44/03/27
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر
الدلیل الخامس: صحّة السلب عن غیر الوجوب (صحّة سلب الأمر عن الطلب الندبي) [1] [2] [3] [4]
قال بعض الأصولیّین: «الظاهر صحة السلب عن غيره، و إن صح إطلاقه على ما يعمه باستعماله في مطلق الطلب أو الزجر بنحو من العناية، كما هو الحال في مقام التقسيم للإلزامي و غيره». [5]
أقول: لا دلیل علی صحّة السلب، کما ذکرنا في التبادر.
الدلیل السادس: حکم العقل [6]
قال المحقّق الإیروانيّ (رحمه الله): «واعظك و قائدك نفسك و باطن نفسك و لا سبيل لغيرك في التوصّل إلى فعلك الاختياري إلّا بوسيلة نفسك و تهيئة مقدّمات و ترتيب أمور توجب بعث نفسك للعضلات و تحريكها لها نحو المراد، و من تلك المقدّمات بعث المولى نحو فعل من الأفعال؛ فإنّ في هذا الموضوع يحكم عقلك بالامتثال و يحرّكك و يبعثك نحو الإطاعة و إنفاذ مراد المولى.
فصحّ أن نقول: إنّ كلّ إيجاب و إلزام فهو من العقل و بحكم من العقل، فكلّ إلزام عقلي، و ليس شيء من الإلزام يكون منم المولى؛ و إن أسند إلى المولى و قسّم الإيجاب إلى عقلي و شرعي فذلك باعتبار المقدّمة البعيدة التي رتّبها الشارع، فأوجب إلزام العقل و حكمه بالحركة نحو الفعل، و بهذا الاعتبار صحّ نسبة الإيجاب إلى كلّ من أوجب إلزام العقل نحو الفعل كمن أوعد بالجزاء على الفعل. و الظاهر أنّ كلّ أوامر المولى ملزمة، يعنى موجبة لإلزام العقل بالإطاعة، و لا شيء في أوامره استحبابيّة يرخّص العقل في ترك الإطاعة و إلقاء طلب المولى وراء الظهر. فتقسيم أوامر الشرع إلى إيجابيّة و استحبابيّة باطل، بل كلّ أوامر الشرع إيجابيّة»، (إنتهی ملخّصاً). [7]
إشکالان في الدلیل السادس
الإشکال الأوّل
هذا فاسد؛ إذ معلوم أنّ اطاعة المولى لازم بأيّ نحو أمر، و لكن كلامنا في المقام ليس في الكبرى بل هو في الصغرى و أنّ أمر المولى هو بأيّ نحو من النحوين بالوجوب كان أو بالاستحباب. [8]
الإشکال الثاني
أقول: إنّ لدینا وجوباً معناه عقلاً هو أن یقول: إن لم تفعل تستحقّ العقوبة. شأن العقل هو الدرك لا أن یُلزم و هذا الدرك بعد وصول التکلیف. إن یکن مرادك أنّ هذا الوجوب حکم العقل الذي هو إدراکه استحقاق العقاب عند الترك فکلّ قائلون به و لم یقل أحد بأنّه حکم شرعي. کلامنا أنّ الشارع فرض الصلوات الخمس و غیرها قبل أن یحکم العقل. فما معنا هذا الفرض؟ هل تفترق موارد الاستحباب مع موارد الوجوب أم لا؟ هل یوجد فرق بین فعل الشارع و طلبه أم لا؟ و فرض المصلحة الملزمة لیس صحیحاً أیضاً؛ إذ الذين لا یقولون بالمصالح و المفاسد فهم قائلون بالوجوب و الندب و هم قائلون بالفرق بین هذه الموارد. قلنا: هذا الفرق خصوصیّة الطلب. منشأ انتزاع الوجوب خصوصیّة الطلب و هذا متّصف بالوجوب في مرحلة الجعل، لا في مرحلة التنجّز.