الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: وسائل اثبات النسب. 
- مناقشة رواية طلحة بن زيد سندا ودلالة. 
- الادلة على حجية شهادة الصبي المميّز.
   في الروايات ما في الكافي: ح 1 -  علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيوب الخزاز قال: سألت إسماعيل بن جعفر متى تجوز شهادة الغلام، فقال: إذا بلغ عشر سنين قال: قلت: ويجوز أمره؟ قال: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة فإذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته. [1] 
  يقول الحر العاملي بعد ذكره الرواية أقول: قول إسماعيل ليس بحجة، واستدلاله هنا ليس بصحيح كما لا يخفى. انتهى المهم في كلامه رفع مقامه.
  ومراده من الاستدلال بغير الصحيح هو قياس الغلام على البنت البالغة عشر سنين كعائشة والبطلان من جهة بلوغ البنت تسع سنين وعائشة قد بلغت عشر سنين أي كانت امرأة بلغت مبلغ النساء.
 لذلك هناك اشكال في المتن وفي السند.
  وفي بعض التعليقات ان الدافع لابي أيوب الخزاز أن يسأل إسماعيل بن جعفر هو لبيان عدم أهليته للإمامة.
  الرواية الثانية ما ورد في الوسائل: ح6 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهلهم. [2]
   أما من حيث السند: في السند طلحة بن زيد، يقول عنه الحر في خاتمة الوسائل: طلحة بن زيد، عامي المذهب إلا أن كتابه معتمد، قاله الشيخ. وقال في موضع آخر إنه بتري ونقلهما العلامة. 
في رجال الباقر والصادق (عليهم) الخزرجي
-شهير في العامة ذكره البخاري وابو حاتم الرازي ووصفاه بالشامي القرشي.
-العامة لم يذكروا انه يروي عن الامام الصادق (ع)
-العامة اجتمعت على توهينه ووصفه بالمنكر الحديث والضعف. وصفه أحمد بن حنبل بانه يضع الحديث.
- تعرضهم له بالسوء ليس بسبب التشيع ولا برواياته عن الصادق (ع).
-  ورد في اسانيد كامل الزيارات ضمن السند وليس على رأسه حيث روى عنه محمد بن يحيى الخثعمي.
 -   ورد في اسانيد تفسير علي بن ابراهيم القمي، لكنه ورد عن غير علي بن ابراهيم.
  إذن إلى هنا طلحة ليس ثقة، لكن معتبر سوى ما ورد انه ورد في اسانيد كامل الزيارات.
 السيد الخوئي (ره) يعبّر عن الرواية انها معتبرة، ولعلل اعتباره لها بسبب ورودها في اسانيد كامل الزيارات على مبناه المشهور عنه والذي قيل انه تراجع عنه. وحسب المعلومات عن طلحة ليس هناك من دليل وسبب لتوثيقه فيكون ضعيفا، إلا وروده في اسانيد كامل الزيارات.
 نعم له كتاب معتمد وهذا مهم جدا بحسب ما نقل الشيخ الصدوق (ره)، والسيد الخوئي (ره) لم يكن يعتبر اشتهار الاعتماد على الكتاب دليلا على وجوب العمل بالكتاب.
 ونحن بحسب ما بنينا عليه وذكرناه في البحث عن روايات الكافي، فعندما يقول الشيخ الصدوق (ره) انه اخذ هذه الاحاديث من كتب عليها المعوّل واليها المرجع، هذا الكلام يشير إلى الكتاب مهم. اما الشيخ الطوسي (ره) يقول بتعبير تبنيناه، قال في العٌدة عند بحثه حجية خبر الواحد: والذي يدل على ذلك اجماع الفرقة المحقّة على العمل بهذه الاخبار التي رووها بتصانيفهم ودونوها في اصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه حتى ان واحدا منهم إذا افتى بشيء لا يعرفونه سألوه من اين قلت هذا، فإذا احالهم إلى كتاب معروف أو اصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الامر في ذلك وقبلوا قوله.
  ذكرنا هذا النص للشيخ الطوسي وقلنا ان هناك نقطتين: الاولى: أن نقل الشيخ الطوسي (ره) عن حس وليس عن حدس، وإلا كان اجتهاده حجة عليه وليس علينا.
الثانية: أن يكون الكتاب معروفا معتمدا، وأن يكون راويه ثقة لا ينكر حديثه. قلنا غننا لا نأخذ بالرواية الموجودة في الكتاب إلا بهذين الشرطين.
 إذا طبقنا هذين الامرين على رواية طلحة بن زيد، نجد ان طلحة كتابه معتمد، لكن هو نفسه لم يوثق، الخاصة لم يوثقوه وابناء العامة ذمّوه. لذلك هذه الرواية عندنا تسقط عن الاعتبار، فلا تقاوم الروايات الاخرى التي وردت في عدم حجية شهادة الصبي المميّز.
 لكن اعتبرها الكثيرون ولو قلنا بعدم السقوط كما عند السيد الخوئي (ره).
ومن حيث الدلالة، فإن تدل على اعتبار شهادة الصبيان بشرط بقائهم مجتمعين في نفس المكان.
 لذلك اعتبر المحقق الحلي شروطا ثلاثة حيث قال: والتهجّم على الدماء بخبر الواحد خطر، فالأولى الإقتصار على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة. بلوغ العشر، وبقاء الاجتماع، إذا كان على مباح .
 هذه الرواية تعارض صحيحة محمد بن حمران ح 2 من نفس المصدر: سالت .... عن شهادة الصبي ؟ قال : لا يأخذ بكلامه إلا في القتل ..... ويأخذ بأول كلامه.
فاطلاق عدم اعتبار شهادة يعارض باعتبارها مع الاجماع، ومقتضى صناعة الالفاظ – حمل المطلق على المقيّد - ان يجمع بينهما ويؤخذ بالقدر المتيقن وتصبح النتيجة هكذا لا حجية لشهادة الصبي إلا بشرطين: بقاء الاجماع وفي خصوص القتل.
  واشكل عليه بعض الفقهاء كالسيد الخوئي (ره) بأنه يصبح فردا نادرا.
 ولكن نقول: لا مانع من ذلك، فان قبول الشهادة في الدماء خطير، وهو من قبيل اشتراط الشاهد في الزنا ان يراه كالميل في المكحلة. وهذا بدرجة كبيرة من صعوبة التحقق.
  غدا نكمل ان شاء الله.




[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج7، باب – شهادة الصبيان، ح 2، ص 388 .
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 18، باب 22- ما تقبل فيه شهادة الصبيان قبل البلوغ،  ص 253، ح6، (ط اسلامية).