الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاولاد

     شروط المنفق.

بعد الكلام عن شروط المنفق عليه نشرع في شروط المنفق:

في المنفق سواء كان الأب أو الجد أو الأم، شرط واحد وهو القدرة على الانفاق، وهل يجب على الأب التكسب لتحصيل نفقة الولد والاقارب، كما وجب التكسب للنفقة على النفس والزوجة؟ وجهان:

وجه عدم وجوب التكسب ما يستفاد قوله تعالى: ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾[1] . ولم يقل: فليتكسب، مع ظهور السعة في السعة الفعلية، وادعاء ظهور: " من قدر عليه رزقه" بالرزق القليل الذي لا يكفي مؤونة العيال والمأمور به حينئذ هو إعطاء شيء مما رزقه الله فعلا، وإن لم يكن كافيا، وألاية لم تأمر بالتكسب لأتمام المؤونة. والظاهر أن الآية في مقام بيان وجوب الانفاق بما استطاع.

لكن مع عدم الدليل والشك في وجوب الانفاق فالأصل البراءة من وجوب التكسب لأنه شك في التكليف.

دليل من قال بوجوب التكسب: إن الأصل لا يجري مع الدليل [2] ، والدليل هو صدق عنوان الغني على القادر على التكسب في العرف والشرع ولهذا تكون القدرة من مصاديق " مما آتاه الله "، وقد آتاه الله القدرة على التحمل، والنفقة واجبة على الغني.

وفيه: إن القادر على التكسب مع عدم وجود المال بين يديه لا يعتبر غنيا عرفا ولا شرعا، أما عرفا فلأن الناس يصفونه بالفقر بسبب الكسل، فيقولون: هو فقير ولكن " من إيدو " كما في العامية. وأما سرعا فلا دليل على اعتباره غنيا. نعم لا يجب إعطاؤه نفقته، وهذا شيء آخر غير صدق عنوان الغني. فان الناس تقول عن ذي المرّة السوي القوي ذي الحرفة ولكنه كسول لا يعمل، تقول عنه إنه فقير وتذمه على ذلك، ولا يجيزون إعطاءه النفقة.

ثم إنه استدل ايضا على وجوب التكسب بوجوب دفع أجر الرضاع، مع وحدة المناط بين الرضاع وغيره من النفقات، واسقاط خصوصية الرضاع.

الدليل الثالث على وجوب التكسب: استدل بإطلاق وجوب الانفاق، والتكسب مقدمة للإنفاق فيجب كمقدمة عقلية.

وفيه: قلنا بان مقدمة الواجب ليست واجبة شرعا، ولكن قلنا بان التكسب واجب كمقدمة عقلية، فلو لم ينفق عليه لأثم، نعم المقدمة لا تجب شرعا ولكنها تجب عقلا، ولذا فعند عدم التكسب يأثم بعدم النفقة، لا بعدم التكسب.

غدا ان شاء الله نتكلم في تراتبية المنفق.

 


[1] سورة الطلاق، آية 7.
[2] عند الشبهة الحكمية: علم، علمي، اصل لفظي، واصل عملي. مع وجود الاصل اللفظي لا يجري الاصل العملي، ومع وجود الدليل لا يجري الاصل اللفظي.