الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الجد

كان الكلام في: هل للصغير الفسخ بعد بلوغه أو لا؟ ذكرنا أدلة ثبوت الفسخ وأدلة عدم ثبوته، وفي النهاية روايات ثبوت الفسخ أقوى دلالة وأوضح لا تقاومها روايات عدم ثبوت الفسخ ولذلك نقدم روايات ثبوت الفسخ، وتكون هي الدليل. وبهذا لا مجرى لأصالة لزوم العقد، لأنه كما ذكرنا أنهم استدلوا لعدم خيار الفسخ بأربعة أمور: أولا: الروايات، ثانيا: الشهرة والإجماع، وقلنا أن الشهرة الفتوائية ليست بدليل. ثالثا: أصالة اللزوم في العقود. رابعا: أصالة الفساد.

هنا لما قدمنا أدلة روايات ثبوت الفسخ على روايات عدم ثبوت الخيار، لا يبقى مجال لأصالة اللزوم، الروايات تقدم على أصل اللزوم وعلى أصالة الفساد واستصحاب بقاء العقد. وذكرنا أن الأصول اللفظية، أصالة اللزوم في العقود وإن اعتبرناها أصلا لفظيا ولكنها في آخر الأمارات، لأن موضوعها قاعدة وليس المسألة بعنوانها، فعندما ترد المسألة بعنوانها لا تصل النوبة إلى القواعد، إذا وجدت في الرواية أن للعنوان حكما، كما في أن للصغير حق الفسخ، لا لزوم للرجوع لا للقواعد ولا للأصول.

من هذا الدليل الواحد تقديم روايات ثبوت الفسخ للصغير بعد البلوغ على عدم الثبوت يكون هو الدليل الأساسي، فقدم على تلك الروايات وعلى أصالة اللزوم واستصحاب بقاء العقد بعد الفسخ.

بهذا ننتهي من هذه المسألة، هل للصغير خيار فسخ العقد بعد البلوغ؟

مسألة: ولاية الجد.

هل للجد ولاية على الصغيرين أو لا؟ هل للجد ولاية على البنت الكبيرة البالغة الرشيدة؟.

أنه إجمالا هناك إجماع على ولاية الجد في الجملة، ذكر في الجواهر ج 29 ص 172 يقول: لا خلاف في أن الجد ولي أمر الصغيرة في الجملة[1]

يمكن الاستدلال على ولاية الجد:

أولا: الروايات.

ثانيا: صدق الأب على الجد.

الروايات:

الرواية الأولى: ، محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: ( إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه، ولابنه أيضا أن يزوجها، فقلت: فإن هوى أبوها رجلا وجدها رجلا، فقال: الجد أولى بنكاحها )[2]

والرواية معتبر وصحيحة.

الرواية الثانية: عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال ( قلت: لأبي عبد الله (ع) الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن يزوجها من آخر، فقال: الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا، إن لم يكن الأب زوجها قبله، ويجوز عليها تزويج الأب والجد )[3]

رواه الصدوق أيضا بإسناده عن ابن بكير مثله، إلى قوله : " قبله إلا أنه حذف قوله ما لم يكن مضارا.

الرواية موثقة، فيها ابن فضال وابن بكير فطحيين، لكنهما من كبار فقهائنا.

ومن حيث الدلالة للجد حق الولاية.

الرواية الثالثة: عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ومحمد بن الحكيم عن أبي عبد الله (ع) قال: ( إذا زوج الأب والجد كان التزويج للأول فإن كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولى )[4]

الرواية الرابعة: نفس المصدر: عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد عن جعفر بن سماعة عن أبان عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) قال: ( أن الجد إذا زوج ابنة ابنه وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز، قلنا هوى أبو الجارية هوى وهوى الجد هوى، وهما سواء في العدل والرضا، قال أحب إليّ ان ترضى بقول الجد )[5]

سندا الرواية موثقة. ومن حيث الدلالة تدل على ولاية الجد في الجملة هذا أولا

ثانيا: كلمة " وكان أبوها حيا " قيد إذا كان ميتا ليس للجد ولاية؟

هذه الرواية اتكل عليها مشهور القدماء عندما قالوا انه يشترط في ولاية الجد حياة الأب.

ثالثا: " إليّ ان ترضى " الرضا دليل أنها كبيرة لها قابلية الإستئمار.

رابعا: تدل على الاستحباب " أحب إليّ " وبهذا تكون الرواية حاكمة على الروايات السابقة التي جعلت الجد مقدما.

سنقف عند دلالة هذه الرواية والرد على الدلالات الأخرى.

وقلنا في رواية "ما لم يكن مضارا" أنها تنفي العقد من أساسه، لأن الإجماع على أن ولاية الأب أو الجد إنما تكون بلحاظ عدم الضرر، وقلنا أيضا زائد على ذلك أنهلا بد من مصلحة.


[1] - ما معنى إجمالا؟.أي على نحو الموجبة الجزئية، يعني الولاية موجودة بغض النظر عن التفاصيل، أي هل يشترط بقاء الأب أو لا؟ هل يشترط أن يكون الأب حيا أو لا؟.
[2] - الوسائل ج14 باب11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح1.
[3] - الوسائل ج14 باب11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح2.
[4] - الوسائل ج14 باب11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح3.
[5] - الوسائل ج14 باب11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح4.