العنوان: ثبوت النسب.
طفل الانبوب: من هي الأم؟
الدليل الثالث الروايات: الرواية
الاولى:
ذكرنا في الدرس السابق أن السند فيه
ترضي الصدوق (ره) على شيخه المظفر بن جعفر العلوي، وهذه مسألة رجالية، هل ترضي
اشخاص كالشيخ الصدوق (ره) على شخص توثيق وبيان لجلالة هذا الشخص واستقامته؟
والذي أميل إليه أنه طريق لإثبات حسن
ظاهره بقرائن:
-أن الشيخ لم يترض على جميع مشايخه، وإن
كان هناك من مشايخه من هو أهم من المظفر، وهذا يدل على أن هناك ميزة لبعضهم.
-أن الترضي غير الاستغفار عرفا، فإنها
تكشف عن جلالة هذا الشخص في نفس المترضي.
-والشيخ الصدوق (ره) يقول: حدَّثنا،
الواضح منه معرفته الشخصية به، ولو لم يكن له حسن الظاهر لما ترضى عنه.
-أن هذه القرائن موجودة مع عدم الخدشة
به، وهذا يورث اطمئنانا باستقامة ذلك الشخص.
هذه هي أهم القرائن
[1]. وفي السند جعفر بن محمد بن مسعود، وهو العياشي رجل جليل القدر.
[2]
قد نقل السيد الخوئي (ره) عن العياشي أنه فاضل روى عن أبيه جميع كتب أبيه (معجم
رجال الحديث للسيد الخوئي ج4 ص 121 تحت رقم 2282 ).
وأما علي بن الحسن فعن السيد الخوئي
انه يساوي علي بن الحسن فضال ويساوي علي بن الحسن التميمي، وهو فقيه ثقة فطحي .
وفي السند: عن علي بن عبد الله عن
ابيه عن جده عن امير المؤمنين (ع). على بن عبد الله لم يذكر في سند آخر كذلك، لكن
الظاهر أنه ليس علي بن عبد الله، بل هو عيسى بن عبد الله، لان هذا السند ورد في
عدّة روايات اخرى بعنوان عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب (ع).
من الممكن ان يكون هناك نوع من التصحيف أو السهو من النساخ.
عيسى بن عبد الله بن عمر
[3]
لم يوثق. الشيخ الطوسي (ره) ذكره في رجاله تحت رقم " 3643 " وذكره
النجاشي في رجاله تحت رقم " 799 " ثم قال: ابو بكر بن محمد بن سالم
الجعابي نقل روايات عيسى عن ابائه.
هناك بعض القرائن التي يمكن أن تميل
إلى توثيقه: الذي طعن فيه هم المخالفون وليس الموالون، والطعن كان بسبب ولائه
الشديد للمير المؤمنين (ع).
- ذكره الشيخ المفيد في شيوخ الصادق
(ع) وخاصته وثقاته وبطانته.
وقاعدة "كل من روى عن الصادق (ع)
فهو ثقة "، ابن عقدة الزيدي عندما ذكر هذه القاعدة لم تثبت، لكن عندما ننفي
قاعدة لا يعني اننا لا نستفيد منها اصلا، بل يمكن أن نأخذها كمؤيّد وليست دليلا،
مثلا: السيد الخوئي (ره) عندما ينفي قاعدة: ان كل من روى عنه ابن ابي عمير أو
صفوان فهو ثقة. هذا لا يعني ان ابن عمير إذا روى عن شخص فلا قيمة لهذه الرواية.
