الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-مشايخ الثقات، يونس بن ظبيان.
قلنا ان القاعدة نقل من الشيخ الطوسي (ره) وهو حجة علينا، ولا يتم النقض إلا بحصول نقل آخر عن ثقة يعارضه كأن يقول شخص ثقة: هؤلاء يروون عن الثقات وغيرهم فيحصل التعارض. أما النقض فلا يتم إلا بحصول أمرين هما: عدم وجود مبرّر للنقل عن الضعيف وثبوت ضعفه. اما إذا كان هناك احتمال لوثاقتهم أو وجود مبرر للرواية عن الضعاف فلا تكون اشكالا.
 الذين رووا عنهم من الضعاف كما ادّعي ثمانية أولهم علي بن ابي حمزة البطائني وقلنا اننا نميل إلى توثيقه كما وثقة الشيخ الطوسي الثاني يونس بن ظبيان.  
ولنلقي نظرة سريعة على الباقين من مشايخ الثقات: 
 يونس بين ظبيان: قال النجاشي: ضعيف جدا، لا يلتفت إلى ما رواه، كل كتبه تخليط.
  وقال الكاظمي في التكملة: " علماء الرجال بالغوا في ذمّه ونسبوه إلى الكذب، والضعف، والتهمة، والغلوّ، ووضع الحديث، ونقلوا عن الرضا (ع) لعنه.. ".
   لكن روى صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير عنه. روى الشيخ في التهذيب:ح24، والاستبصار: ح21:  عن موسي بن القاسم عن صفوان وبن أبي عمير عن بُريد (ورد في التهذيب) أو يزيد (ورد في الاستبصار) ويونس بن ظبيان قال: سألنا ابا عبد الله (ع) عن رجل محرم في رجب أو في شهر رمضان، حتى إذا كان أوان الحج أتى  متمتعا فقال: لا بأس بذلك. [1] [2]
  من حيث السند: الراويان: صفوان وابن أبي عمير، والمروي عنهما: بُريد أو يزيد و يونس بن ظبيان.
 أما برُيد فهو بريد بن معاوية وهو ثقة إلا أنه من المستبعد أن يروي عنه ابن أبي عمير، وذلك لأن ما بين وفاتهما حوالي سبعون عاما، أي فرق كبير في العمر، ذلك أن ابن أبي عمير توفي عام 217 هجرة وبُريد توفي في حياة الامام الصادق (ع) المتوفي عام 148ه. لذلك من القريب وجود واسطة بينهما أسقطها الناسخ لم تدون، أو إرسال بينهما.

  وفي النسخة الثانية ( الاستبصار) المروي عنه " يزيد " وهو إما ابو خالد القماط وهو ثقة، وإما يزيد بن خليفة الذي يروي عنه صفوان، وهو من أصحاب الصادق (ع).
وعلى كل حال فالرواية عنه " بُريد أو يزيد " احد الطرفين، وعن يونس بن ظبيان الطرف الثاني، فيحتمل قويا وثاقة الراوي.
 وقبل بيان عدم الخدش بالقاعدة لا بأس ببيان مقدّمتين:
اولا: اننا نحتاج للطعن والخدش بالقاعدة لاحد ثلاثة أمور: إلى معارض نقلي، وعدم وجود مبرر للنقل عن الضعيف، وعدم احتمال التوثيق.     
 ثانيا: إن غاية مشايخ الثقات في عدم النقل إلا عن ثقة هي نقل الواقع، لذلك إذا نقله عن ثقة فلا مانع من أن ينقل الحكم مرّة أخرى عن ضعيف، ويكون ذلك مؤيدا للأول، كما لا مانع من جعل الضعيف في سند واحد وفي عرض واحد مع الثقة، فيكون النقل عن ثقة هو المعتبر وعن الضعيف مؤيد.
  وبعد هاتين المقدمتين نقول:
 اولا: إن ابن أبي عمير نقل عن يونس بن ظبيان في عرض واحد مع آخر ثقة، فلعلّه اتكل عليه في نقل الخبر. ولا مانع في نقل نفس الخبر عن الضعيف من باب تكثير الأسناد والتأييد، أو غير ذلك مما ينفع في إثبات الواقع كما ذكرنا في المقدّمة الثانية.
 ثانيا: لم يثبت ضعف يونس بن ظبيان في الحديث. فقد روي فيه لعن، انظر اختيار معرفة الرجال للكشي ح675 وهو حديث معتبر السند وغيره، ولكن أيضا روي فيه دعاء له ونص على امانته في الحديث.     
 يقول في نفس المصدر: حدثني محمد بن قولوية، عن سعد بن عبد الله بن ابي خلف القمي، عن الحسن بن علي الزيتوني، عن ابي محمد القاسم بن الهروي، عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب، عن ابن ابي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن يونس بن ظبيان؟ فقال: رحمه الله، وبنى له بيتا في الجنّة، كان والله مأمونا على الحديث. قال ابو عمرو الكشي: ابن الهروي مجهول، وهذا حديث غير صحيح مع ما قد روي في يونس بن ظبيان. [3]

من ناحية السند: فهذا السند ضعيف بابن الهروي المجهول، إلا أن البزنطي أيضا قد روى هذا الحديث في جامعه، وهذا الجامع كان من الكتب المشهورة التي كان عليها المعوّل وإليها المرجع وقد رواه ابن ادريس، وعليه يقع التعارض بين روايات المدح  والنص على انه مأمون في الحديث وروايات القدح، ويمكن التخلّص من هذا التعارض بأحد أمرين.
غدا ان شاء الله نكمل.


[1] الاستبصار، الشيخ الطوسي، ج2، ص157، ح21.
[2] التهذيب، الشيخ الطوسي، ج5، ص32، ح24.
[3] اختيار معرفة الرجال، (رجال الكشي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص658، ح675. .