الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: المؤيدات لكون صاحبة النطفة هي الأم.
-بحث بعض المسائل الرجالية أو الحديثية ومنها كتاب الجعفريات.
الرواية التي وردت كتأييد وردت في الجعفريات.
كتاب الجعفريات ألف حديث يرويه محمد بن محمد بن الاشعث (ثقة) عن موسى بن إسماعيل بن موسى الكاظم (ع).
سنتكلم اليوم ملخصا في كتاب الجعفريات، وفي محمد بن محمد بن الاشعث، وفي موسى بن اسماعيل بن موسى (ع).
 النقطة الاولى: الجعفريات كتاب يحتوي على ألف حديث بسند واحد.  
  أما الجعفريات فقد ذكر السيد مهدي بحر العلوم في الفوائد الرجالية ج 2 هامش ص 117: عن كتاب اسماعيل بن موسى بن موسى بن جعفر (ع) وهي تتضمن ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن [1]. كذا وصفها العلامة الحليّ رحمه الله في إجازته لبني ... فلان المدرجة في كتاب الإجازات الملحق بآخر أجزاء البحار المجلسي (ره).
  ويقول: الحعفريات: وهي الروايات التي رواها (اسماعيل) عن أبيه موسى عن جده جعفر بن محمد الصادق (ع) ... وحيث إنها كلها مروية عن الإمام جعفر الصادق (ع) سميت بالجعفريات، فهي إذن من تأليفه. وقد يقال لها ( الاشعثيات ) باعتبار أن محمد بن محمد بن الأشعث روى أكثرها عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع).
  والمعروف أن ابن السقاء وهو عامي ذو شأن قد روى الكتاب عن محمد بن محمد بن الأشعث.
  روى كتاب الجعفريات أكثر من اثني عشر راوٍ أهمهم عبد الله بن عدي وهو من العامة له شأن. كتاب ألف حديث لم يروه إلا موسى بن اسماعيل ( يمكن توثيقه).
  واول أحاديث الجعفريات أو الاشعثيات هكذا: " أخبرنا القاضي أمين القضاء أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد، قراءة عليه وأنا حاضر أسمع [2]، قيل له حدثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمد بن محمد، والشيخ أبو نعيم محمد بن إبراهيم ابن محمد بن خلف الجمازي، قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفر العطار، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عثمان المعروف بابن السقا [3]، قال: أخبرنا أبو على محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي من كتابه سنة 314 ه‍، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الماء يطهر ولا يطهر ". [4]
هذا السند هو الذي عبّر عنه ابن طاووس (ره) بانه عظيم الشأن، وهو توثيق لكل الموجودين فيه، بل توثيق مع مدح لمحمد بن الاشعث وموسى بن اسماعيل.   
 إذن الكتاب ملخصا هو تأليف إسماعيل بن موسى الكاظم (ع)، فيه ألف حديث بإسناد واحد.
  ومن أراد التفصيل في خاتمة المستدرك يذكر الكتاب مفصلا.
 النقطة الثانية:
 أما محمد بن محمد بن الاشعث:
 هو من الثقات الاجلاء وإن غمز به بعض ابناء العامّة أقام في مصر.
  يقول الحر العاملي (ره)في الوسائل: محمد بن محمد بن الاشعث أبو علي الكوفي، ثقة من أصحابنا [5]، سكن مصرَ، قاله النجاشي. ويدل على توثيقه امور منها :[6]   
1-توثيق النجاشي له، وهذا من التوثيقات الخاصة.
يقول السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث تحت رقم 11711: قال النجاشي: محمد بن محمد بن الاشعث، أبو علي الكوفي، ثقة، من أصحابنا، سكن مصرَ [7]، له كتاب الحج، ذكر فيه ما روته العامة عن جعفر بن محمد (ع) في الحج .. [8]
2-من التوثيقات العامة كونه من شيوخ الإجازة. ينقل السيد الخوئي (ره) في نفس المصدر عن رجال الشيخ الطوسي (ره)، في باب من لم يرو عنهم (ع)، محمد بن محمد بن الاشعث الكوفي، يكنى أبا علي، ومسكنه مصر في سقيفة جواد، روى نسخة عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) عن أبيه اسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه موسى بن جعفر (ع) قال التلعكبري: أخذ لي والدي ( أخذ لي ولوالدي ) منه إجازة في سنة 313 ه. وتقدّم في ترجمة محمد بن سليمان أن إجازة التلعكبري وصلت إليه على يد محمد بن داوود.
إذن هو شيخ إجازة للتلعكبري هارون بن موسى هو من الثقات الأجلاء.
  وقد اشتهر في علم الرجال من التوثيقات العامة أن شيخوخة الإجازة دليل على وثاقة الشيخ وانهم مستغنون عن التوثيق.
  ونحن لا نقول بتوثيق الإجازة، لا للراوي ولا للمروي عنه، أي لا استجازة ولا إجازة. ومختصرا نقول: لا شك ان شيخوخة الرجال شيء مهم للمجيز والمجاز، ولكن مع معاصرتي لأقوام اعطوا اجازات في الرواية لأشخاص عاديين، وانا اعرف عنهم أنهم أقل من ذلك ضعفاء بل أكثر. والشيخوخة علميا هي مجرد تأكيد على صحّة النقل. ولكن هل شيخوخة الاجازة دليل على التوثيق؟  بل قيل إنهم مستغنون عن التوثيق. السيد الخوئي (ره) يقول: وهل هم أعظم شأنا من زرارة؟   
 إذن يبقى هذا التوثيق العام من المؤيدات للوثاقة وليس دليلا.
