الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: المؤيدات لكون أن صاحبة النطفة هي الأم.
-الكلام في توثيق موسى بن اسماعيل.
-عدم اعتبار كتاب الاشعثيات. 
  نعود للتوثيقات شبه العامة لأنه من باب توثيق الجهة: 
4 -   قال ابن طاووس عنه أن سند الكتاب "عظيم الشأن "  ذكره في إقبال الأعمال ج 1 ص 28. وموسى بن اسماعيل من ضمن السند، والعلامة تبعه على ذلك، وهذا من التوثيقات وإن كانا من المتأخرين.
 وقد يقال بأن توثيق المتأخرين  كابن طاووس والعلامة لا قيمة له لأنه عن حدس.
 أما اعتبار المتقدمين لانهم قريبين جدا والنجاشي يقول أن توثيقاته أخذها من كتب الرجال، يعني نقلا وليس حدسا. لكن الإنصاف: هل كل ما ذكره النجاشي في توثيقاته حسي؟ هو لم يصرّح بذلك، وكان يعبر بالأخذ  في بعضهم " ذكره أصحاب الرجال " او " ذكر فلان في رجاله "، وليست كل توثيقات كذلك. وذكرنا الكتب الرجالية التي ذكرت ان ما بين الحسن بن محبوب والشيخ الطوسي (ره) لعلّه اكثر من مائة وعشرين كتابا في علم الرجال، هذه الكتب كانت موجودة ولم يبق منها إلا القليل وكانت بين ايديهم وينقلون عنها، كان نقلهم عن حس.
بعبارة اخرى: إن بعض توثيقات المتقدمين حسيّة، لكن لا دليل على كون جميعها كذلك. وبذلك يظهر ما في كلام السيد الخوئي (ره) عند رده على الطريحي (ره).
 هذه القاعدة سنتكلم عنها، هل هناك فرق بين القدماء والمتأخرين؟ بلا شك كلما ازداد التأخر كلما خف الاطمئنان برأي القائل لان اتكاله على حدسه يزداد.
هناك سؤال: هل كل ما ذكره القدماء من التوثيقات كان حسيا؟
 وملخصا نقول: ليس هناك نص واحد من القدماء انفسهم انهم لم يتكلوا إلا على الكتب والنقل، حتى القدماء عندهم حدس، نعم الكثير من توثيقاتهم عن نقل، اما ان جميع توثيقاتهم عن نقل ليس بتام، مثلا ما بين زرارة وبين النجاشي اكثر من ثلاثمئة سنة ولم يكن معاصرا له ولم يعاشره، يكون هذا النقل عن حدس وليس عن حس. هذه المسألة تحتاج إلى بحث وتدقيق. وذكرنا رد السيد الخوئي (ره) على كلام الشيخ الطريحي الذي ادعى أن توثيقات النجاشي والطوسي حدسية، ولم نوافق على ذلك على نحو الكلية، يمكن ان يكون على نحو الجزئية، والسبب الاساس لذلك لأنه ليس هناك من صرّح من القدماء بان كل توثيقاته عن حس، نعم ذكروا بعض الاشارات          
5-  ابن الغضائري بعد أن إتّهم الديباجي بالوضع يقول: لا بأس بما يروي عن الاشعثيات. فهو يسلِّم بالاشعثيات
6- عَمِل في كامل الزيارات بهذا الإسناد ابن قولويه. لان بعضهم اعتبر ان مجرد وقوع الاسم في أسناد كامل الزيارات كان توثيقا، من باب التوثيقات العامة، نتيجة ما ذكره ابن قولوية بنفسه بان ما أخذ هو من الثقات.  
 لكن قيل في كامل الزيارات لا دليل على هذا التوثيق لأن القدر المتيقن منه هو المباشر أي اول راو دون غيره من الواقعين في السند.
7-   الحاكم النيسابوري من كبار علماء ابناء العامة متوفى سنة 400 في المستدرك ذكره وخرّج أحاديثه.
إذن لا دليل على توثيق موسى بن إسماعيل، وإن كانت النفس تميل إلى ذلك مع كثرة هذه المؤيدات.
 يقول السيد الخميني (ره) في الكتاب: وكنا نعتمد على هذا الكتاب في سالف الزمان إلا أنا رجعنا عنه أخيرا، لأن في سند الكتاب موسى بن إسماعيل ولم يتعرّضوا لوثاقته في الرجال فلا يمكن الإعتماد عليه.
  أقول: قد يؤيد عدم الإعتماد هذا: إن المؤلف وهو إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) قد رواه عنه ابنه موسى وهو كتاب فيه ألف رواية. ومن غير المألوف أن لا يرويه غيره، وكأنّ الإمام موسى الكاظم (ع) قد اصطفى ابنه به.
 لو قيل إنه روايات متناثرة جمعها إسماعيل عن أبيه (ع) لكنه لم يذكر الكتاب الكبير المكتوب المؤلّف من قبله إلا لابنه موسى؟ فإنه يقال: هذا ممكن ولكنه أمر مستبعد.
  يقول ابن عبد الله بن عدي [1]: فدخلنا عليه – محمد بن محمد بن الاشعث – وطلبنا منه الكتاب فكان يخرجه إلينا بخط طريّ على كاغد جديد فيها مقاطيع.  وكأن هذا نوع من الطعن.
