العنوان: النظر إلى الأجنبي
-نظر
المرأة إلى جسد المرأة أي العورة بالمعنى الاعم.
-
ادلة الجواز: الآيات، الروايات، السيرة.
وذكرنا امس انه مع تردد المعنى بين هذه
الاحتمالات الخمسة تصبح الشبهة مفهومية أي صارت مجملة فنأخذ بالقدر المتيقن.
والقدر المتيقن منها وهو جواز إبداء زينة الجسد لخصوص الحاشية من المؤمنات
والمسلمات، فيجوز أن تنكشف لحاشيتها متزينة بقلادة أو أقراط أو خلخال أو غير ذلك.
هذه الآية تدل على جواز ابداء نفس الزينة، كما يقول السيد الخوئي (ره)، والزينة
ليس موضعها كما فسرها الشيخ الانصاري (ره) وكثيرون، وذكرنا سابقا أن رواية "
الوجه والكفين " المراد منها الزينة التي تكون عليهما، وباقي التفسيرات
للزينة بالكحل والخاتم وغيرها هي من الأدوات التي يتزين بها، وهي مفردات، وليس
المراد انها بعينها.
أما الانكشاف والنظر للجسد الخالي عن
الزينة فلا نظر للآية إليه، فلا تدل على جواز أو حرمة، فنحتاج إلى دليل آخر.
الأمر الثاني الذي يمكن الاستدلال به:
آيات أخرى:
} وليضربن بخمرهن على جيوبهن { و
} يدنين عليهن من جلابيبهن { وهي وإن كانت غير مقيّدة بوجوب الستر أمام الرجال، ولكنها منصرفة
إلى ذلك، أي تستر نفسها أمام الرجال، ويؤيد هذا الانصراف الروايات الواردة في كون
علّة تحريم النظر إلى الشعر أو الجسد تهييج للرجل، أو ان ذلك يدفعه إلى ما حرّم
الله، تماما كانصراف أدلة النظر إلى خصوص نظر الرجل، مثلا:
" النظرة سهم من سهام إبليس مسموم " أو
" زنى العين النظر " فإن الزنى لا يكون إلا
من الرجل، أو
" الأولى لك والثانية عليك والثالثة
فيها الهلاك " وغيرها فهذه الروايات وإن لم تكن مقيّدة بالرجل إلا أن
المراد منها ذلك وتنصرف إليه.
الامر الثالث مما يمكن الاستدلال به
على جواز النظر من الروايات:
-ما
سبق من روايات عدم جواز التكشف امام اليهودية والنصرانية، وظاهرها جواز التكشف
امام المسلمة وكما ذكرنا فهي معللّة بـــ
" إنهن
يصفن لازواجهن "، قد يقال ان ظاهرها مفهوم وصف، وذكرنا في الأصول ان
مفهوم الوصف واللقب ليس معتبرا. فإنه يقال: نعم هو بذاته بدون قرائن ليس معتبرا
لكن مع الظهور تصبح القضية خاصة، فالرواية " لا تنكشف المسلمة امام اليهودية
" لا يعني انه يجوز الانكشاف أمام البوذية أو امام المسلمة، لذلك قالوا ان
مفهوم الوصف يشعر بالمفهوم أو إخطار بالمفهوم لكنه لا يصل إلى مرحلة الظهور الذي
هو حجة. هنا قلنا ان الرواية مع القرائن الكثيرة والذي نعيشه واضحة في الظهور ان
المرأة امام غير اليهودية والنصرانية، يجوز انكشافها، ولكن يبقى التعليل فلا يغض
النظر عنه لانه يعمم ويخصص، فحينئذ النصرانية التي لا تصف لزوجها يمكن الكشف
امامها، وكذلك ان المسلمة التي تصف لزوجها لا يمكن الكشف امامها، فالمسألة هنا
تدور وجودا وعدما مدار العلّة.
[1] وهذا يعني أن الحرمة أو الكراهة لأحد أمرين: إما لستر المرأة
وكرامتها، وإما لمنع حصول الزنى كما ورد في رواية عقاب الأعمال.
وأيضا هذه الرواية لها مفهوم إذا أخذنا
بها حينئذ هذه الرواية تكون مقدّمة على الأدلة الأخرى وتكون مقيّدة لها فتكون حتى
المسلمة المتدينة إذا وصفت لزوجها تشملها الحرمة.
-
ومنها: رواية عقاب الاعمال التي ترد بعد هذه الرواية في
نفس الباب " فلو وصفتها لرجل فافتن بها .. لا تخرج من الدنيا الا وهي مغضوب
عليها ". هنا يفرض ان تكون الموصوفة ومعيّنة أو معروفة.
