الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الأب على الصغيرين - نفوذ عمله بعد البلوغ

وصل بنا الكلام إلى تزويج الصغير والصغيرة هل هو نافز عليهما بعد البلوغ أم لا

أما في مبحث الصغيرة

نقل في الحدائق اتفاق الأصحاب على عدم ثبوت الخيار لها. والكلام تارة بلزوم إجازتها وتارة في ثبوت خيار الفسخ لها بعد البلوغ.

النقطة الأولى هل يجب إجازتها؟ هل أصبح الأب فضوليا أو لا؟

ما الفرق بين الفضولي ومسألتنا؟

في الفضولي ليس هناك عقد فعلي أصلا من دون إذن البنت، في مسألتنا مجرد أنه تم العقد صح، ولذلك لو توفي زوجها قبل بلوغها ترثه بعكس لو كان فضوليا.

استدلوا على أنه ليس فضوليا بل هو عقد تام صحيح.

برواية محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: ( سألت أبا الحسن (ع) عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، يجوز عليها التزويج أم الأمر إليها؟ قال: يجوز عليها تزويج أبيها )[1]

الرواية رواها الصدوق، والشيخ، رويت في أكثر من مصدر، نعبر عنه في علم الأصول بالشهرة الروائية.

الرواية واضحة الدلالة في صحة الزواج وعدم الحاجة إلى الإجازة.

إن قلت: يجوز عليها تزويج أبيها أن الجواز هنا بمعناه التكليفي مقابل الوجوب، أي الإباحة.

فنقول: يحتمل أن تكون الإجازة بالمعنى التكليفي. ولكن الجواب

أولا: الإجازة بالمعنى التكليفي لا تختص بالأب، أي إنسان أجنبي يستطيع ان يزوجها بعقد الفضولي.

ثانيا: إن الإجازة في روايات المعاملات غالبا ما تكون بمعنى النفوذ.

هذه الرواية صحيحة صريحة بعدم ثبوت خيار الفسخ لها بمعنى أن العقد صحيح نافذ وليس عقدا فضوليا ولا يحتاج إلى الإجازة.

والكلام في النقطة الثانية، هل لها الفسخ بعد البلوغ أو لا؟

الروايات متعارضة والمشهور عدم ثبوت الخيار لها.

وأدلة عدم ثبوت خيار الفسخ:

أولا: الروايات،

الرواية الأولى: المتقدمّة التي ذكرناها الوسائل ج 14 باب 6 ح 1 رواية ابن بزيع. هذه الدلالة واضحة في أن الأمر ليس إليها بل الأمر لأبيها فلا يثبت لها خيار الفسخ.

رواها الصدوق، وفي عيون الأخبار عن جعفر بن نعيم بن شاذان عن محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن محمد بن إسماعيل، ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى مثله. السند صحيح والرواية معتبرة.

ومن حيث الدلالة كلمة " يجوز " بمعنى نافذ عليها، ثم أن السؤال صريح في المطلوب، هل أنه يجوز عليها تزويج أبيها أو أن الأمر إليها.

الرواية الثانية: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن الصلت، - في نسخة بدل عبد الملك بن الصلت – قال: ( سألت أبا عبد الله (ع) عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها لها أمر إذا بلغت، قال: لا ليس لها مع أبيها أمر )[2] .

من حيث الدلالة واضحة في عدم ثبوت خيار الفسخ لها مع أبيها.

الرواية الثالثة: عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال: ( إذا زوج الرجل ابنه فذاك إلى ابنه وإذا زوج الابنة جاز )[3] . في نسخة بدل " فذاك إلى أبيه ".

الرواية الرابعة: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين قال: ( سالت أبا الحسن (ع) أتزوج الجارية وهي بنت ثلاث سنين أو يزوج الغلام وهو ابن ثلاث سنين وما أدنى حدِ ذلك الذي يزوجان فيه، فإذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها، قال: لا باس بذلك إذا رضي أبوها أو وليها )[4]

الرواية واضحة الدلالة في عدم الخيار لها مع رضى الأب والولي.

الدليل الأول على لزوم النكاح بعد البلوغ وعدم ثبوت خيار الفسخ لها. الروايات. الدليل الثاني أصالة اللزوم في عقد النكاح، والدليل الثالث الشهرة الفتوائية.

غدا نبين الدليلين الأخرين إن شاء الله تعالى.

 


[1] - الوسائل باب6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح1.
[2] - الوسائل باب6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح3.
[3] - الوسائل باب6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح4.
[4] - الوسائل باب6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح7.