الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ أدلة الصحة

كان الكلام في الاستدلال على فساد العقد الفضولي ووصل بنا الكلام إلى الدليل الرابع

الدليل الرابع: اشتراط رضا المعقود عليه وهو ما فهمه بعضهم من قوله تعالى: " فانكحوهن بإذن أهلهن " ومن قول الصادق (ع) في الروايات التي مرت معنا " إلا بإذن آبائهن " و " لا تنكح إلا بأمرها ".يمكن أن تنكح بصيغة اسم الفاعل وبصيغة اسم المفعول، لان العقود على قسمين: قسم منها فيه موجب وقابل ولا يمكن أن يكون كل من المتعاقدين موجب وقابل. مثل البيع، احد المتعاقدين هو المشتري، في الشراء المشتري هو الموجب، في البيع البائع هو الموجب. والفرق بينهما في الغرض. غرض البائع الحفاظ على المالية، وغرض المشتري في العين. بينما في النكاح، تزوجت فلانة من فلان، أو تزوج فلان من فلانة، يستطيع كل منهما أن يكون موجبا أو أن يكون قابلا، وهذا محل كلام. يقال: نكحت المرأة الرجل، ونكح الرجل المرأة.

فهذه الآية والروايات استظهر منها أن الرضا شرط متقدم على العقد " لا تنكحوهن إلا بإذن أهلهن " يلزم أن يكون الإذن متقدما على العقد، وهي طبيعة الشروط.

وقبل الجواب نشير أن الفساد هو البطلان في عقد الفضولي، وإن استخدم عند بعضهم على خلاف الفساد. مفهومين مختلفين، يمكن أن يكون هذا لغة عندنا، عندما نبحث مسألة الفضولي، الفساد هو نفس البطلان ولذلك جعلنا مقدمة، ما معنى صحة عقد الفضولي، وقلنا إن معنى الصحة هو ما يقابل البطلان الذي هو نفس الفساد في هذه المسألة، في اصطلاحنا، حتى لا يبحث كل منا في واد، وصحة عقد الفضولي هو التالي: أن يكون تام الأجزاء والشرائط والأركان، معلّق أثره على الرضا، على الإجازة، هو تاما لا نقص فيه.ولذلك منها عقد الخطيفة، الفضولي. فتاة ذهبت مع شاب بدون رضا أهلها، وبعد أن عقد عليها لم يرضى الأب، ثم رضي بعد ذلك، فهذا عقد فضولي. هل يحتاج لعقد جديد؟ لذلك إذا قلنا بالصحة فالإجازة هنا أدت إلى الأثر، العقد صحيح ولا يحتاج إلى عقد جديد. إذا قلنا ببطلان عقد الفضولي وفساده، العقد من أساسه باطل لا قيمة له، لقلقة لسان يحتاج إلى عقد جديد.

هذا في مقام بيان معنى ما نبحث فيه هو التالي: الصحيح بالمعنى الأصولي صحيح وليس بالمعنى الفقهي، وقلنا سابقا إن الصحة والفساد مفهومان يختلفان تعريفا بحسب الأنظار. فنظر الفقيه شيء ونظر الأصولي شيء ونظر الكلامي شيء، كل منهم يعرف الصحة بما يراه بحسب نظره لأنه نظره مرتبط بغرضه. ولذلك تعريف بداية الشهر تختلف من الفلكي إلى اللغوي إلى الفقيه أحيانا. والسبب لان كل منهما نظر يختلف بحسب غرضه. وبينَّا الموضوع حتى لا يتكلم كل منا بواد، أن معنى صحة عقد الفضولي هو التالي: تام الأجزاء والشرائط لكن الأثر متوقف على الإجازة، ومعنى بطلان أو فساد الفضولي في مقابل الصحة هو أن العقد مجرد لقلقة لسان لا قيمة لها، فيحتاج حينئذ إلى عقد جديد حتى مع إجازة الأب. هذا اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح.

والجواب: عند الكلام في صيغة العقد قلنا، إنما نقتصر على القدر المتيقن إذا لم يكن هناك دليل لفظي عام، إذا بقي الشك ولم يكن هناك دليل لفظي فاقتصر حينئذ على القدر المتيقن. هذه قاعدة عامة.

القدر المتيقن يؤخذ به عند عدم وجود أصل عام لفظي من عموم أو إطلاق. أما مع وجود الأصل اللفظي فلا معنى للاقتصار على القدر المتيقن، فيبقى العموم على عمومه.

وذكرنا هناك أن الأوضاع توقيفية أما الأبواب، هل هي توقيفية أم لا؟ مسألة ذكرت سابقا.

ثم لو سلمنا توقيفية العقود الناقلة، بالعموم يمكن تصحيح هذا النوع من العقود، فيصبح شرعيا. التوقيفية جعلت لي العقود الناقلة هي المسبوقة بالإجازة، وبالعموم استطيع أن اشرع العقود الناقلة ذات الإجازة اللاحقة.

الدليل الخامس: الأصل العملي. وهو انه إذا اقتصرنا على القدر المتيقن فالباقي تحت الشك، وعند الشك في كل المعاملات الأصل الفساد، او أصالة عدم ترتب الأثر.

فتقرير الأصل العملي هو أن القدر المتيقن،العقود الناقلة المسبوقة بالإجازة، أما الملحوق بالإجازة، اشك في صحتها، فالأصل العملي الفساد.

وذكرنا في الجواب: مرارا وتكرارا أن الأصل العملي لا مورد له ولا مجرى له مع وجود الأصل اللفظي الذي هو عموم " أوفوا بالعقود " وعموم أصالة الصحة وغير ذلك.

انتهينا من أدلة من قال بالفساد والبطلان، ننتقل إلى أدلة القائلين بصحة عقد الفضولي في النكاح.

 

والحمد لله رب العالمين.