الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 المالكة أمرها
 الاحتمال الثاني: أن تكون بمعنى " من تنفق على نفسها "، فلا تحتاج إلى من ينفق عليها، بل تملك من المال ما تستقل به وتكون مالكة لأمرها، فيدور الأمر مدار قدرتها المالية.
 وهذا الاحتمال قد يساعده بعض الروايات كخبر زرارة المروي في س ج 14 ب9 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح6 ص 215، محمد بن الحسن عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن فضالة بن أيوب عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت فإن أمرها جايز تزوَّج إن شاءت بغير إذن وليها، وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر وليها. يقول صاحب الوسائل بعد نقل الرواية: أقول: لا يبعد أن يراد من المالكة أمرها الثيب، ومن غيرها البكر، ويحتمل تخصيص الولي بغير الأب.
 فإن كلمة " تعطي من مالها " قد يستظهر منها أن المسألة مالية.
 ثم عن الشيخ الحر العاملي (رض) قال: ويحتمل تخصيص الولي بغير الأب. ولكنه احتمال لا دليل عليه.
 ثم إن في الرواية كلاما في السند وفي المضمون والدلالة.
 أما من حيث السند، فالمشكلة ليست في موسى بن بكر، فقد حققنا سابقا اعتبار أخباره، ولكن المشكلة أن هذا الخبر رواه الشيخ بإسناده عن علي بن اسماعيل الميثمي، وهذا الاسناد لم يذكره الشيخ ولا يوجد لا في المشيخة ولا في الفهرست، ومن هنا فإن الفقهاء حكموا بمجهولية الخبر.
 ولكن، وبناء على نظرية التعويض، يمكن تصحيح الخبر اعتمادا على صحة سند الصدوق إلى كتاب الميثمي.
 تقرير الطالب
 المالكة أمرها
 الاحتمال الثاني في معنى " المالكة أمرها " أن تكون بمعنى من بيدها المال أي من تستطيع أن تنفق على نفسها، بل تملك من المال ما تستقل به وتكون مالكة لأمرها، بعبارة أخرى يدور الأمر مدار قدرتها المالية. والمعنى الثالث الذي سنختاره إن شاء الله بمعنى أن قرارها بيدها في كل أمورها.
 هذا الاحتمال قد يساعده بعض الروايات كخبر زرارة المروي في س ج 14 ب9 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح6 ص 215، محمد بن الحسن عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن فضالة بن أيوب عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت فإن أمرها جايز تزوَّج إن شاءت بغير إذن وليها، وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر وليها.
 يقول صاحب الوسائل بعد نقل الرواية: أقول: لا يبعد أن يراد من المالكة أمرها الثيب، ومن غيرها البكر، ويحتمل تخصيص الولي بغير الأب. المقصود الولي العرفي كالعم أو الخال أو الأم أو الأخ الأكبر أو الذي هو عمليا ولي وليس الولي الشرعي.
 فإن كلمة " تعطي من مالها " قد يستظهر منها أن المسألة مالية، إن كان عندها مال فهي " مالكة لأمرها ".
 ثم عن الشيخ الحر العاملي (رض) قال: ويحتمل تخصيص الولي بغير الأب. هذا الاحتمال ممكن ولكنه احتمال لا دليل عليه.
 فائدة حديثية: صاحب الوسائل أو الشيخ الطوسي (ره) إلى غيرهما من أصحاب كتب الحديث لماذا يقولون بعد الحديث إذا كان مضمونه يختلف عن رأيه أو له معارض أنه يحتمل في الرواية التخصيص أو التقية أو المراد المعنى منه كذا؟
 لعلَّ السبب الاساسي هو التالي: أن الروايات عندما يروونها فهم يروون الصحيح برأيهم ويشهدون بصحتها، كما الشيخ الصدوق (ره) يشهد بصحة الأصول والكتب التي نقل عنها يقول: أن الروايات متداولة وعليها المعول وإليها المرجع. إذا كانت هذه الرواية بنظره صحيحة وتخالف رأيه الفقهي، حينئذ لا بد من توجيهها بإعطاء بعض التأويلات والاحتمالات إذا لم يكن لها ظهور في ذلك.
