الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ أدلة الصحة

لا زال الكلام في أدلة من قال بصحة نكاح الفضولي قلنا الأدلة على الترتيب الاستنباطي هي: أولا: الإجماع، إذا تم فهو دليل قطعي حتى لو كان هناك روايات على خلافه، فإما أن نعرض عن الروايات أو نؤولها إلى شيء آخر.

ثانيا: الروايات

ثالثا: الأصل اللفظي

رابعا: الأصل العملي.

وكنا نتحدث في الروايات وذكرنا عدة روايات

منها: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينه عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: ( سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال(ع): ذاك إلى سيده إن شاء أجاز وإن شاء فرق بينهما، قلت أصلحك الله إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون إن أصل النكاح فاسد ولا تحل إجازة السيد له، فقال أبو جعفر (ع) انه لم يعص الله وإنما عصى سيده، فإذا أجاز فهو له جائز)[1] .

الكلام واضح جدا بالفضولي لأن العقد تم من غير إذن من له الإذن، ثم إن العقد معلّق أثره على إجازة صاحب الإذن.

وأما من جهة السند: فيه عمر بن أذينة لكنه موثق، يقول الحر العاملي في خاتمة الوسائل عمر بن اذينه من أصحاب الصادق والكاظم (علهم) ثقة له كتاب يرويه ابن أبي عمير وصفوان، قاله الشيخ. تعود المسألة إلى قاعدة أن ابن أبي عمير لا يروي إلا عن ثقة، التي رفضها المتأخرون خصوصا السيد الخوئي (ره) وان اشتهرت بين القدماء وبعض المتأخرين. ونحن نميل إلى صحتها.فالرواية معتبرة سندا

وأما من حيث الدلالة: فهي واضحة الدلالة، وبوحدة المناط تشمل الحر أيضا. فيها نقطة لطيفة عندما قال الإمام (ع) انه لم يعص الله وإنما عصى سيده. هناك اعتبار تام لهذا العقد، فهو عقد صحيح لكنه لما كان متعلقا بالسيد فيتوقف على إجازته، فالآثار متوقفة على الإجازة حفظا لحق السيد.

منها: وعن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى ابن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ( سألته عن رجل تزوج عبده " امرأة " بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه ، قال : ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما ، وإن شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها ، إلا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا ، وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول ، فقلت لأبي جعفر عليه السلام : فان أصل النكاح كان عاصيا ، فقال أبو جعفر عليه السلام : إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص الله ، إن ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه )[2] .

هناك فرق بين نكاح من هي في العدّة، لأن النكاح من أساسه باطل، وأما نكاح الفضولي فلم يعص الله بل عصى السيد.

أما من جهة السند: ففيه موسى بن بكر ونحن سابقا وثقناه، فالسند معتبر.

وأما من جهة الدلالة: والدلالة نفس الدلالة وهي كسابقاتها، إلا أن فيها تبيانا أكثر في المسألة حيث فرق الإمام (ع) بين النكاح المحرم من أساسه ونكاح الفضولي حيث عبّر عنه بأنه أتى حلالا.

 

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] - الوسائل باب24 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.
[2] - الوسائل باب24 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح2.