الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/07/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: اثبات نسب طفل الانبوب، هل الأم هي الحامل أو صاحبة البويضة؟
- من التوثيقات العامة: هل الروايات الواردة عن بني فضال معتبرة مهما كان سندها؟.
 أما أبو الحسين بن تمام: النجاشي في كتاب الرجال يقول: محمد بن علي بن فضل بن تمام بن سَكين كان ثقة عينا من أجلاء الطائفة، يقول سكين لإعظامهم له. [1]
  اما عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح (رض) فهو مجهول، من هنا  طعن بالرواية بسببه، ومنهم طعن السيد الخوئي(ره).
 إلا أن يقال: إن المرحلة التي كان فيها الحسين بن روح وظرفه كان ظرفا امنيا استثنائيا، حيث كان مراقبا من قبل السلطة العباسية مراقبة شديدة، ولا يعقل أن يجعل خادما عنده يعرف أسراره من دون أن يكون كاتما لها وثقة.
  لكن يقال: إن هذا صفة الخادم المرافق الملازم، أما غيره ممن له عمل غير لصيق بالمخدوم فليست صفة له. بالإضافة إلى عدم التلازم بين صفة كتمان السرّ وصفة الوثاقة.
  من هنا فهذه الرواية متوقف في سندها. فلا نسقطها عن الاعتبار كليا ولا نستطيع أن نثبت إعتبارها بسبب وجود عبد الله الكوفي. هذا من جهة السند.   
  أما من حيث الدلالة فقد استدل بالإطلاق " خذوا بما رووا " وفيه:
 أولا: إن الإطلاق لو تمّ فهو بالإضافة إلى " الكتب " فيكون مدلول الرواية: خذوا بالروايات الموجودة في كتبهم لا مطلقا.[2]
وثانيا: إن الرواية قاصرة الدلالة على القاعدة " أن كل ما روى بني فضال فهو معتبر "، فإنها في مقام الفصل بين النقل والعقيدة، فإن الانحراف العقائدي لا يلغي الثقة بروايات ما قبل الانحراف. والظاهر من القاعدة أن المراد هو التعامل مع الروايات طبق موازين الاعتبار، والتسوية من هذه الناحية بين حال الاستقامة وحال الانحراف بعده. [3]
 النتيجة: إن القاعدة غير تامّة سندا، أو على الأقل اننا نتوقف عندها. وفي مقام الدلالة الاطلاق غير معلوم، أو أنه ليس هناك ظهور بالإطلاق، وهذا يعني انني لا استطيع ان آخذ بالرواية كدليل، " الاحتمال يبطل الاستدلال " ففي السند احتمالات تخدش بالتوثيق وفي الدلالة احتمالات تخدش بظهور العموم.
 غدا ان شاء الله نعود  للدليل على أن الأم لطفل الانبوب هي صاحبة البويضة. ذكرنا الآيات والروايات، يبقى الدليل الثالث والمؤيدات.


[1] رجال النجاشي، النجاشي، ج1، ص385، رقم1046.
[2] تذكير بالقاعدة: متى يكون السؤال مقيّدا للجواب؟ الجواب اننا نفرق باللسان بين ان يكون السؤال ثم يأتي الجواب ببيان علّة، حينئذ بمفهوم العلّة فلا يقيّد. مثلا: " الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" سورة المجادلة، آية 2. قيل ان هذا مقيّد بالظهار، وقيل بانه تعليل لكون المظاهرة ليست أما، والمورد يخصص الوارد، فقالوا بعدم التخصيص لعموم العلّة.
متى المورد يخصص ولا يخصص؟ ومتى يكون بالإضافة إلى السؤال ومتى لا يكون؟ مثلا في موردنا: " خذوا ما رووا " السؤال عن الكتب ويوجد اطلاق، هل شيمل ما في الكتب او مطلق الروايات حتى لو لم تكن موجودة في الكتب. قال بعضهم ان هناك اطلاقا اضافيا للكتب.
 فالقاعدة: انه إذا كان لسان الجواب لسان تعليل فيكون مفهوم العلّة واضحا وتاما فنأخذ بإطلاق الجواب وعمومه. أما إذا لم يكن هناك لسان تعليل كما في روايتنا فمن المحتمل ان يكون الاطلاق اضافيا بالنسبة إلى السؤال، فيكون الجواب عن الكتب، ويكون الإطلاق في خصوص الكتب. لهذه القاعدة الثمار الكثيرة في الروايات لأن لكل سؤال جواب يليه، فهل الجواب مطلق أم لا، عام أو لا ؟ فاحتاج لهذه القاعدة عن الشك وعدم الظهور.
[3]  من موازين الاعتبار المسلم به عن الخاصة والعامة، ما روي عنه عليه السلام قال: " إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فأقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط ". فإذا وردت رواية لبني فضال وكانت مخالفة لكتاب الله. قبل الانحراف اقول ان هذه الرواية غير تامة لانها تخالف كتاب الله فاطرحها واطبق عليها شروط الاعتبار. أما بعد الانحراف هل يجب الاخذ بها لوجود رواية الاخذ بما رووا ؟! إذن المراد من قوله (ع) ان الانحراف بعد الاستقامة لا علاقة له باعتبار الرواية وعدمه، العقيدة شيء والنقل شيء آخر. ونذكِّر بأن للخبرة للغوية وللخبرة في شؤون الناس والظرف الزماني والمكاني من اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي أثر كبير في فهم الروايات بل يؤدي إلى أثر كبير في الإسنتباط، لذلك الفقيه العالم الذي يختلط بالناس يختلف ذوقه الفقهي عن الذي لا يختلط بالناس.