الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: اثبات النسب، أقل الحمل وأقصى الحمل.

أقصى الحمل:

المشهور هو تسعة اشهر، وقيل عشرة، وقيل سنة. وأما أكثر من سنة فلا قائل به عند الإماميّة وإن وردت فيها رواية حملت على التقية كما في الوسائل: ح 15 - وبإسناده (محمد بن الحسن الطوسي) عن سلمة بن الخطاب " عن إسماعيل بن إسحاق خ "، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر، وأكثر ما تحمل لسنتين. أقول: هذا محمول على التقية. [1]

من حيث السند، " غياث " وهو التميمي الاسدي البصري لأنه الوحيد الذي يروي عن الصادق (ع).والرواية ضعيفة بسلمة بن الخطاب لم يوثّق.

وفي الجواهر: " (أن لا يتجاوز أقصى الوضع ، وهو تسعة أشهر على الأشهر) بل المشهور، بل عن ظاهر الإسكافي والطوسي في المبسوط والخلاف إجماعُنا عليه " . [2]

واما العشرة أشهر، فلم أجد فيه نص، ونقله في الجواهر عن الشيخ (قده) في محكي المبسوط. والظاهر من العلامة الحلي في إرشاد الأذهان كون أقصى الحمل عشرة أشهر. حيث يقول في كتاب النكاح للشيخ الانصاري (ره)، وهو تعليق من الشيخ على إرشاد الأذهان: المطلب الثالث : في أحكام الأولاد. من بلغ عشرا فما زاد و [ إن ] كان خصيا أو مجبوبا، ثم ولد له ولد بالعقد الدائم، بعد الدخول قبلا أو دبرا، ومضيّ ستة أشهر من حين الوطء إلى عشرة، لحق به ولم يجز له نفيه [3] ، ولا ينتفي عنه إلا باللعان.

ولو لم يدخل، أو جاء لأقل من ستة حيا كاملا، أو لأكثر من عشرة، أو كان له دون عشر سنين، أو (الظاهر اضافة الهمزة) كان خصيا ومجبوبا لم يلحق به، ولا يجوز له إلحاقه به، ولو جاءت به كاملا لأقل من ستة أشهر من طلاق الأول فهو للأول، وإن كان لستة أشهر فللثاني. [4]

كتاب النكاح للشيخ الاعظم، طبعة مؤتمر الشيخ الاعظم ص 489. إذن من العلامة (ره) ذهب إلى أن أقصى الحمل عشرة أشهر. لكن الدليل على العشرة لم نجده رغم انه محكي عن العلامة والشيخ.

أما السنة فقد وردت فيها روايات: اولا: كصحيح عبد الرحمان بن الحجاج، أخذ بها في المسالك، وثانيا: استصحب هو وغيره إمكان الحمل لما بعد سبعة أشهر بعد عدم ثبوت روايات التسعة. ثالثا: لصدق عنوان السنة.

وإذا اردنا ان نرتب الادلة حسب الترتيب المنهجي للاستنباط، يكون الدليل الاول الروايات، فإن تّمت فبها، وإلا فصدق السنة أصل لفظي، وإن تمّ فبها، وإلا نرجع للاستصحاب كأصل عملي.

لكن نقول: إن روايات التسعة فيها الصحيح وهي أكثر واشهر فلا تقاومها الروايات الاخرى، وتحمل كلمة سنة على التسعة، نظير حمل الحول على احدى عشر شهرا في الزكاة، ولا مانع من ذلك.

ولا بأس بذكر ما عند ابناء العامة: يقول الشيخ محمد جواد مغنيّة (رحم) في كتابه الفقه على المذاهب الخمسة: " أقصى مدة الحمل عند السنّة: قال أبو حنيفة: أقصى مدة الحمل سنتان، لقول عائشة، ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين.

وقال مالك والشافعي وابن حنبل: أربع سنين، مستندين في ذلك إلى أن امرأة عجلان كان الحمل يمكث في بطنها أربع سنين، ومن الغريب أن امرأة ابنه محمد مكث الحمل في بطنها أربع سنين، بل نساء بني عجلان جميعهن يحملن أربع سنين وللَّه في خلقه شؤون.

وهذا الاستدلال إن دل على شيء فإنما يدل على قداسة هؤلاء الفقهاء، وطيب نياتهم، وكثيرا ما يغلب منطق القداسة منطق الواقع.

وقال عباد بن عوام: أقصى مدة الحمل خمس سنين. وقال الزهري: سبع سنين، وقال أبو عبيد: ليس لأقصى الحمل حد.

ويترتب على هذه الأقوال المتناقضة المتضاربة أنه لو طلقها أو مات عنها الزوج، ولم تتزوج بعده، وأتت بولد لحقه بعد [5] سنتين عند أبي حنيفة، وبعد أربع عند الشافعي والمالكي والحنبلي، وبعد خمس عند ابن عوام، وبعد سبع عند الزهري، وبعد عشرين عاما عند أبي عبيد.

وقد كفانا التشريع المصري محاكمة هذه الأقوال فقد كان العمل بمحاكم مصر الشرعية على مذهب أبي حنيفة الى أن صدر القانون رقم 24 سنة 1929، فنصت المادة 15 منه على ان أكثر مدة الحمل سنة فقط ". [6]

إلى هنا ننتهي من مسألة اقل الحمل واقصى الحمل ونرجع الشروع إلى الحاق الولد بابيه وأمه في عالم الاثبات وبعد الانتهاء من العلم نبدأ بالاماراتDNA ، الميتوكندي – المتقدرات-، ثم القيافة، ثم وزن الحليب هل هو دليل على تعيين الولد؟، القرعة، البيّنة.

غدا ان شاء الله نكمل ذلك.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص118، أبواب أحكام الاولاد، باب17، ح15، ط الاسلامية.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج31، ص224.
[3] باعتبار انها مدخول بها وقاعدة الولد للفراش. وخصوصا إذا قلنا ان الوطء قبلا كالوطء دبرا، وقلنا ان هذا لا نسلّم به كآثار شرعية للوطءين.
[4] ارشاد الأذهان، العلامة الحلي، ج2، ص38.
[5] كان من المفروض أن يقول الشيخ مغنيّة: عند السنتين بدل بعد، وهكذا عند الاربع سنين بدل بعد، وهكذا بقيّة الآراء.
[6] الفقه على مذاهب خمسة، محمد جواد مغنية، ج2، ص363. الشيخ محمد جواد مغنية كان يعمل تقرييا اكثر من ستة عشر ساعة وذلك بعد تقاعده وعاد إلى النجف الاشرف، كان دؤبا رغم كبر سنّه، ويتتبع المسألة إلى الاخر.