45/04/12
بسم الله الرحمن الرحیم
إنّه[1] لم يقل بأنّ المصدر أصل في المشتقّات، بل كان مراده أنّ مادّة المصدر مع مادّة سائر المشتقّات تكون واحدةً[2] ، فكما أنّ مادّة المصدر لا تدلّ إلّا على الماهيّة كذلك مادّة سائر المشتقّات لا تدلّ إلّا على الماهيّة؛ غاية الأمر يكون في صيغة الأمر هيئة و هي لا تدلّ إلّا على البعث نحو المادّة و إلّا فمادّة كلّ المشتقّات واحدة. و لو فرضت أنّ المصدر أيضاً مشتقّ من المشتقّات و لا يكون تفاوتاً بين المشتقّات من حيث المادّة، فكلّها تدلّ على الماهيّة. [3]
أقول: کلامه(رحمه الله) متین.
إنّ عدم دلالة المصدر، يكشف عن عدم دلالة مادّة المشتقّات على أحدهما؛ لاشتراك المصدر مع سائر المشتقّات في مادّتها، فإذا كان المصدر مادّةً و هيئةً غير دالّ إلّا على نفس الطبيعة؛ فينتج أنّ مادّة المشتقّات مطلقاً في أيّ واحد منها لا تدلّ على أحدهما؛ لوجود مادّتها في المصدر بلا تغيير. [4]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین.
إنّ الاتّفاق ثابت بأنّ المصدر المجرّد عن اللام و التنوين مفاده نفس الماهيّة- على ما نقل عن السكّاكيّ- أي أنّ المادّة هي المصدر لا تدلّ على المرّة و التكرار. و من المعلوم أنّ مفاد الهيئة ليس بأقلّ من مفاد المادّة، بل مفادها عبارة عن مفاد المادّة مع إضافة، فلا تنقص الهيئة من مفاد المادّة. و إذا لم تكن في مادّة المصدر دلالة على المرّة و التكرار فلا تكون في مادّة سائر المشتقّات أيضاً؛ إذ المادّة في الجميع واحدة. و لا فرق بينها من هذه الجهة و منها مادّة الأمر.[5]
أقول: کلامه (رحمه الله) متین.
أقول: کلام صاحب الفصول کلام جيّد، لکنّ النکتة هي أنّه لا حاجة إلی هذا البیان؛ لأنّ الوجدان العرفيّ حاکم بأنّ المادّة السيّالة في المشتقّات لا تدلّ علی المرّة و التکرار؛ إذ الدلالة علی المرّة أو التکرار وقعت مورداً للبحث في خطاب الأمر فقط، لکن دلالتها في صیغ الماضي و المضارع و سائر الصیغ لا تکون مورداً للبحث. و یظهر من هذا المطلب أنّ منشأ النزاع، الوضع و عدم وضع صیغة أمر المخاطب علی المرّة و التکرار و من هذه الجهة تجب دراسة وضع هیئة خطاب الأمر علی المرّة أو التکرار أو غیرهما.
إنّه لا يتمّ إلّا إذا ضمّ عليه الإجماع بأنّ مادّته عين مادّة المشتقّات أو أنّ المصدر أصل المشتقّات و كلاهما ممنوعان؛ لعدم الإجماع على الوحدة في المادّة؛ إذ وحدة المادّة في المشتقّات و إن صارت مسلّمةً عند المتأخّرين، لكن عند القدماء من أهل الأدب محلّ خلاف و تشاجر، على نحو مرّ في المشتقّ لبّ الأقوال، كما أنّ كون المصدر أصلاً مطلقاً ممّا لم يسلّم عند كثير منهم. [6]
یلاحظ علیه: بالردود و الملاحظات السابقة.
كون دلالتها[7] محلّ النزاع بعيد جدّاً؛ لأنّها وضعت لنفس البعث و الإغراء، كإشارة المشير و مقتضى البعث إلى الماهيّة المجرّدة هو إيجادها في الخارج، لا جعل الإيجاد جزء مدلوله اللفظي. فحينئذٍ فالشيء الواحد من جهة واحدة لا يعقل أن يتعلّق به البعث متعدّداً على نحو التأسيس و لا يكون مراداً و مشتاقاً إليه مرّتين؛ لما مرّ[8] أنّ تعيّن الحبّ و الإرادة و الشوق من جانب المتعلّق، فهي تابعة له في الكثرة و الوحدة، فالشيء الواحد لا تتعلّق به إرادتان و لا شوقان و لا محبّتان في عرض واحد. [9]
أقول: هذا لیس إشکالاً من حیث المادّة، بل دلیل علی عدم دلالة الهیئة علی المرّة أو التکرار، بل یکفي المرّة فقط في الأوامر.
إنّه لا وجه لكون المصدر أصلاً؛ لأنّ له هيئة و ما كان ذا هيئة لا يقع مادّةً لغيره. نعم، يصحّ أن يقع لحاظه منشأً لوضع الصيغ و نظمها و ليس هذا من المادّة في شيء. [10]
إنّ المادّة المجرّدة لها حكم و المادّة المتهيّئة بهيئة خاصّة لها حكم آخر. [11]