الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاولاد

     نفقة الولد والوالدين.

هل يسقط الوجوب في المسألة السابقة من دون اهانة؟

ذهب السيد الخوئي (ره) في المنهاج إلى عدم السقوط، يعنى انه لا يجب على الولد ان يأخذ من الحق الشرعي بل يجب على الوالد ان ينفق عليه، ولعلّ وجهه انه محتاج، ومجرد القدرة على أخذ الحقوق الشرعية لا يوجب صدق عنوان الغني عليه. وإذا شككنا في ذلك نستصحب بقاء فقره، وإذا شككنا في جريان الاستصحاب تجري أصل البراءة من وجوب النفقة على الاب لأنه شك في التكليف.

في النهجية العامة اولا نبحث عن ثبوت الموضوع وصدق العنوان عليه، فإذا صدق عليه لفظ الغني " عنوان الغني " سقطت النفقة لان الاحكام تابعة لعناوينها، وإذا كان محتاجا تبقى النقفة. فإذا شككنا انه غني او محتاج تأتي مرحلة الاصول العملية. فإما ان نستصحب بقاء حاجته فيجب على الاب الانفاق، وإذا شككنا في جريان الاستصحاب تأتي البراءة يعني: هل يجب على الاب الانفاق على ابنه؟. شك في التكليف، ومع الشك في التكليف فالأصل البراءة. [1]

وفيه: ان القدرة على تحصيل الحق الشرعي هي قدرة على تحصيل الغنى، وكل قدرة تخرجه عن عنوان الفقر، سواء كان المال مقابل عمل أم كان من الزكاة والخمس. ولا أرى فرقا بينهما طالما ان الولد من موارد الزكاة والخمس، وبعد خروجه عن عنوان المستحق وهو الفقير، وبعد ثبوت عنوان: " القوي المكتسب " يسقط وجوب النفقة.

     هل تسقط النفقة عن الاب مع البذل خارجا:

الظاهر السقوط، لان المراد من النفقة هو سدّ الخلّة والحاجة كما تشير إليه عبارة " ذلك انهم عياله لازمون له " في الحديث الذي ذكرنا أمس. والعيلولة هي نفقات لسدّ الحاجة والخلّة، لا لمجرد الانفاق.

ذكر في باب الحج في الاستطاعة إذا بذل لك احدهم نفقة الحج، فهل يجب عليك ان تقبلها فتصبح مستطيعا؟

صاحب الشرائع المحقق الحلي (ره) له تفصيل يقول: إذا كان البذل اعطي من باب الصدقة لا يجب عليه قبولها. - الصدقة فيها نوع من الشفقة لست مستعدا لقبولها – اما إذا اعطيت من باب الهدية – والهدية تكريم وتعظيم وتودد – يجب عليه قبولها. نعم إذا اعطيت من باب الهبة ما هو حكمها؟ هذا التقسيم جميل، المال بذاته لا قيمة له ولا اعتبار، لكن الاعتبار بلحاظ كيفية الاعطاء، وجهة الاعطاء والله العالم.

     هل يشترط في المنفق عليه عدم القدرة على الاكتساب:

استدل على هذا الشرط بأمور:

     الاجماع وعدم الخلاف.

وفيه: أنه مدركي ناشئ من معنى الفقر العرفي المأخوذ في موضوع الوجوب.

     الروايات: مستدرك الوسائل: ح2: غوالي اللآلي عن النبي (ص) قال: لا تحلّ الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب.

     من حيث السند: السند ضعيف بالإرسال.

من حيث الدلالة واضحة.

لا يقال: الظاهر من " لقوي متكسب " هو المكتسب فعلا لا قوة، كما ظاهر القضايا الحملية. [2]

فانه يقال: المراد منه ما كان بالقوة بقرينة قوله (ع) قبله " لا تحل الصدقة لغني " إذ المكتسب بالفعل غني.

ح3: دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد (ع) عن ابيه عن أبائه (ع) عن رسول الله (ص) انه قال: لا تحلّ الصدقة لغني إلا لخمسة: عامل عليها أو غارم وهو الذي عليه الدين، أو تحمل بالحمالة ( الدية والغرامة، كما في لسان العرب ح 11 ص 180 ) أو رجل اشتراها بماله، أو رجل اهديت له. [3]

غدا ان شاء الله نكمل الروايات الصحيحة القوية على عدم جواز القدرة على الاكتساب .


[1] فلو فرضنا ان هناك استصحاب وبراءة، شك في تكليف الاب فالمجرى البراءة، وشك في ثبوت عنوان الفقر فنستصحب بقاء الموضوع وهو الفقر. يقدم الاستصحاب على البراءة لان الاستصحاب كموضوع. موضوع البراءة هو وجوب التكليف على الاب، وموضوع الاستصحاب هو فقر الولد، نعم فقر الولد موضوع لأصل البراءة المتعلق بالأب. ومع تعارض الاصل الموضوعي مع الاصل الحكمي، يقدم الاصل الموضوعي على الاصل الحكمي، تقديم السبب على المسبب.
[2] في حاشية المنطق للملا عبد الله بحث مسألة ان موضوعات القضايا الحملية مأخوذة على نحو الامكان كما عند الفارابي، او على نحو الفعلية كما عند وابن سينا.
[3] مستدرك الوسائل، ميرزا حسين النوري الطبرسي، ج7، ص109.