بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الإجزاء

القول الثاني‌: الإجزاء مع إمكان عدم الإجزاء و جواز طلب المأمور به ثانياً في حال الاختيار بعد ما زالت الضرورة [1]

قال الشیخ الأنصاريّ‌(رحمه الله): «الحقّ فيه الإجزاء مع إمكان عدمه، بمعنى: أنّ مقتضى القواعد الشرعيّة هو كفاية المأتيّ به في حال الضرورة عن الأمر الواقعي الاختياري بعد زوال الضرورة، إلّا أنّه لا دليل على امتناع طلب المأمور به ثانياً في حال الاختيار بعد ما زالت الضرورة، تداركاً للفعل الواقع أوّلاً». [2]

أقول: لیس البحث في الإمکان، بل البحث في مقام الإثبات. و إثبات عدم الإجزاء یحتاج إلی الدلیل بعد قیام الأدلّة السابقة للإجزاء.

إشکال في القول الثاني و دفعه

الإشکال

على ذلك يمتنع اقتضاؤه الإجزاء كما هو ظاهر بعد ملاحظة تحقّق التدارك. [3]

دفع الإشکال

لا إشكال في أنّ المأتيّ به في حال الضرورة أنقص منه في حال الاختيار و المدّعى هو كفاية الناقص عن الكامل و لا ضير في الأمر بالفعل ثانياً إحرازا للكامل و يصدق على الفرد الكامل لفظ «التدارك» من دون غائلة. [4]

أقول: لا بحث في الإمکان، بل البحث في إثبات عدم الإجزاء بعد قیام الأدلّة السابقة علی الإجزاء.

دلیل القول الثاني

قال الشیخ الأنصاريّ‌(رحمه الله): «لنا في المقام دعويان: إحداهما: كفاية الناقص عن الكامل و إجزاء الفعل الواقع في حالة الاضطرار عنه في حالة الاختيار.

و ثانيتهما: إمكان عدم الإجزاء.

أمّا الأولى منهما، فنقول: لا إشكال في كفاية الأمر الاضطراري عند الإتيان بالمأمور به على وجهه عن نفس المأمور به في حال الاضطرار، بمعنى‌أنّه لا يجب الإتيان به ثانياً لعين ما تقدّم في الأمر الاختياري، بل و ذلك جار في القسمين الأخيرين أيضاً.

و أمّا كفايته عن الواقعي، فتارة يقع الكلام بالنسبة إلى الإعادة. و كيف كان، فيتّضح البحث في مقامين:

المقام الأوّل: في أنّ قضيّة القواعد الشرعيّة عدم وجوب الإعادة في الوقت؛ لأنّ الواجب الموسّع هو القدر المشترك بين الأفعال الواقعة عن المكلّفين بحسب اختلاف تكاليفهم في موضوعات مختلفة، فقوله: «أقيموا الصلاة» هو الواجب و يتخصّص للحاضر في ضمن أربع ركعات و للمسافر في ضمن ركعتين و للواجد للماء في ضمن الصلاة مع الطهارة المائيّة و للفاقد له في ضمنها مع الطهارة الترابيّة، فيكون الأمر الواقعي الاضطراري أحد أفراد الواجب الموسّع و لا إشكال في أنّ الإتيان بفرد من الماهيّة يوجب سقوط الطلب بالنسبة إليها و بعد سقوط الطلب لا وجه لوجوب الإعادة.

و ممّا ذكرنا يظهر: أنّه لا يعقل الأمر بالإعادة لمجرّد الأمر بالصلاة؛ لاستلزامه طلب الحاصل.

و بالجملة: فالنظر في الأوامر الشرعيّة الواردة في أنواع الصلاة بحسب اختلاف أحوال المكلّفين يعطي أنّ إيجاد نوع من تلك الأنواع يكفي عن التكليف المتعلّق بكلّي تلك الأنوا

و أمّا الثانية:_أعني إمكان عدم الإجزاء بواسطة ورود دليل على وجوب الإعادة_ فلأنّه لا استحالة عقلاً و شرعاً و عرفاً في أن يقول الأمر للفاقد للماء: متى قدرت على الماء فتطهّر؛ إذ المفروض أكمليّة المصلحة الموجودة في الطهارة المائيّة، فيصحّ الأمر بها إحرازاً لها»، (إنتهی ملخّصاً). [5]

أقول: إنّ البحث لیس في الإمکان، کما سبق.

القول الثالث: التفصیل [6]

قال النجفي الإصفهانيّ‌(رحمه الله): « أمّا الحكم بحسب الأدلّة فهو يختلف باختلاف الموارد وضوحا و خفاء بل وجودا و عدما و الظاهر منها الإجزاء في الصلاة مع التيمّم و في حال التقية. و كفاية مثل صلاة المضطجع و الغريق عن صلاة المختار لا يخلو عن خفاء، بل منع و أما جواز البدار مع رجاء زوال العذر، فهو يتبع العذر المأخوذ في موضوع الحكم، فإن كان هو العذر المستوعب لتمام الوقت فلازمه عدم الإجزاء لو ارتفع العذر في الأثناء و إلّا فالإجزاء»، (إنتهی ملخّصاً). [7]

أقول: إنّ هذا ادّعاء لا بدّ من إثباته بحسب الأدلّة في مواردها المختلفة.

القول الرابع

إذا كان المأمور به الاضطراريّ كافياً بحسب مقام الثبوت عن الاختياري، كان المكلّف مخيّراً بين إتيان العمل في أوّل الوقت في حال الاضطرار أو إتيانه في آخره عند طروّ الاختيار، بخلاف ما إذا لم يكن مجزياً عنه، فإنّه يتعيّن عليه العمل في حال الاختيار و إن كان يستحبّ البدار، لدرك فضيلة أوّل الوقت‌. [8]

أقول: البحث في مقام الإثبات، لا مقام الثبوت و مقام الإثبات یحتاج إلی الدلیل من الآیات و الروایات الصحیحة و أمثالهما.

القول الخامس: عدم الإجزاء مع ارتفاع الاضطرار في الوقت ( و وجوب الإعادة) [9]

قال المحقّق الخوئيّ‌(رحمه الله): «إنّ المكلّف إذا كان قادراً على الإتيان بالصلاة مع الطهارة المائيّة_ مثلاً_ في الوقت، لم تصل النوبة إلى الصلاة مع الطهارة الترابيّة». [10]

أقول: هذا القول قويّ بحسب ظواهر الآیات، لکنّ الروایات الصحیحة تدلّ علی الإجزاء، کما سبق.

 


[1] مطارح الأنظار، الكلانتري الطهراني، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص119.
[2] مطارح الأنظار، الكلانتري الطهراني، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص119.
[3] مطارح الأنظار، الكلانتري الطهراني، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص119.
[4] مطارح الأنظار، الكلانتري الطهراني، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص119.
[5] مطارح الأنظار، الكلانتري الطهراني، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص119.
[6] وقاية الأذهان، النجفي الإصفهاني، محمّد رضا، ج1، ص200.
[7] وقاية الأذهان، النجفي الإصفهاني، محمّد رضا، ج1، ص200.
[8] المحاضرات - تقريرات، الطاهري الاصفهاني، السيد جلال الدين، ج1، ص203.
[9] محاضرات في أصول الفقه، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج2، ص46.
[10] محاضرات في أصول الفقه، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج2، ص46.