لكن لا يصلح أن يكون قاعدة ودليلا، بل هو مؤيد، وكثرة المؤيدات وخصوصا في السيرة
لها اثر. لمعرفة حسن شخص نلاحظ الموقف الاول والثاني والثالث إلى آخره حتى يصبح
عندي اطمئنان بانه ثقة، ولذلك كلمة " ثقة " في اللغة جاءت من تعدد مصادر
صحة روايته ومع التكرار نطمئن لوثاقته، حينئذ يأخذ صفة الثقة من إخباره، من قبل
اخذ الحداد صفة الحداد من الحديد لكثرة ملابسته بالحديد وكذلك أخذ اللبان صفة
اللبان لكثرة ملابسته باللبن. علم الرجال هو عبارة عن لم القرائن حتى يصبح عندنا
اطمئنان أو ثقة أو دليل على وثاقة الشخص.
- كناه الصادق بأبي محمد في عدّة
أسانيده، وهذا يدل على الاحترام.
[4]
- اشتهر بلقب المبارك عادة، وابنه ابن
المبارك وهو الشريف ابي طاهر. عادة يقال ان السنة الناس اقلام الحق. الناس لا تعطي
اللقب مجانا، لا بد من حالة معنية حتى سمي بالمبارك وهذا يدل على حسن الظاهر.
- ابن عنبة في كتاب " عمدة الطالب
في نسب أبي طالب "، يقول: أنه كان سيدا شريفا. هذا الاحترام لم يكن ناشئا من
السلطة بل كان معاديا لها، هذا يدل على أنه في المجتمع كان له حسن ظاهر قوي بينهم.
[5]
- ابن حبان من علماء الرجال عند أبناء
العامة يقول: في حديثه بعض المناكير. هل هذا دليل؟ بعض المناكير في فضائل أهل
البيت ابناء العامة ينكرونها، وهذا لا يعني أنها غير صحيحة. هو لم يذم الشخص بل
أنكر المروي، وفرق بين ذم الشخص وبين ذم المروي.
- لما قتل العباسيون الحسين بن علي بن
الحسن واصحابه صاحب " فخ "، لم يكن يتجرأ على ذكرهم أبدا إلا عيس بن عبد
الله كان يمشي ويندب الحسين:
فلا تبكي على الحسين بعبرة وعلى
الحسن وعلى ابن عاتكة الذي أثووه ليس بذي كفن
كانـــوا كـــراما كلهــم لا طائشين
ولا جـــبن غسلوا المذلــة عنهم غسل الثيـاب عن الـدرن
فانفذ اليه الوالي بعض ولد عمر بن
الخطاب يمنعه.
فكتب عيسى إلى سليمان العباسي والي
المدينة: " يا ابن أخت أتقتلوننا وتمنعوننا عن البكاء والندبة.
فكتب سليمان العباسي إلى الخطابي: دع
المبارك.
هذه الادلة وإن كانت دليل ولاء وليست
دليل وثاقة، لكن الولاء لأهل البيت مقتض للوثاقة على نحو العلّة الناقصة.
-ثم انه لم يطعن به أحد لا من الخاصة
ولا من العامة. قال عبد الله بن عدي من العامة في كتاب (الكامل ): " عامة ما
يرويه لا يتابع عليه ". الذم في الروايات وليس الذم في الشخص.
- وأقسى ما قيل فيه ما قاله ابو حاتم
الرازي " لم يكن بقوي الحديث ".
- بالإضافة إلى نسبه: جدته أم أبيه
خديجة بنت زين العابدين (ع)، أمه بنت عبد الله بن الباقر (ع).
كل هذا ليس بدليل إذ كما في القول:
" يخرج الخبيث من الطيب والطيب من الخبيث " ابن نوح كان كافرا، لكن
البيئة التي يعيش فيها الانسان تعطي نوع من الوثاقة.
ملخص الكلام: أن هناك قرائن كثيرة تدل
على حسن ظاهره، لم يطعن به أحد، ومن طعن به هم ابناء العامة المخالفين لأهل البيت
(ع)، طعنوا برواياته وليس بشخصه. هذا يعطي نوعا من الاطمئنان لحسن ظاهره، وحسن
الظاهر وسيلة كافية لأثبات الوثاقة والعدالة
فبالجملة لا بأس بسند الرواية. وغدا إن
شاء نكمل الدلالة.