بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الإجزاء

الدلیل السابع

قال المحقّق العراقيّ(رحمه الله): «إذا قلنا بأنّ متعلّق التكليف هو الجامع بين صلاة المختار و صلاة المضطرّ و صلاة القادر و صلاة العاجز كالجامع بين صلاة الحاضر و المسافر و إنّما‌ عيّن الشارع لكلّ أحد من المكلّفين المختلفين بالاختيار و الاضطرار و العجز و الاقتدار فرداً خاصّاً به من أفراد هذا الجامع في مقام الامتثال؛ فلا محالة يكون المأتيّ به في حال الاضطرار هو نفس المأمور به في حال الاختيار لكنّه بفرده الآخر، فتكون المصلحة المقصودة تحصيلها بالأمر بالجامع حاصلة بالفرد المأتيّ به في حال الاضطرار، لا أنّ العمل الاضطراري بدل عن المأمور به في حال الاختيار». [1]

کما قال الحجّة التبریزيّ(رحمه الله): «مقتضى أدلّة الأوامر الاضطراريّة يكون هو الفرديّة و أنّ تكليف المختار فرد و تكليف المضطرّ فرد آخر و أنّ التكليف الواقعيّ المختار هو الوضوء_ مثلاً_ من أوّل الأمر و التكليف الواقعيّ للمضطرّ هو التيمّم_ مثلاً_ من أوّل الأمر، فالمأمور به للشخص المضطر لا يكون هو الوضوء، ثمّ لاضطراره جعل الشارع له بدلاً، بل يكون تكليف المضطرّ أوّلاً هو التيمّم و لا يتوجّه عليه أصلاً التكليف بالوضوء، كما يكون الأمر هكذا في المسافر و الحاضر، فكما أنّ المسافر لا يتوجّه عليه أصلاً تكليف الحاضر و بالعكس، كذلك في المقام لا يتوجّه على المضطرّ تكليف المختار و بالعكس أصلاً؛ فعلى هذا إذا كان الأمر كذلك، فلا مجال للقول بعدم الإجزاء، بل لا بدّ و أن يكون مجزياً و الإطلاق الذي نقول به هو الإطلاق من الأدلّة المثبتة للتكاليف مطلقاً؛ مثل‌: «أَقِيمُوا الصَّلاةَ» فقلنا بأنّ للصلاة أفراداً، فصلاة القائم فرد من الصلاة و صلاة القاعد فرد منها و هكذا. و لقد كان في نوع الأدلّة و الأخبار تصريح بهذا_ مثلاً_ يكون في الخبر قريب بهذا المضمون الصحيح يصلّي قائماً و المريض يصلّي قاعداً، فعلى هذا أمر الصحيح ابتداءً بالصلاة قائماً و المريض ابتداءً بالصلاة قاعداً و هذا ممّا لا سترة فيه في كلّ مورد ثبت فرديّته»، (إنتهی ملخّصاً).[2]

و کما قال المحقّق البروجرديّ(رحمه الله): «إنّ مقتضى الإطلاق فرديّة ذلك للطبيعة المأمور بها و لا يشترط ببقاء الاضطرار في جميع الوقت. فالفرد الاضطراري بضميمة دليله كالفرد الاختياري في جميع الآثار و الأحكام بلا تفاوت بينهما أصلاً و كلّ منهما فرد من المأمور به و هو الطبيعة و ليس في البين إلّا أمر واحد متعلّق بها، فكلّما حصلت في أيّ فرد منهما يحصل الامتثال و يسقط الأمر بها، فلا مجال للقول بإيجاب الإعادة أو القضاء و لو بدليل آخر، لأنّه لو كان إنّما‌ يكون دالّاً على ثبوت أمر مستقلّ و واجب آخر لا ربط له بالأوّل و ليس الإتيان به إعادة للأوّل و لا تداركاً له، فافهم»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [3]

إشکال في الدلیل السابع و دفعه

الإشکال

تقريب الإجزاء بما ذكرتم يستلزم أن يكون قضاء ما فات في حال الاضطرار هو الإتيان بمثله و إن كان في حال الاختيار أو أنّ المختار يكون مخيّراً في القضاء بين الفرد الاضطراريّ الذي فات منه و بين الفرد الاختياري مع أنّه لا يلتزم بذلك أحد من الفقهاء. [4]

