الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: اثبات نسب طفل الانبوب، هل الأم هي الحامل أو صاحبة البويضة؟
-الروايات الدالة على حصر الأمومة بالحامل.
 نعود للرواية الثانية: الوسائل في خبر عبد الله بن هلال: 8 - محمد بن الحسن، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين [1]، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة وعبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يتزوج ولد الزنا قال: لا بأس إنما يكره ذلك مخافة العار وإنما الولد للصلب وإنما المرأة وعاء قلت: الرجل يشترى خادما ولد زنى فيطأها قال: لا بأس. محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الله بن هلال نحوه. [2]
 تحدثنا عن السند الأول للرواية في الدرس السابق، وقلنا مع وجود "الواو" تصبح الرواية معتبرة موثقة.  
 أما السند الثاني الذي ورد في " من لا يحضره الفقيه " الشيخ الصدوق (ره) ح: 4485 - وروى ثعلبة بن ميمون عن عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل يتزوج الولد الزنا؟ فقال: لا بأس إنما يكره مخافة العار، وإنما الولد للصلب، وإنما المرأة وعاء، قال: قلت: فالرجل يشتري الجارية الولد الزنا فيطأها ؟ قال: لا بأس ". [3]
إذن الرواية مروية بسندين: الأول ثعلبة بن ميمون وعبد الله بن هلال، والثاني: ثعلبة بن ميمون عن عبد الله بن هلال. وفي هذه الحالة لا نستطيع العمل برواية " الواو " فنتكل على ثعلبة بن ميمون وهو الثقة الجليل، خصوصا أن ثعلبة قد روى كثيرا عن عبد الله بن هلال، مما يقوّي الظن بأن في السند " عن ".
 لذلك إذا أردنا إثبات اعتبار الرواية فلا بد من أحد طريقين: إما توثيق عبد الله بن هلال، وإما القول بأن كل ما رواه بنو فضال فهو معتبر.
 أما عبد الله بن هلال: فما استدل به على الوثاقة لا يعدو كونه مؤيدا أو مفيدا للظن. 
 ومن الأمور التي يمكن الاستدلال بها على وثاقته: أنه قد روى روايات " خاصّية " بمعنى الروايات التي لا يقولها أهل البيت إلا لخواصهم،  كرواية: " إن لله علما لا يعلمه إلا هو، وله علم يعلمه أنبياؤه ورسله فنحن نعلمه ".
 ولكن هذا لا يعدو كونه مؤيدا، ولو كان على جانب كبير من اختصاصه بالائمة (ع).
 ولو كان عبد الله بن هلال ثقة جليلا  لذكرته كتب الرجال بالمدح أو التوثيق أو الثناء.
 ومنها: أن الشيخ ذكره في رجال الصادق (ع) ولم يوثقه. وقلنا بعدم تماميّة توثيق جميع رجال الصادق (ع).
  ومنها: وروده في الكافي والفقيه. وهذا ليس دليلا على توثيقه.
  ومنها: رواية جماعة من الثقات الأجلاء عنه، منهم الحسن بن محبوب والحسين بن علي بن فضال، وثعلبة بن ميمون الذي أكثر من الرواية عنه [4]. وهذا لا يعدو كونه مؤيدا لعدم البناء على قاعدة " أن الثقة لا يروي إلا عن ثقة " وعدم البناء على اعتبار روايات اصحاب الاجماع الثمانية عشر الذين قال الكشي عنهم: " بانه اجمعت العصابة على تصحيح ما صح عنهم ". وهذه العبارة غير واضحة المعنى، هل هي في زيادة جلالتهم، او معناه ان كل رواية رووها فهي صحيحة أو انهملا يروون إلا عن ثقة. لكن نقول ان هذا التفسير تبرعي منهم لا نقول به.
 ومنها: وروده في أسانيد كامل الزيارات لابن قولويه. ولو تمّ ما قيل بان كل من ورد في اسانيده فهو ثقة لكان دليلا.
  هذه الامور التي ذكرت مؤيدات لا تدل على توثيق عبد الله بن هلال فلا دليل على وثاقته، فالرواية غير معتبرة وليست حجة علينا.
 وأما الطريق الآخر لاعتبار الرواية فهي إثبات قاعدة " أن كل ما ورد عن بني فضال فهو معتبر ".
قاعدة: " أن كل ما ورد عن بني فضال فهو معتبر ".
 اولا بيان القاعدة: إن الروايات الواردة عن بني فضال معتبرة مهما كان سندها إذا وصلت إليهم بسند صحيح، بل ولو كانت مرسلة.
 يقول الشيخ الأنصاري (ره) في كتاب الصلاة، عند عرض رواية أوقات صلاتي الظهر والعصر:
ما رواه الشيخ عن داود بن فرقد، عن أدلة المختار بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس ). وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أن سندها إلى الحسن بن فضال صحيح، وبنو فضال ممن أمر بالأخذ بكتبهم ورواياتهم. [5]
غدا ان شاء الله نبحث القاعدة.



[1] محمد بن الحسين بن الخطاب: هو ابو جعفر الزيات الهمداني، وحينما يقال كثير الرواية، فلان كثرة الرواية من مؤيدات التوثيق لما ورد من قولهم (ع): " اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنا ".   
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14،ص 338، باب 14 - باب جواز نكاح المرأة وان كانت ولد زنا بالعقد ...، ح 8، (الاسلامية).
[3] من لا يحضرة الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص 429، ح 4485.
[4] لان هناك من يقول ان الراوي الثقة إذا روى عن شخص يكون توثيقا له. وهذه القاعدة لا نستطيع ان نثبتها، وكما ذكرنا انه يمكن الرواية عن اشخاص لهم مكانة دنيوية لكن نروي عنهم  لدواع مختلفة منها مجرد تأييد الخبر، كما قلنا في وهب بن وهب قاضي قضاة بغداد.    .
[5] كتاب الصلاة، الشيخ الانصاري، ج1، ص 35. .