الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان:  ثبوت النسب، الاستنساخ
-من هو الأب؟
-من هي الأم؟
قلنا أن الاستنساخ جائز وليس هناك أي دليل على التحريم، وما ذكروه لا يؤدي إلى محصّل، ويبقى من هو الأب ومن هي الأم؟.                         
 نذكر بتقنيّة عمليّة الاستنساخ وهي عبارة عن خليّة كاملة، وهو أخ بل شقيق لك، والفرق بين الشقيق والاخ أن الشقيق يكون من الأم والأب أما الأخ فمن الأب أو من الأم. في الخلية المأخوذة 23 كروموزوم من الأب و23 كروموزوم أو الصبيغيات من الأم.
  من هو الأب؟: اتصور أن لا أحد يناقش بأن الأب هو صاحب 23 كروموزوم، وإن توهم كثير من قبل اصحاب الاختصاص والاطباء أنه لا أب له، نقول: أن لكل علم مجاله، فمجال البيولوجيين هو تقنية العملية وكيفيتها. أما الجواب عن السؤال من هو الأب؟ فشأنه شأن اللغويين والفقهاء.
 أما الأم: في الاستنساخ اخذنا الخليّة من أي أنسان واردنا أن ننتج منها شبيها له، نأخذ النواة التي تحتوي على الكروموزومات الوراثية وافرغنا بويضة ثانية من النواة، ونزرع النواة الاولى في السيتوبلاسم – الإطار الذي يحضن النواة - للخلية الثانية، بعد هذه العملية يؤخذ ويوضع في رحم امرأة اخرى. وقلنا أن الوالدة هي من كانت عن نتاج حقيقي، فيتحصّل أن أصبح لدينا ثلاث منتجات حقيقيات: الاولى: صاحبة النواة. الثانية: صاحبة السيتوبلاسم. الثالثة: الحامل صاحبة الرحم. من الممكن ان يكون المنتجات واحدة نظريا لكن عمليا لم يحصل ذلك.
 وقلنا أن الأم هي الاساس فالوالدة هي التي من تنتج نتاجا طبيعيا حقيقيا لا لفظيا، فتكون النتيجة انه لديه ثلاثة أمهات.
والاحتمالات في المسألة يمكن ان تكون ستة: الأم هي الحامل، ما ذهب اليه السيد الخوئي(ره). الثاني: الأم صاحبة البويضة. الثالث: الأم صاحبة السيتوبلاسم. الرابع: تعدد الامهات. الخامس: لا أم له. السادس: ان يكون المجموع كلهم بان يكون كل واحدة جزء المفهوم. أي من احتمع العناوين الثلاثة: صاحبة الكروموزومات، وصاحبة السيتوبلاسم والحامل.
·أما كونها هي الحامل فنفس الاستدلالات التي وردت في طفل الأنبوب من الآية، والروايات، والعرف، وصدق الوالدة. يرد هنا ونفس الحواب بان الحامل ليست هي الأم، والولادة هي ما كانت عن نتاج طبيعي.
·أما انها صاحبة البويضة، هنا قد يقال: ان 23 كروموزوم الخلايا الوراثية هي التي تؤسس الانسان والتي اخذناها من احد الاخوة الذي نريد ان ننتج له شبيها. تكون هذه هي الأم والاساس إذا قلنا أن الولادة بمعنى النتاج الطبيعي، لأنها أدت إلى نتاج حقيقي، لكنها لا تنفي الأمهات الاخريات.
· أما صاحبة السيتوبلاسم، الحزام الحاضن، بلا شك أن له أثر لكنه نوع من التغذية كالرحم وليس له أثر في تكوين - الإنسان كما يقال إلى الآن من قبل الاختصاصيين -. فلا تكون هي الأم.
