الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاولاد:

     الروايات التي يمكن جعلها على إثبات وجوب النفقة على العمودين.

     علاج التعارض والتنافي.

نكمل الروايات الدالة على وجوب النفقة على العمودين:

ومنها: ح 9 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: من الذي أجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير. [1]

وفي ح 10 - ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ ونحوه. أقول: حمله الشيخ على الاستحباب وجوز حمله على عدم وارث آخر. [2]

من حيث الدلالة: محل الشاهد انه في غير العمودين يجب النفقة على كل وارث صغير. [3]

إذن يقع التنافي بين روايات الدالة على الوجوب وتلك الدالة على العدم.

فأما التي دلت على عدم الوجوب فهي ح 2و ح3و ح5 من الوسائل ج 15 باب 11 ص 236.

ح 2 - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد. الحديث.[4]

3 - وعنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من الذي أجبر عليه وتلزمني نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن عبد الله ابن المغيرة مثله. ورواه الصدوق في (الخصال) عن أبيه ومحمد بن الحسن عن محمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى مثله. [5]

ح 5 - وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن الحكم، عن العلا بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان والولد والزوجة. [6]

من حيث السند: معتبر وفي حيلولة.

هذه الروايات الثلاثة تدل على عدم وجوب النفقة على غير العمودين.

والروايات التي دلت على الوجوب على العمودين، فهي ح 4و ح10.

ح 4 - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اتي أمير المؤمنين عليه السلام بيتيم فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد ابن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن ابن فضال، عن غياث. أقول: هذا محمول على الاستحباب لما مر. [7]

والحديث العاشر الذي مرّ اول الدرس.

هنا وقع التعارض بين الروايات (الادلّة)، فإذا امكن التخلص من التعارض بطريقة الجمع الظهوري وليس الجمع الامكاني فيها، لان الظهور حجة دون التبرع [8] ، وهنا إذا استطعنا ان هذه الروايات ان نحملها على الاستحباب ارتفع التعارض والتنافي، فيجب على العمودين النفقة فقط ويستحب على غير العمودين ان ينفق.

وقد حمل صاحب الوسائل وغير الروايات الدالة على الأمر بالنفقة على غير العمودين على الاستحباب او على عدم وجود وارث آخر.

وإذا لم نحمل على امر آخر كالاستحباب او على عدم وجود وارث آخر، واستحكم التعارض.

علاج التعارض:

يمكن حمل روايات الأمر بالنفقة على الاستحباب، وبهذا يرتفع التعارض، لكن لحنَ خطابِ رواية غياث بن ابراهيم يأبى ذلك حيث إنه يعلل وجوب الأخذ بأكل الميراث: " خذوا بنفقته اقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه ". هذا التعليل وكانه اصرار انه يجب عليه، هناك نوع من اللحن الالزامي نوع من الاشعار.

لكنه اشعار لا يصل إلى مرحلة الظهور، الظهور هو الحجة، اما الاشعار والاحتمال والانس الذي لا يصل مرحلة الظهور لا يكون دليلا وليس حجة. ولعلّه من هنا وبملاحظة الروايات المسقطة للوجوب ذهب الاصحاب إلى حمل الرواية على الاستحباب أو محامل أخرى.

ثم إنه لو استحكم التعارض فالظاهر تقديم روايات عدم وجوب النفقة على غير العمودين لكونها أشهر والعمل عليها أكثر، وعددها أكبر مما يؤدي إلى رجحان أقربيتها إلى الواقع.

إذن عند التعارض ماذا نفعل؟ قيل بالترجيحات – خذ بأفقههما خذ بأشهرهما إلى آخره - وانا اذهب إلى ما ذهب اليه الشيخ الانصاري (ره) عند التعارض نأخذ بالأقرب إلى الواقع كما درسنا ذلك في الأصول، وما ورد من الروايات: افقههما واشهرهما إلى آخره فليس سوى تطبيقات لهذه المصاديق. فإذا قلنا بان الاقرب إلى الواقع هو المأخوذ به عند التعارض، وانا اجد ادلة عدم وجوب النفقة على غير العمودين اقرب للواقع لأنها اشهر واكثر عددا والعمل عليها. فإما نحمل على الاستحباب او نقدم روايات عدم وجوب النفقة على غير العمودين أو أن نذهب إلى ترجيح روايات عدم وجوب النفقة مع الاحتياط الإستحبابي بالنفقة بملاحظة الروايات المثبتة للنفقة المرجوحة.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص224، أبواب النفقات، ب1، ح9، ط الاسلامية.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص225، أبواب النفقات، ب1، ح10، ط الاسلامية.
[3] لعلّ التعبير بالصغير من جهة عدم إمكان تحصيله للمعيشة غالبا.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص237، أبواب النفقات، ب11، ح2، ط لاسلامية.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص237، أبواب النفقات، ب11، ح3، ط الاسلامية.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص237، أبواب النفقات، ب11، ح5، ط الاسلامية.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص237، أبواب النفقات، ب11، ح4، ط الاسلامية.
[8] استطراد: ان السيد ابي المكارم بن زهرة نقل الاجماع على حجية الجمع التبرعي حين لا يصل إلى مرحلة الظهور. نقول: وان استنكروا على السيد ابي المكارم إلا ان الجمع التبرعي اكثرهم يعملون به. عمليا عند حصول التعارض يقولون ان هذا يحمل على الاستحباب وهذا يحمل على بعض الافراد وغير ذلك، وغيرها من التخريجات غير الظاهرة. كل هذه تبرعات واستحسانات. غالب الفقهاء يعملون بهذا الجمع، نرى ذلك في كتبهم في محاولة لإعطاء حق أدلة العمل بالروايات وعدم رميها. نعم في الاصول لا يقولون به كنظرية، اما عمليا فاكثرهم يعمل به.