44/06/23
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر
الدلیل السادس: الانصراف
إنّ صيغة الأمر تدعو إلى إيجاد الفعل في الخارج من دون أن يتطرّق إليه الترك، أي إنّ طبيعة الطلب لا يتطرّق إليها الإذن بالترك فهي بظاهرها تقتضي الانبعاث و لا سبيل لعدم الانبعاث إليها ما لم يصرّح الآمر المولى بالترخيص فتنصرف حينئذٍ إلى الوجوب و اللزوم و يشهد على ذلك عدم قبول اعتذار العبد بأنّي كنت أحتمل الندب، بل يقال له «إذا قيل لك إفعل فافعل». [1]
إشکال في الدلیل السادس
إنّ الانصراف إمّا لكثرة الوجود، أو كثرة الاستعمال و الوجوب و الندب متساويان في هذين الأمرين فقد استعملت صيغة الأمر في الندب كثيراً، كما أنّ مصاديقه أيضاً متوفّرة. [2]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین.
القول الثاني: أنّها للقدر المشترك[3] بين الوجوب و الندب [4] [5] [6] [7]
أقول: إنّ الأمر و صیغته وضع للطلب- کما في اللغة. و أمّا الوجوب و الندب فخارجان عن الوضع، بل یفهم من القرائن، فاستعمالها في الوجوب و الندب حقیقة. و لا بدّ من قرینة علی تعیین ذلك و یشهد لذلك استعمالها في کليهما کثیراً في الکتاب و السنّة و غیرهما.
قال المحقّق البروجرديّ (رحمه الله): «إنّ الطلب الذي ثبت كونه مفاداً للصيغة بعد كونه مشتركاً بين الإيجاب و الندب و استعمالها فيهما بنحو الحقيقة». [8]
دلیل القول الثاني
إنّه قد ورد في بعض أخبارنا المأثورة تعلّق أمر واحد بأمور متعدّدة بعضها واجبة و بعضها مندوبة؛ كما ورد فيها نهي واحد متعلّق بأمور متعدّدة بعضها محظورة و بعضها مكروهة. و لا بدّ في مثل ذلك من الحمل على القدر المشترك لئلّا يلزم استعمال اللفظ في معنييه هذا. [9]
القول الثالث: أنّ الوجوب و الندب أمران خارجان عن حقيقة مدلول صیغة الأمر [10] [11] [12] [13]
قال السیّد السبزواريّ (رحمه الله): «الظاهر سقوط هذا البحث من رأسه؛ لما تقدّم من أنّ مفادها البعث نحو المبعوث إليه. و مقتضى الإطلاق كونه بداعي الطلب الحقيقي، فيحكم العقل حينئذٍ بلزوم الامتثال ما لم تكن قرينة على الترخيص.
فالوجوب حكم عقليّ بعد تماميّة الحجّة و البيان، كما أنّ الندب يستفاد من القرائن الخارجيّة، لا من نفس الصيغة من حيث هي. نعم، يصحّ إضافة كلّ منهما إلى الصيغة بالعناية. و إن أراد من قال بأنّها حقيقة في الطلب ما ذكرناه، فنعم الوفاق و إلّا فلا دليل له عليه». [14]
أقول: الظاهر أنّ القول الثالث شبیه بالقول الثاني؛ إذ المراد من الأمر في القولین هو الطلب. و أمّا حکم العقل بلزوم الامتثال و عدمه مربوط بالقرائن. و لا فرق بین الندب و الوجوب من حیث الاحتیاج إلی القرینة؛ فقوله (رحمه الله): «فیحکم العقل حینئذٍ بلزوم الامتثال ما لم تکن قرینة علی الترخیص» مورد الملاحظة، حیث إنّ العقل قد یفهم اللزوم و قد یفهم الندب بمراتبهما. و حیث لا قرینة علی أحدهما فلا دلیل علی أحدهما، بل ثبوت أصل الطلب مسلّم و أمّا الوجوب فیحتاج إلی الدلیل الزائد.