 ومما يدل على أن الأم هي صاحبة النواة الروايات المعتبرة  سندا، وهي واضحة دلالة، التي ذكرناها " تعتلج النطفتان في الرحم فإن كانت نطفة المرأة اغلب جاء الولد يشبه اخواله [1]"، فإذن الخال هو أخ المرأة التي لها أثر في الشبه، والتي هي صاحبة الكروموزومات. ونفس الكلام الذي ذكرناه من أن اخواله عام مضاف يفيد عموم الاخوال، نعم المراد بيان وجه الشبه لكن بلازم المراد نستطيع ان نقول: أن الذي يؤثر في الشبه هو الخال حصرا، ومع وجود قضية سالبة تكون مقدّمة مقيّدة لإطلاق الآية.
 لانه قد يقال: بناء على ان الولادة هي مطلق ما كان عن نتاج طبيعي، ففي قوله تعالى: ﴿ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ ﴾[2]وولدنهم هي كل نتاج حقيقي طبيعي، وصاحبة السيتوبلاسم نتاج طبيعي وحقيقي، وصاحبة الرحم ايضا نتاج حقيقي وليس اعتباريا، وصاحبة النواة الصبيغيات نتاج حقيقي. فلو أخذنا الآية بدون الروايات لامكن أن يقال أن الثلاثة أمهات، ويمكن ان يكون أكثر تبعا للاكتشافات العلميّة كما سنرى. لكن لما اعتبرنا سند الروايات ووثقنا علي بن ابي حمزة البطائني، وزيد الزراد، وادّت هذا الروايات دلالة على أن الأخوال هم اخوة المرأة الحاملة للصبيغيات والتي هي الأم. وقلنا أن الموجب لا يقيّد المطلق الموجب، الآية موجبة والروايات موجبة فالروايات لا تقيّد إطلاق الآية. لكن قلنا انه بلازم المراد نستفيد قضيّة ثانية وهي ان من ليست صاحبة الصبيغيات ليست أما باعتبار أن الشبه للصبغيات، فليس لها أثر في الشبه من خلال الخال.
 بهذه القضية السالبة المستنبطة وبلازم المراد الذي لا يشترط أن يكون مقصودا، نقدّم السالب على الموجب من باب تقديم المقيّد على المطلق، فتنتج القضية الجديدة وهي أن صاحبة الصبيغيات هي الأم حصرا.
وباختصار: ان الشبه يأتي من خلال الصبيغيات، على ذلك تكون الصبيغيات هي التي تحدد الأم دون غيرها فالبقية سواء السيتوبلاسم او الرحم الحامل مجرّد مغذي وله أثر يؤثر في الطباع كما في الكثير من الروايات، ولكن ليس له الاثر التأسيسي. ولذا يحتاج إثبات أمومته إلى دليل.
 إذن الأم صاحبة الصبيغيات إلا في حالتين:
الاولى: أن يكون للسيتوبلاسم أثر في التكوين أيضا.
الثاني: أنه مع تطور العلم قد يؤخذ من كل صبيغية جين وراثي معين لصفة معيّنة، وجين وراثي آخر وتجمع هذه الجينات لننتج منها أخا. نعم هذا يمكن أن يكون ويصبح للأخ المنتج أكثر من أم.
 إلى هنا نكون قد انهينا مسألة الاستنساخ،
والنتيجة ان ما يثبت به النسب هو: العقد الشرعي وقلنا انه من الضرورات. ووطء الشبهة يثبت النسب. وولد  الزنى ولد ثبت نسبه، لكن الشارع تدخل في احكام الارث ولم يتدخل بعنوان الولدية. تكون الولد بغير الوطء الشرعي، كرواية المساحقة.
  النتيجة لهذه جميعا: الأب هو صاحب 23 كروموزوم والأم هي صاحبة 23 كروموزوم.
  بعد ان انتهينا من عالم الثبوت بقي لدينا بحث مقام الاثبات مثل البيّنة  أو القطع، وهل يثبت الولد بالقيافة، وهل يثبت بفحص  DNA  ؟. 


[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج57، ص340، ط دارالاحیاء التراث.
[2] مجادله/سوره58، آیه2.