-
ومنها: جواز دخول المرأة الحمام: في الرسائل: من أبواب
آداب الحمام، وفيه جواز دخول النساء الحمام: ح1 والحديث ضعيف بعلي بن الحسين بن
الحسن الضرير:
قال: قيل له: إن سعيد بن عبد الملك يدخل
مع جواريه الحمام؟ قال: وما بأس إذا كان عليه وعليهن الإزار، لا يكونون عراة
كالحمر ينظر بعضهم إلى سوأة بعض. [2]
ودخول النساء إلى الحمامات أمر معروف وسائد في كل بلاد المسلمين،
نعم ثبت النهي عن الدخول عراة، فلا بد من مئزر يستر العورة
[3]،
ولا شك أن أجسادهن كانت منكشفة.
وهذا دليل على جواز كشف المرأة المسلمة أمام الاجنبيات، سواء كنّ
من حاشيتها أم لا، وسواء كن مسلمات أو لا.
الأمر الرابع: سيرة المتشرعة على كشف
المسلمة لشعرها وذراعيها امام النساء حتى مع عدم معرفتهن، ودخول الحمامات العامة
التي ترتادها مختلف أصناف النساء، مما يكشف عن الجواز.
وهذه السيرة ثابتة لا تنكر ولم يرد
فيها نهي، إلا أنها دليل لبي نقتصر فيه على القدر المتيقن.
ويمكن الاستفادة من هذا الدليل على
جواز إبداء الزينة المعتادة عند النساء بين بعضهن البعض، كالقلادة على الصدر،
والاساور، والخلخال، ولم يرد في ذلك نهي.
قلنا ان زينة المرأة على البدن ثلاثة
أقسام: زينة الوجه والكفين. زينة ظاهرة للنساء بشكل عام، وقسم زينة غير ظاهرة حتى
للنساء.
إثارة: هل
قوله تعالى:
} إلا ما ظهر منها { بعد أن
فسرت في الروايات بالكحل والخاتم والسوار إلى آخره. إذا اعتبرنا ان الكحل والخاتم
والخضاب، مجرد مفردات وهذا ما ذهبنا اليه، وهو ان كل زينة على الوجه والكفين يجوز
النظر اليه لذلك هذه المفردات اختلفت من رواية إلى أخرى، فتكون مصاديق لـ "
ما ظهر منها " فيجب إذن ان نأخذ بالمعنى اللغوي لـ " ما ظهر منها "
فتنحصر بالزينة الظاهرة على الوجه والكفين.
هل استطيع ان أقول ان هناك معنى نسبي
إضافي لـ " إلا ما ظهر منها " بحسب الحضور فيختلف بين النساء وبين
الرجال. فيكون ما اعتدن على إظهاره بين النساء من مصاديق " ما ظهر منها
" عرفا فيجوز اظهار الزينة التي على الشعر وعلى البدن كالقلادة والخلخال، أما
دون ذلك فيحرم. بشرط ان نقول أن الكحل والخاتم والخضاب والسوار وغيرها هي مجرد
مصاديق ومفردات. ونحن نعلم أن " ما ظهر منها " بين النساء يختلف عنه بين
الرجال.
الأمر الخامس: إذا لم يتم الدليل
الإجتهادي تصل النوبة إلى الأدلة الفقاهتية، أي الأصول العمليّة، والمورد هنا مجرى
أصالة البراءة.
أما الرواية المعتبرة المستفيضة
[4]
التي وردت " لا تنكشف امام اليهودية والنصرانية " وإذا قلنا ان العلّة
ظاهرة في الانحصار توسع وتضيق، تكون الرواية مقيّدة لأدلة كالسيرة وغيرها التي دلت
على الجواز. فلا يجوز الانكشاف امام المرأة التي تصف. ونحن ذهبنا إلى أن "
كلمة لا ينبغي" ليست ظاهرة في التحريم واحتمال الكراهة موجود.
[5]
فإذن لا أستطيع ان اجعلها دليلا على التحريم والتفصيل.
والنتيجة في خطوط: -لا
يجوز للمرأة إبداء الزينة الباطنة وهي الموجود على البدن من قبيل الاقراط والخلخال
والقلادة إلا للحاشية من النساء وهنّ القدر المتيقن من قوله تعالى: " أو
نسائهن ". وبالنسبة لغيرهن فلدينا مجال للقول بالجواز.
-جواز
الإبداء يقتضي جواز النظر بخلاف الاكثر، هذا ما ذهبنا اليه.
-بدن
المرأة الخالي من الزينة يجوز النظر إليه من قبل النساء بأدلة البراءة.
-حرمة
النظر إلى الزينة غير الظاهرة منصرفة إلى الزينة التي على البدن مباشرة، ولعّلها
منصرفة عن كونها خارج البدن كالقلادة الملبوسة فوق الثوب، فتجري البراءة. نعم إذا
كان هناك عناوين أخرى كالإثارة والتبرج فإنها تدخل تحت حكمها.