دفع الإشکال

لو كان الدليل الذي دلّ على تشريع العمل الاضطراريّ أنّه فرد مطلقاً للجامع المأمور به لتمّ ما ذكر و لكنّ الدليل المزبور إنّما‌ دلّ على كون العمل الاضطراريّ فرداً للجامع المأمور به في حال الاضطرار لا مطلقاً، فالعمل الاضطراري لا يكون في حال الاختيار فرداً للجامع، ليصحّ القضاء به؛ لأنّ ما فات المكلّف في حال الاضطرار هو الجامع المأمور به و لا يتأتّى امتثاله إلّا بإتيان فرده و ليس هو إلّا العمل الاختياري.‌ [5]

الدلیل الثامن

قال المحقّق البجنورديّ(رحمه الله): «أمّا بالنسبة إلى الإعادة في الوقت فما كان من قبيل جعل البدل، سواء كان جعل شي‌ء بدلاً عن الجزء أو الشرط المفقود، أو كان من قبيل جعل العمل الفاقد للجزء أو الشرط المتعذّرين، أو الواجد للمانع المتعذّر تركه بدلاً و نازلاً منزلة العمل التامّ الواجد للأجزاء و الشرائط الفاقد للموانع فيدلّ على عدم لزوم الإعادة في الوقت كما كان يدلّ على عدم لزوم القضاء. و ذلك لما ذكرنا من أنّ ظاهر تلك الأدلّة أنّ البدل في تلك الحال وافٍ بتمام الغرض من المبدل منه و لم‌ يفت شي‌ء، فلا يبقى موضوع للإعادة؛ لحصول الغرض و سقوط الأمر الواقعي. نعم، يبقى الكلام في مسألة جواز البدار مطلقاً أو مع اليأس عن طروّ الاختيار في الوقت، أو عدم جوازه مطلقاً. و هذا ليس له ضابط كلّي، بل لا بدّ من النظر و التعمّق في الأدلّة الخاصّة في الموارد المخصوصة و أنّ جعل البدل بأيّ كيفيّة و أنّ بدليّته بصرف طروّ الاضطرار أو مع اليأس عن حصول الاختيار أو بشرط الصبر و الانتظار إلى آخر وقت إمكان الأداء؟». [6]

کما قال الشیخ المغنیة(رحمه الله): «المفروض أنّ المكلّف أوجد المطلوب بتمامه و عندئذٍ يسقط الأمر بالصلاة لا محالة و تكون الإعادة في الوقت ثانيةً بلا أمر».[7]

الدلیل التاسع: ضرورة الدین [8]

الدلیل العاشر: إجماع المسلمين

الدلیل الحادي عشر

إنّ المفروض أنّ المطلوب و المأمور به هو طبيعة الصلاة، لكن لها فردان: أحدهما هي مع الطهارة الترابيّة مع فقد الماء و ثانيهما الصلاة مع الطهارة المائيّة مع وجدان الماء و المكلّف مخيّر عقلاً بينهما؛ أي بين الصلاة مع الطهارة الترابيّة أوّل الوقت أو الانتظار لآخر الوقت الواجد فيه الماء و فعل الصلاة مع الطهارة المائيّة و الإتيان بكلّ واحد من المصداقين كافٍ في الامتثال و سقوط التكليف، كما هو واضح و لا وجه لوجوب الإعادة حينئذٍ. [9]


[1] بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص290.
[2] المحجة في تقريرات الحجة، الصافي الگلپايگاني، الشيخ علي، ج1، ص172.
[3] الحاشية على كفاية الأصول، البروجردي، السيد حسين، ج1، ص221.
[4] بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص290.
[5] بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص290.
[6] منتهى الأصول، روحاني، محمد حسین، ج1، ص249.
[7] .علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، المغنیة، الشیخ محمد جواد، ج1، ص86
[8] علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، المغنیة، الشیخ محمد جواد، ج1، ص86.
[9] تنقيح الأصول، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص294.