 لكن الإنصاف: أن رجلا جليلا له موقع اجتماعي كبير، فهو حفيد الكاظم (ع) ولو نظرنا إلى الظرف الزماني فقد كان في زمن سلطة بني العباس، وكان سلاطينهم يخافون من ائمة أهل البيت (ع) وذلك لانهم يرونهم منافسين حقيقيين لهم، فإن الناس يحترمونهم ويقدرونهم كثيرا، وموسى بن اسماعيل هذا هو من أهل هذا البيت، وقد أقام بمصر أربعين سنة ولم يرد فيه قدح أو ذمّ مما يؤدي إلى اطمئنان باستقامته. هذا كله بالإضافة إلى ما اوردناه من مؤيدات لوثاقته، ومنها توثيق العلامة وابن طاووس (ره) ضمن سند.
النتيجة: ان هذا الكتاب الجعفريات أو الاشعثيات الذي اعتبره البعض لا نستطيع اعتباره ونشكك به ونتوقف عنده.
ولا باس بإضافة ما ذكره النوري في مستدركه ج 1 ص 35 و (الذهبي في الميزان) و (ابن عدي عبد الله ).
قال: عن أبو عبيد الله الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي (ع) اخو الناصر كان موسى جاري في المدينة أربعين سنة ما ذَكر قط أنه عنده شيء من الرواية لا عن أبيه ولا عن غيره.   
  وسنذكر كلام صاحب الجواهر في الكتاب، وهو لا يعمل به ويسقطه عن الاعتبار. يقول: في مسألة عدم جواز اقامة الحدود إلا للمجتهد المطلق: وأغرب من ذلك كله استدلال من حلت الوسوسة في قلبه بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع، وإجماع ابني زهرة وإدريس اللذين قد عرفت حالهما، وببعض النصوص الدالة على أن الحدود للإمام عليه السلام خصوصا المروي عن كتاب الأشعثيات لمحمد بن محمد بن الأشعث بإسناده عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام " لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلا بإمام " الضعيف سندا، بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل ليس من الأصول المشهورة بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحته من أصحابنا [2]، بل لم تتواتر نسبته إلى مصنفه [3]، بل ولم تصح على وجه تطمئن النفس بها، ولذا لم ينقل عنه الحر في الوسائل ولا المجلسي في البحار مع شدة حرصهما، خصوصا الثاني على كتب الحديث [4]، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي وإن ذكرا أن مصنفه من أصحاب الكتب إلا أنهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإن تتبعه وتتبع كتب الأصول يعطيان أنه ليس جاريا على منوالها فإن أكثره بخلافها، وإنما تطابق روايته في الأكثرية رواية العامة إلى آخره.  [5]
 إذن صاحب الجواهر (ره) لم يعتبر هذا الكتاب.
 أما نحن ان شاء الله غدا الدرسي سنبيّن ذلك، وملخصا نقول اننا سنميل إلى عدم اعتبار الكتاب وإن اعتبار السند.


[1]كان عند بعض ابناء العامة نوع من اتقان الحديث لكن اصول  الحديث كانت خطأ لأنه كان يعيش في جوه الخاص، لكنه بعد هذه الاصول كان يحاول ان يبحث ويدقق، فقصد بشخصه محمد بن محمد الاشعث، وهذا من باب الاتقان، إذ لم يكتف بإرسال رسول.
[2]حكمه هنا عن الكتاب، وقلنا انه يمكن ان يكون عظيم الشأن سندا، لكن نحن اسقطنا الكتاب. ملخصا: إلى الآن تحدثنا عن الكتاب، ووثقنا محمد بن محمد الاشعث، ونميل إلى توثيق موسى بن اسماعيل. والعلامة يقول ان السند عظيم الشأن. ولكن هناك وجه لإسقاط الكتاب وأن كان السند صحيحا    .
[3] هذه هي النقطة التي سنتحدث عنها غدا. وهي من قال ان هذا الكتاب الذي هو بين ايدينا  هو من تأليف اسماعيل وهو كتاب الاشعثيات الحقيقي؟ ووقد يكون كتاب آخر دسّ فيه أو تمّ استبداله. وهذا كان يحدث كثيرا، وقد ورد " لعن الله المغيرة بن سعيد لقد دسّ في كتب اصحاب ابي ". يدسون في كتب أهل البيت احاديث الغلو حتى يبغضهم الناس. السيد الخميني (ره) اسقط الكتاب لاجل موسى بن اسماعيل. نحن لن نعتمد  الكتاب لا لأجل ضعف موسى بن اسماعيل، بل لان الكتاب الذي بين ايدينا لم يثبت كونه كتاب الاشعثيات الحقيقي، أو يحتمل ان لا يكون الاشعثيات الصحيح، بل كتاب آخر مستبدل، ولم يثبت نسبة ما بايدينا إلى موسى بن اسماعيل على نحو الاطمئنان
[4]حيث كان ديدن المجلسي الحرص على الاتيان بالكتاب الثابت نسبته إلى صاحبه.
[5]جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج21، ص 398.