42/10/10
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق
قال الفاضل النراقيّ (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار الماضي- أي بعد وجوده و زواله عنه؛ كالضارب لمن ضرب و زال عنه الضرب- ففيه خلاف»، (إنتهی ملخّصاً). [1]
و قال الشهید الثاني (رحمة الله): «محلّ الخلاف ما إذا لم يطرأ على المحلّ وصف وجوديّ يناقض المعنى الأوّل أو يضادّه؛ كالزناء و القتل و الأكل و الشرب؛ فإن طرأ من الوجودات ما يناقضه أو يضادّه- كالسواد مع البياض و القيام مع القعود- فإنّه يكون مجازاً اتّفاقاً». [2]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «إنّه لا خلاف أيضاً في عدم صحّة استعمال الجوامد كالإنسان و الحجر و غير ذلك إلّا في خصوص المتلبّس و أنّ استعماله في غيره يعدّ من الأغلاط و لو كان ممّا انقضى عنه المبدأ». [3]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
کلام الحجّة التبریزيّ في المقام
قال (رحمة الله): «إعلم أنّ المأخوذ في المشتقّ- و لو على وجه الالتزام- هو الذات و المبدأ و النسبة، فباعتبار نسبة الضرب للذات يقال ضارب و محلّ النزاع في المشتقّ ليس إلّا في هذه النسبة و جهة الإضافة- أعني إضافة الذات للمبدأ؛ فمن يقول بأنّ المشتقّ حقيقة في خصوص حال التلبّس يقول بأنّ التلبّس إذا كان باقياً يصحّ النسبة و إلّا فلا. و من يقول بكون المشتقّ حقيقة في الأعمّ يقول بصحّة النسبة و أنّ الانتساب باقٍ و لو مع انقضاء التلبّس.
فمحلّ الكلام و مورد النقض و الإبرام يكون في النسبة و فهمت بأنّ الدالّ على النسبة هو هيئة المشتق، ففي المشتقّ لا يكون لفظه بهيئته و مادّته موضوع للذات المقيّد، بل المادّة دالّة على المبدأ و الهيئة دالّة على النسبة؛ فلا يكون اللفظ موضوعاً للشخص الخاصّ حتّى إذا لم تكن الخصوصيّة باقيةً، لم يكن يصحّ الإطلاق، بل الهيئة دالّة على النسبة و النسبة كونها دالّةً على المتلبّس أو الأعم، يكون محلّ الكلام في المشتق». [4]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
تنبیه
أنّ النزاع هنا في الوضع و الاستعمال أو في صحّة الإطلاق و عدمها؟
القول الأوّل: النزاع في صحّة الإطلاق و عدمها
قال السیّد البهبهانيّ (رحمة الله): «الصواب أنّ بحث المتقدّمين ليس عن وضع المشتقّ و كيفيّة استعماله و أنّ الاتّفاق و الاختلاف إنّما هو في صدق الإطلاق و عدمه، لا في الوضع و الاستعمال». [5]
أقول: لا دلیل علیه، بل الاختلاف في الوضع و الاستعمال- کما سیأتي- حیث إنّ صحّة الإطلاق و عدمها من فروعات الوضع و الاستعمال.
القول الثاني: أنّ النزاع في الوضع و الاستعمال[6] [7] [8] [9]
قال المحقّق الاصفهانيّ (رحمة الله): «ينبغي التنبيه على أمر و هو أنّ النزاع هنا في الوضع و الاستعمال أو في صحّة الإطلاق و عدمها- مع التسالم على المفهوم و المعنى؟ الظاهر هو الأوّل؛ كما تفصح عنه كلمات القوم من قديم الزمان إلى اليوم. و أمّا ما تكرّر في كلماتهم في عنوان البحث من اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتقّ و إطلاقه، فلا ينافى ذلك؛ فإنّ الصدق بلا عناية و عدمه حيث كانا دالّين على الخصوصيّة و عدمها، فلذا عنونوا النزاع بذلك، مضافاً إلى أنّه لو لا الاختلاف في المفهوم و المعنى، فما وجه هذا الخلاف العظيم في هذه السنين المتمادية؟»، (إنتهی ملخّصاً). [10]
و قال المحقّق البجنورديّ (رحمة الله): «هذا النزاع في مرحلة الوضع و الاستعمال، لا في مرحلة الانطباق و التطبيق». [11]
دلیل القول الثاني
إنّ الحقيقة و المجاز المذكورين في عنوان النزاع من شئون الاستعمال و لا ربط لهما بالصدق و الإطلاق. [12]
الشاهد علی القول الثاني
يشهد له استدلال العلّامة (رحمة الله) في التهذيب و غيره في غيره للقول بالأعم، بأنّ معنى الضارب «من حصل منه الضرب» فيعمّ من انقضى عنه المبدأ.[13] [14]
أقول: هذا من فروعات الوضع. و بعد تعیین الوضع و الموضوع له یعلم مفهوم المشتق، ثمّ البحث في المصادیق و التطبیقات.
قال المحقّق البجنورديّ (رحمة الله): «لا ينبغي الشكّ في أنّ هذا النزاع في تعيين مفهوم المشتقّ و ما هو الموضوع له سعةً و ضيقاً، لا في مقام صدقه و انطباقه». [15] [16]
و قبل بیان الأقوال لا بدّ من بيان أمور:
الأمر الأوّل: في المراد بالمشتق
المشتقّ لغةً
الاشتِقَاقُ: الأخْذُ في الكلام و الخُصُوماتِ يَميناً و شِمالاً. [17] [18] [19]
الاشْتِقاقُ: أخْذُ شِقِّ الشيءِ و الأخْذُ في الكلام و في الخُصومَةِ يميناً و شِمالاً و أخْذُ الكَلِمَةِ مِن الكَلِمَةِ. [20]
قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «الاشتقاق لغةً أخذ شيء من شيء و اقتطاع فرع من أصل يقال اشتقّ النهر من الوادي إذا أخذ شيء منه؛ فالمشتقّ هو شقّ الشيء المأخوذ منه». [21]
المشتقّ اصطلاحاً
المشتقّ عند الأدباء (النحویّین و الصرفیّین)[22]
المشتقّ فرع وافق بأصول حروفه. [23] [24]
هو أخذ لفظ من آخر؛ كأخذ «ضَرَبَ» من المصدر و هو «الضرب». [25]
و قال المحقّق المشکینيّ (رحمة الله): «إنّ المشتقّ يطلق في اصطلاح الأدباء على ما يؤخذ من لفظ آخر مع اشتماله على حروفه و موافقته معه في الترتيب، و هو على إطلاقه ليس داخلاً في عنوان النزاع؛ لشموله للمصادر المزيد فيها و الأفعال الأربعة، و سيأتي خروجهما عنه». [26]
قال الشیخ مغنیه (رحمة الله): «المشتق في عرف النحاة إخراج الكلمة من مصدرها، كإخراج المسافر من السفر و ليس هذا موضوع البحث». [27]
قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «المشتقّ في اصطلاح النحويّين ما كان لمادّته معنى محفوظ في غيره ممّا شاركه فيها و فارقه في الهيئة؛ كالفعل و اسمي الفاعل و المفعول و غيرها». [28]