الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
- تضعيف علي بن حديد ليس ثابتا، بل هو محتمل جدا، فلا يكون خدشا بالرواية.
- الحسين بن أحمد المنقري.
بعد التذكير بما مرّ نكمل الكلام في علي بن حديد:
- وروده في اسانيد تفسير علي بن إبراهيم الذي قال في مقدمّة كتابه: وقال: " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما  نزل إليهم " ففرض الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله ان يبين الناس ما في القرآن من الاحكام والقوانين والفرايض والسنن وفرض على الناس التفقه والتعليم والعمل بما فيه حتى لا يسع أحدا جهله ولا يعذر في تركه ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهى الينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا يقبل عمل الا بهم وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى وفرض سؤالهم والاخذ منهم فقال " فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ". [1]
  وعلى ذلك هناك أدلة مضعِّفة وأدلة موثقة، فيقع التعارض بين تضعيف الشيخ الطوسي (ره) من جهة، وتوثيق الكشي الخاص والتوثيق العام لكامل الزيارات وتفسير علي بن ابراهيم من جهة أخرى.
 وفي مقام المعالجة: فان تضعيف الشيخ مقدّم من باب تقديم الخاص على العام. ومن جهة أخرى أن الشيخ الطوسي (ره) أبعد زمنا فيكون اضعف في التقديم. ولكن التضعيف يقدّم.
  ومع هذا، فإن تضعيف علي بن حديد ليس ثابتا البتة، بل هو محتمل جدا. فلا يكون خدشا بالقاعدة.
- ثم إنه يحتمل وجود تصحيف في السند فبدل " عن علي بن حديد " الظاهر " و علي بن حديد "، ثم ان احتمال التصحيف والسهو مطرود بأصالة السند، لكن هل تجري هنا أصالة السند؟ إذن هناك مسألتان: الأولى: مؤيدات التصحيف. والثانية: عدم جريان أصالة السند.
 أما مؤيدات التصحيف فأمور:
  منها: ان سند رواية ابن أبي عمير عن علي بن حديد هو التالي: ح 8- روى الشيخ عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابه، عن أحدهما عليهما السلام في رجل كانت له جارية فوطأها ثم اشترى أمها أو ابنتها قال: لا تحل له. [2]

  يقول السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث: إن روايات ابن أبي عمير عن جميل تبلغ 298 موردا بلا واسطة وهذه الرواية هي الوحيدة مع الواسطة! [3]
 ومنها: وحدة الطبقة، لأن محمد ابن أبي عمير وعلي بن حديد من أصحاب الكاظم (ع).
 ومنها: إذا كان ابن أبي عمير وعلي بن حديد  متعاصرين بل من طبقة واحدة ومصاحبين للكاظم (ع)، فيكونا مصاحبين لجميل بن دراج. فإما أن يروي عنه ابن أبي عمير عدّة روايات أو لا يروي. وإما أنه لا يروي إلا رواية واحدة فهذا مستغرب!
 لا يقال: إن هذه الاحتمالات مطرودة بأصالة السند؟
 فانه يقال: أصالة السند أصالة عقلائية يطرد فيه الكذب والسهو عن الناقل، ومع قوة الاحتمال والاستغراب القوي ففي جريانها إشكال.
  وعلي أيّة حال، فالرواية عن علي بن حديد لا تخدش القاعدة.
الحسين بن أحمد المنقري:
 الحسين بن احمد ورد مع اللقب " المنقري " وبدونه، والظاهر أنه واحد كما يقول السيد الخوئي (ره). وهو من أصحاب الباقر والكاظم (عليهم) كما في رجال الشيخ (ره).
 قال السيد مير داماد الاسترآبادي في تعليقته على الكشي، ج2،ص614: " هو الحسين بن أحمد المنقري، كما قاله جمالُ الدين بن طاووس في اختياره، وهو ضعيف، ضعفه النجاشي والشيخ رحمهما الله تعالى ".[4] 
 نقول: ولعلّ التضعيف هو تضعيف في العقيدة لا في النقل، ويقوّي هذا الاحتمال أمران:
 الاول: أن النجاشي قال عنه إنه روى عن داوود الرقي، وأن داوود الرقي ضعيف والغلاة تروي عنه. وهذا الوصف لداوود الرقي وإن لم يكن له مفهوم بأنه يروي عنه الغلاة وغيرهم، إلا أنه يحتمل أن يكون المنقري أحدهم.
 الثاني: إن الشيخ وثق داوود الرقي حيث قال عنه: داوود الرقي مولى بني أسد، وهو ثقة من أصحاب أبي عبد الله الصادق (ع).
  ثم إن ابن الغضائري يقول في داوود الرقي: داوود بن كثير بن أبي خالد الرقي مولى بني أسد روى عن أبي عبد الله (ع) كان فاسد المذهب، ضعيف الرواية، لا يلتفت إليه.
  وعليه يكون لدينا توثيق من الشيخ (ره) ويقابله تضعيف من النجاشي وابن الغضائري (ره)، ومع ملاحظة ان التضعيف قد ذكر فساده في المذهب وكونه روى عن داوود الرقي المغالي، نستطيع أن نجمع بينهما بحمل التوثيق في خصوص الرواية والتضعيف في خصوص العقيدة.  هذا الاحتمال قوي خصوصا مع توثيق الشيخ (ره) والإشعار أن سبب طعن النجاشي في المنقري أنه أكثر من الرواية عن داوود المغالي.
 وعليه يحتمل ايضا ان يكون الطعن في المنقري من هذا الباب. ومع هذا الاحتمال لا تكون الرواية عن المنقري خدشا في القاعدة.
غدا ان شاء الله نبحث  أبا البختري وهب بن وهب الكذاب في النقل والعقيدة.


[1] تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، ج1، ص4.  
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص359، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها، ب21، ح8، ط الاسلامية.
[3] كليات في علم الرجال، الشيخ جعفر السبحاني، ج1، ص242.
[4] اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ج2، ص614.