44/05/08
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر
دلیل القول الثاني: الوجدان
قال المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): «إذا عرفت المراد من حديث العينية و الاتحاد ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء و الأمر به حقيقة كفاية فلا يحتاج إلى مزيد بيان و إقامة برهان فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها سوى ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشيء و الميل و هيجان الرغبة إليه و التصديق لفائدته و هو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها».[1]
إشکال في الدلیل
إنّ الوجدان على خلاف ذلك، بل البرهان يساعد على خلاف ذلك، لوضوح انّ الانبعاث لا يكون إلّا بالبعث، و البعث انّما هو من مقولة الفعل، و قد عرفت انّ الإرادة ليست من الأفعال النّفسانيّة، بل هي من الكيفيّات النّفسانيّة، فلو لم يكن هناك فعل نفساني يقتضى الانبعاث يلزم ان يكون انبعاث بلا بعث.[2]
القول الثالث: أنّهما متّحدان بحسب المصداق و مختلفان بحسب المفهوم [3]
قال الحائريّ الیزديّ (رحمه الله): «ان اراد الاشاعرة انه في النفس صفة اخرى غير الإرادة تسمى بالطلب فهو واضح الفساد، ضرورة انا اذا نطلب شيئا لم نجد في انفسنا غير الإرادة و مباديها، و ان اراد ان الطلب معنى ينتزع من الإرادة في مرتبة الإظهار و الكشف دون الإرادة المجردة، فهما متغايران مفهوما و ان اتحدا ذاتا، فهو كلام معقول». [4]
أقول: لا دلیل علی اتّحادهما ذاتاً بعد تغایرهما مفهوماً.
القول الرابع: اتّحاد الطلب مع الإرادة التشريعية [5] [6] [7]
قال المحقّق العراقيّ (رحمه الله): «إنّ الحقّ هو القول بالاتّحاد[8] مع الإرادة التشريعيّة[9] ». [10]
دلیل القول الرابع
إنّنا لا نجد فى أنفسنا غير الإرادة صفة اخرى تسمى بالطلب و تكون مدلولاً للامر و موضوعاً لحكم العقل بوجوب الاطاعة و ان امكن تصور صفة اخرى تسمى بالبناء القلبي غير الإرادة لأنها من صفات النفس و غير اختيارية و البناء القلبي من افعال القلب و هو اختياري إلا أن تلك الصفة لا تكون موضوعاً لحكم العقل بوجوب الاطاعة و لا موافقتها موضوعاً لاستحقاق الثواب و لا مخالفتها موضوعا لاستحقاق العقاب و عليه لا تكون تلك الصفة هي الطلب لكي تحصل بها مغايرة الطلب للارادة. [11]
أقول: لا دلیل علی الاتّحاد فقد تکون الإرادة التشریعیّة و یکون الطلب، کما في الأوامر الإمتحانیّة و أمثالها، فالاتّحاد بأيّ نحو کان لا دلیل علیه؛ فإنّ الإرادة شيء و الطلب شيء آخر قد یتوافقان و قد یتخالفان و في مورد التوافق تتوهّم العینیّة.