ملجأ وموئلا، فحينما يكون الانسان على هذه الحال يفرض احترامه، اما الآن فشياطين الأرض يحاولون تحطيمها وتحطيم هيبتها وقداستها بطرق متعددة، منها من خلال بعض المفردات.

غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] فائدة: عندما يتعارض دليلان هناك: تقييد أو تخصيص ( جمع عرفي بالمعنى الاعم)، أو حكومة أو ورود أو جمع عرفي بالمعنى الاخص الذي يشمل تقديم النص على الظاهر وتقديم الأهم على المهم، ويشمل الجمع التبرعي بناء على حجيته، والجمع الشرعي والعرفي. إذا لم توجد واحدة من هذه الامور استحكم التعارض.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص585، تحريم هجر المؤمن بغير موجب وكراهته بعد الثلاث معه، واستحباب المسابقة إلى الصلة، ح4، باب144، ط الاسلامية.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج8، ص586، تحريم هجر المؤمن بغير موجب وكراهته بعد الثلاث معه، واستحباب المسابقة إلى الصلة، ح8 و ح10، باب144، ط الاسلامية.