الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     مقدار نفقة الزوجة.

بعد التذكير بما مرّ نعود للاحتمال الثالث.

الاحتمال الثالث: وهو الانفاق عليها بالحد الأدنى من الحياة الكريمة من دون تخصيص بما ذكر.

ذكرنا الامر الاول.

اما الامر الثاني: الوجدان والفطرة البشرية: إذ بناء على عدم وجوب أي شيء عدا الاطعام والكسوة معنى أن المرأة وقعت عقدا بالتنازل عن حريتها وكرامتها خصوصا في زمننا هذا حيث لا يوجد بيت مال للمسلمين ينفق عليها، وكأن الاسلام استغل اضطرارها للزواج ليجعلها كالأمة عند الرجل، للأنس واللهو والانجاب. ومن هذا القبيل: إذا طلقت زوجة ولها من العمر سبعين سنة وكانت كل عمرها تخدم الزوج وترعى الاولاد، إذا طلقت وقد يكون مهرها بسيطا ولا تستطيع ان تعمل ولا يوجد بيت مال للمسلمين يغطي حاجاتها وهكذا ... فماذا نفعل؟ عدم وجود بيت المسلمين خلق لنا ازمة فكرية واجتماعية ومسلكية، وهذه الحاجات يجب ان تسدّ من باب الحسبة، نعلم ان هذه الامور لا يمكن ان يتركها الله عز وجل، هناك علم قطعي موجود بعدم جواز إهمالها، ماذا نفعل؟

لذلك بعضهم يقول اننا نسجل نصف البيت لها او نصف ثروة الرجل إذا وقع الطلاق ونتدخل في شروط الطلاق. اما في مسألتنا هي عليها ان تعيش حياة كريمة، وإذا كان لا يوجد بيت مال للمسلمين ونقطع بان هذه الامور لا يتركها الله عز وجل. اقول لكم انه ولا أي امرأة تتزوج فقط للطعام والشراب والجلوس في المنزل. مع ان الله جعل فيها المحبة والغرائزية والحنان والرحمة والعطف والكثير من حاجات الرجل. فتصبح كالأسيرة وخصوصا على قول من يقول انه لا يجوزان تخرج إلا بإذن زوجها على نحو الاطلاق، وانا اقول ان هذا الكلام " لا تخرج الا بإذن زوجها " له معنى آخر وهو التالي: وهو بمعنى ان لا تدير ظهرها له، أي ان للرجل كيانا محترما في البيت، هذا معنى ان لا تدير ظهرها له ولا يعني ان تكون في الأسر الكامل وحسب مزاجية الرجل مطلقا. لذلك حتى الرواية التي وردت في الزوج الذي منع زوجته من زيارة بين والدها ومرض والدها ومات الوالد. ذكرنا ان هذه حالة خاصة جدا ومتن الرواية على ذلك، ففي الرواية عهد للزوج على ان لا تزور والدها، هذا يعني ان هناك مشكلة خاصة فيها، وإلا هل يعقل ان امرأة مات والدها تمنع من حضور جنازته والزوج مسافر ولا توجد هناك حقوق زوجية ولا غيرها من الحقوق الخاصة للزوج، لذلك بعض الفقهاء الجدد يقولون ان هذه الرواية عهدها على راويها للخروج من الاشكال. نقول ان هذه مسألة خاصة جدا وليست قاعدة عامة، ولعل الرواية صحيحة، وفي نفس الوقت لا يجوز لنا أن ننجرّ إلى ضغوط وسائل الاعلام والعلمانيين في أية مسألة، بل نتبع الدليل لكن باجتهاد صحيح، فنحن اتباع الدليل. ولذلك قلنا في مسألة الواقفة أني احتمل كونها حالة أمنيّة لأجل ابقاء الامام (ع)، وهذا الاحتمال ينفي ان تكون مسألة الوقف خدش في الشخص او في السند كما بيّنا مفصلا.

نعود لمسألتنا في حال عدم وجود بيت مال للمسلمين وهذه من الامور الحسبية التي نعلم ان الله عز وجل لا يرضى عن السكوت عنها، ماذا نفعل في هذه الحالة؟. والحياة الكريمة لعلّه قد تكون مطلوبة بالروايات، لكن الانصاف ان نقول إن القدر المتيقن من الروايات الدالة على وجوب النفقة هو خصوص اشباع بطنها وستر عورتها والباقي على بيت مال المسلمين، الروايات والنصوص لا تدل إلا على هذا الذي هو القدر المتيقن والانفاق الزائد من باب الاستحباب.

غدا ان شاء الله نبيّن الاحتمال الرابع والمقادير الخاصة.