 نحن لا نأخذ باحتمالاته علينا بظهور الرواية بالنسبة لنا، نعم قد نأخذ بشهادته بصحة الرواية، وقلنا سابقا أن الشهرة في النقل تختلف عن الشهرة في الفتوى المستندة إلى الاستنباط.
 هذه الرواية فيها كلام في السند والمضمون والدلالة.
 أما من حيث السند، هناك نقطتان: موسى بن بكر، وسند محمد بن الحسن إلى علي بن اسماعيل.
 المشكلة ليست في موسى بن بكر، فقد حققنا سابقا اعتبار أخباره.
 أما المشكلة المهمة أن هذا الخبر رواه الشيخ بإسناده عن علي بن اسماعيل الميثمي، وهذا الاسناد لم يذكره الشيخ ولا يوجد لا في المشيخة ولا في الفهرست، ومن هنا فإن الفقهاء خدشوا في السند، سند غير معلوم حكموا بمجهولية الخبر وضعفه لا يعمل به.
 ولكن يمكن تصحيح الخبر بالطريقة التالية ولعلها من تطبيقات نظرية التعويض التي هي في علم الحديث والتي وثَّق أسسها السيد محمد باقر الصدر(قده) كانت قبله، والسيد كاظم الحائري (حفظ) تلميذ السيد الشهيد في كتابه القضاء يذكر نظرية التعويض بالتفصيل.
 وملخصها: أن الخبر يكون من الشيخ الطوسي (ره) إلى علي بن اسماعيل غير معلوم، ومن علي بن اسماعيل إلى الامام (ع) معلوم، إذن هذا الخبر ضعيف. إذا استطعنا أن نبدل القطعة المجهولة بقطعة صحيحة، كتركيب الاجزاء، حينئذ يصبح سند بأكمله صحيحا هذا الخبر تبديل بقطع صحيحة، ولهذا عبروا عنه بالخبر المصحح الذي كانوا يعتبرونه ضعيفا، بعملية الترقيع يترتب السند ويعبر عنه بالتعويض. هذه الرواية لعلها من الامثلة على هذه النظرية.
 كتاب علي بن اسماعيل الميثمي يرويه الشيخ الصدوق بإسناد معتبر، اخذنا طريق الشيخ الصدوق إلى كتاب علي بن اسماعيل وهو يشهد بأن كتبه عليها المعول وإليها المرجع. الشيخ الطوسي (ره) ذكر السند كاملا من علي بن اسماعيل للباقر (ع) وبالنتيجة: نحن صححنا السند لعلي بن اسماعيل والشيخ صححه إلى الامام (ع)، بعبارة أخرى بواسطة الشيخ الصدوق صححنا السند إلى علي بن اسماعيل ومن علي بن اسماعيل إلى الباقر (ع) بواسطة الشيخ الطوسي.
 فيمكن حينئذ اعتبار هذا الحديث ولذلك سنتكل على هذا الحديث وأمثاله في أن المراد من " المالكة امرها " " تشهد " أنه ليس المسألة مالية. ببركة هذه الروايات وبركة تصحيحها تعيننا على الجمع بين الروايات المتعارضة في أخذ الرأي. ولكن عمليا هناك احتياطات كثيرة ولكن نظريا اتبنى أن البنت البالغة الرشيدة المالكة لأمرها بمعنى صاحبة القرار في كل شيء لا تحتاج إلى إذن ابيها، أما البنت البالغة الرشيدة غير المالكة لأمرها التي بين أبويها تحتاج إلى إذن أبيها.
 سنستدل على هذا الرأي إن شاء الله وغدا نكمل الدلالة ومسألة أن لها في نفسها حظا ونبين المختار.
 والحمد لله رب العالمين.