3-له كتاب: وقيل أن من له كتاب أو أصل فهو ثقة.
  ولا دليل على أن كل من له كتاب أو أصل، إذ ربّ كذاب يضع الأحاديث ويجعلها في كتاب، أو يخلط بين الصحيح والسقيم، إذ لا بد للكذاب من بعض الصدق كما يقال في المثل: " حاجة الكذاب للصدق ". ودواعي الكذب كثيرة.
 نعم أن يكون له كتاب أو أصل هو مؤيد في حال كون الكتاب معروفا. وقد ذكر النجاشي والشيخ جماعة من الوضاعين.
  والنتيجة أن محمد بن محمد بن الاشعث ثقة جليل.
  أما موسى بن اسماعيل بن موسى الكاظم (ع):
لم يوثق صريحا لكنه رجل جليل سكن مصر لمدّة طويلة أكثر من أربعين عاما، أمام وحدث سنة 250 ه.
وما يمكن أن يقال في توثيقه:
1-له كتاب: قال النجاشي: موسى بن اسماعيل له كتاب جوامع التفسير، وله كتاب الوضوء، روى هذه الكتب محمد بن الأشعث. وقد ذكر السيد الخوئي (ره) أن محمد بن الأشعث هذا هو نفسه محمد بن محمد بن الأشعث وذلك بالرجوع إلى ترجمته.
 وقد سبق منا أن كونه صاحب كتاب لا يدل على الوثاقة.
2-رواية الثقة عنه، فقد مرّ رواية محمد بن محمد بن الأشعث للجعفريات، ورواية لكتاب الوضوء ولجوامع التفسير.
 وهذا التوثيق من التوثيقات العامة التي لا نقول بها، وإن قيل إن رواية الثقة عن شخص دليل على الوثاقة أو على الحسن.
3-لم يرد فيه قدح. قيل من القواعد العامة: أن كل إمامي لم يرد فيه قدح فهو ثقة ".
وهذا ما لم يثبت عندنا، وإن ذكره بعض الأكابر. وقيل أن من قرائن العدالة اننا نقول: لا نعرف منه إلا خيرا. وقلنا ان هذه ايضا لا نأخذها بإطلاقها. لان مسألة العدالة مسألة عقلائية اكثر منها مسألة نص. ولكن لا يؤخذ بإطلاق قول الناس " لا نعلم منه إلا خيرا "، بل لا بد من التقييد بالمعاشرة والمعرفة.
ومن الادلّة: 
4 -   قال ابن طاووس عنه أنسند الكتاب عظيم الشأن، وموسى بن اسماعيل من ضمن السند، والعلامة تبعه على ذلك، وهذا من التوثيقات وإن كانا من المتأخرين. وقد يقال بان توثيق المتأخرين لا قيمة له لأنه عن حدس.
 اما اعتبار المتقدمين لانهم قريبين جدا والنجاشي يقول ان توثيقاته اخذها من كتب الرجال، يعني نقلا وليس حدسا. لكن الإنصاف: هل كل ما ذكره النجاشي في توثيقاته حسي؟، وهو لم يصرّح بذلك، وكان يعبر بالأخذ  في بعضهم ذكره اصحاب الرجال " او " ذكر فلان في رجاله "، وليست كل توثيقات كذلك. وذكرنا كلام الطريحي بالنسبة لتوثيقات النجاشي والطوسي انها كلها حدسية فلا فرق بين القديم والحديث، المتقدمين والمتأخرين.
 والانصاف انه ليس كل ما ذكره القدماء ان كله عن حس، وإن كان يحتمل قريبا ذلك، والسيد الخوئي (ره) قطع بذلك.
 غدا إن شاء الله نكمل التوثيقات، وهل يمكن أن نجعل موسى بن إسماعيل من الثقات؟ وأنا أميل إلى ذلك.


[1] احتمال قوي أن هذا التعبير أخذه العلامة من ابن طاووس (ره).
[2] ذكر التفاصيل في السند مهم جدا " وانا حاضر اسمع " ليس وجادة. وهذا نوع من اتقان الحديث، لان ذكر كل تفصيل له اثر في اعتبار الحديث.  
[3] من اجلاء علماء ابناء العامة.
[4] الفوائد الرجالية، السيد مهدي بحر العلوم، ج2، هامش ص118.
[5] مدح وتوثيق واضح.
[6] قلنا ان التوثيقات على قسمين: خاصة وعامة. الخاصة توثيق بشخصه. وعامة أن يكون ضمن جهّة موثقة.  .
[7] فائدة نحوية: مصرَ اسم ممنوع من الصرف لا ينون لانه علم واجنبي. لكن يمكن ان ينون فيقال مصرً. وذلك إذا كان ثلاثيا ساكن الوسط، جاز حينئذ منعه من الصرف وجاز صرفه.
[8] معجم رجال الحديث، السيد الخوئي، ج18، ص200، تحت رقم11711.