العنوان: النظر إلى الاجنبية
الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز: حواز النظر
إلى الوجه والكفين. -التحقيق في معنى الآية.-كيفية الجمع بين الروايات المحددة للزينة. والخلاصة: إن الموضوع له لفظ الزينة هو
ما تتزين به المرأة، والمستعمل فيه في الموارد الثلاثة أيضا هو نفس المعنى فلا
توجد مجازية بين الموارد. نعم المراد من الزينة في المورد الأول أي
} وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا { هو
الزينة الظاهرة، والمراد من الزينة في المورد الثاني، أي
} وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ { هو الزينة الخفية التي تُخفى عادة. والمراد من الزينة في المورد
الثالث، أي
} وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا
يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِ { هو الزينة الخفية والقرينة موجودة في نفس الآية.
النتيجة إلى هنا: أولا: ان المراد في الآيات القرآنية بما هي وحدها والظاهر منها
هو الزينة.
وثانيا: ان المراد نفس الزينة وليس المواضع، وهذا ينقلنا إلى الروايات المختلفة في
تفسير معنى الزينة التي تحدد الزينة بالكحل والخاتم في بعضها، وفي بعضها الاخر
بالخاتم والمسكة وإلى غيرها، فهذه الروايات ظاهرها التعارض، فكيف نستطيع الخروج من
هذا الاختلاف.
نقول:
اما اختلاف الروايات في الزينة الظاهرة فهو اختلاف في تطبيق الظهور حيث إن بعضها
قصرها على الكحل والخاتم، كما في رواية زرارة من الوسائل ج 14 ب 109 من أبواب
مقدمات النكاح ح 3، وفي بعضها الخاتم والمسكة، كما في ح 4 من نفس الباب، وفي رواية
مستدرك الوسائل ب 85 من أبواب مقدمات النكاح ح 3: الثياب والكحل والخاتم وخضاب
الكف والسوار، وزاد ابن عباس المنحر والقرطين والمعضد.
هذا
الاختلاف محمول على كونه من تطبيقات ما ظهر منها، وذلك: إما لظهورها في ذلك بعد
ملاحظة القرآن حيث أعطى قاعدة عامة
} إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا {.
وإما
جمعا بين منطوق بعضها ومفهوم الآخر بالواو، كما ذكر في علم الأصول.
[1]
ومن المؤيد لكونها من التطبيقات وليس من باب تعارض المفهومين: أولا: ان كثرة
المفردات وتعارض المفاهيم، لا يلزم ان تكون للتعارض بل يستبعد التعارض بينها،
خصوصا مع امكان كونها من التطبيقات
[2].
ثانيا: الظهور من " ما ظهر منها " يعني كل زينة ظاهرة فيؤخذ القرآن كقاعدة
عامة، ولكن الروايات المحددة بالكحل والخاتم وغيرها مجرد تطبيقات للقاعدة. وثالثا:
ما ورد في ان الزينة الظاهرة هي المواضع الوجه والكفان، وهو خلاف ظاهر الزينة،
فإذا كانت في مقام التحديد وبيان المعنى تكون قد استعملت مجازا في الوجه والكفين،
والمجاز يحتاج إلى قرينة صارفة وإن امكن أن يقال ان القرينة معها وهي اعتباره
انها الوجه والكفان، لكن كون الاستعمال مجازا بعيد.
نظرية في حمل روايات المواقع: لكن يمكن ان يقال انه بعد ملاحظة الروايات وان ظهور
الزينة بنفس الزينة ان الامام (ع) في مقام بيان تحديد مواقع الزينة الظاهرة التي
تجوز، هل هي تختلف بحسب الأزمنة والعصور؟ وهل تختلف بحسب الامكنة؟
والذي
نراه ان الامام (ع) أراد ان يتدخل في تحديد مكان الزينة الظاهرة بالوجه والكفين
دون غيرها، فلا تصبح الزينة على العضد من الزينة الظاهرة، فلا تختلف باختلاف
الازمنة. كانه يريد ان يقول: بان الزينة على المنحر في أسفل الرقبة ليست من الزينة
الظاهرة، ولو كانت ظاهرة بحسب عصرهم، فهي زينة محرمة لانها لا تكون في الوجه
والكفين.
فالنتيجة
ان هناك خطوط:
الأول:
ان الروايات ظهارة بنفس الزينة.
ثانيا:
ان الروايات ليست ظاهرة في المواضع لأنها تحتاج إلى دليل.
ثالثا:
اختلاف الروايات نحمله على التطبيقات لا على التعارض.
رابعا:
تطبيق عنوان " ما ظهر منها ".
خامسا:
ان هناك تحديد لمكان الزينة الظاهرة بالوجه والكفين.
[3]
وأما
الروايات المفسرّة للزينة بالوجه والكفين فهي محمولة على أن المراد منها الزينة
الموجودة في الوجه والكفين بقرينة عموم القرآن
} إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا { وظهور
الزينة في نفسها، والروايات المفسرة للزينة بنفسها كالكحل والخاتم والسوار،
واستلزام المجازية كما اسلفنا.
ومع القول بالملازمة بين جواز الإبداء وجواز النظر كما أسلفنا تكون الآية دالة على
جواز النظر إلى الزينة الظاهرة لا إلى مواضعها، فلا تكون دالة على جواز النظر إلى
الوجه والكفين بما هما كذلك، بل تكون دالة على جواز النظر إلى الزينة المتعارفة
الموجودة فيهما.
النتيجة:
انه يجوز النظر المتعمد البريء من كل للذة واستمتاع، ويجوز النظر إلى الزينة
الظاهرة على خصوص الوجه والكفين.
قد
يقال: ان التبرج لا يجوز. نقول: ان للتبرج مفهوم آخر. وبعبارة أخرى: يجوز ابداء
الزينة ما لم تصل إلى حد التبرج، فليس كل زينة تبرج، نعم كل تبرج زينة، بينهما
عموم وخصوص مطلق.
إذن
يجوز ابداء الزينة الظاهرة على الوجه والكفين فقط، ويجوز النظر إليها ولا يختلف
هذا باختلاف الأزمنة والامكنة لقاعدة الاشتراك بالأحكام بين جميع المكلفين بشرط
عدم الوصول إلى حد التبرج. هذا من حيث البحث العلمي، أما من حيث العمل فالاحتياط
لا يترك.
غدا نكمل أن شاء الله مسألة التبرج والفرق بينها وبين الزينة، ونكمل البحث في
الآية
} وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {، وانه
يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر الوجه.