45/03/28
بسم الله الرحمن الرحیم
إختلف الأصولیّون في أنّ مقتضى الأصل العمليّ هو سقوط التکلیف فیما إذا شكّ في سقوط التکلیف مع إتیان العمل بلا إرادة و اختيار أو عدم سقوطه؟ فذهب بعض إلی عدم سقوط التکلیف. و ذهب بعض آخر إلی سقوط التکلیف. و ذهب بعض إلی التفصیل.
أقول: إنّ الشكّ في الأقلّ و الأکثر و المرجع البرائة، کما ثبت في محلّه؛ لأنّ الشكّ في القيد الزائد عن أصل إتیان المأمور به، فینفي بالأصل.
أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتية.
قال المحقّق العراقيّ(رحمه الله): «إذا لم يكن في المقام إطلاق، فالمرجع عند الشكّ في بقاء التكليف بعد الإتيان بالفرد الاضطراريّ هي البراءة».[7]
قال المحقّق العراقيّ(رحمه الله): «المرجع هي البراءة؛ لرجوع الشكّ حينئذٍ إلى الشكّ في الأقلّ و الأكثر الاستقلاليّين و لا شبهة في أنّ المرجع في الشكّ المزبور هي البراءة. و معه لا مجال للرجوع إلى استصحاب التكليف؛ لحكومة أصالة البراءة عليه»، (إنتهی ملخّصاً). [8]
أقول: إنّ الأقلّ و الأکثر إرتباطيّان لا استقلاليّان؛ لأنّ الإرادة و الإختیار لیستا مستقلّتين عن العمل.
قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «إذا لم يكن إطلاق في الخطاب و شكّ في المسألة، فالحقّ هو البراءة؛ لدوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر؛ إذ لا يعلم أنّ الواجب هو نفس الطبيعة و إن صدرت من غير اختيار، أو الطبيعة المقيّدة بقيد الاختيار، فينفى القيد المشكوك فيه. و لا يخفى أنّ الأقلّ و الأكثر هنا ارتباطيّان». [9]
کما قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «إن لم يكن هناك إطلاق، كان مقتضى الأصل العمليّ هو البراءة عن اعتبار الخصوصيّة، لكون المقام من صغريات دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر الارتباطيّين و قد أثبتنا في محلّه أنّ مقتضى الأصل فيه هو البراءة عن الأكثر».[10]
إنّه إذا لم يعلم بتعلّق الوجوب بالحصّة الاختياريّة بالخصوص جرت البراءة عن الخصوصيّة. و لو علم بذلك و شكّ في تقيد الوجوب فإن احتمل التقييد بنحو الشرط المتأخّر، جرت البراءة أيضاً. و إن كان احتمال ذلك بنحو الشرط المقارن جرى الاستصحاب إن قلنا به في الشبهات الحكميّة و إلّا فالبراءة في الفروض الفقهيّة المتعارفة. [11]
أقول: قوله(رحمه الله) «و إن کان احتمال ذلك بنحو الشرط المقارن جری الاستصحاب» یلاحظ علیه: بأنّ الشرط المشکوك- سواء کان متقدّماً أو مقارناً أو متأخّراً- ینفی بالأصل و لا فرق بین أنواع الشروط المشکوکة التي لا دلیل علیها.
قال(رحمه الله): «إنّه على فرض تسليم قصور الأمر عن شموله للحصّة غير المرادة لا قصور في المصلحة أصلاً، فلا يبقى فرق بين الحصّتين في إتيان الواجب بهما أصلاً؛ لأنّه لا شكّ في كفاية المصلحة في إتيان الواجب و لا يحتاج إلى وجود الأمر؛ فلا يبقى شكّ في أنّه هل يسقط الواجب بالحصّة غير المرادة، حتّى يرجع إلى الإطلاق أو إلى الاستصحاب مع فقده». [12]
أقول: هذا فیما علم بوجود المصلحة بحصول العمل مطلقاً. و أمّا لو شكّ في حصول المصلحة، فلا بدّ من الرجوع إلی الأدلّة أو الأصول العمليّة، فإنّ المصلحة قد تکون في المجعول و قد تکون في الجعل و لکن للعالم بالمصلحة العمل بعلمه.