42/10/04
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق
الأمر الثالث عشر: المشتق[1]
مقدّمة: هل المشتقّ مسألة أصولیّة أم لا؟
القول الأوّل: أنّه خارج من المسائل الأصولیّة (لیست مسألةً أصولیّةً) [2] [3] [4]
أقول: هو الحق؛ بناءً علی کون الموضوع هو الحجّة فی الفقه- کما اخترناه- و الحجّة لها مصادیق؛ مثل أصالة الظهور. و أمّا مصادیق الظاهر، فمربوط بعلم آخر؛ مثل کون خبر العادل حجّةً بیان مصادیقه مربوط بعلم آخر؛ مثل علم الرجال؛ فمسالة ظهور المشتقّ في الملبّس بالمبدأ أو الأعمّ منه بحث و توضیح مصادیق الظهور مربوط بعلم آخر ذکره في الأصول من جهة شدّة ارتباطه بالمباحث الأصولیّه. و هکذا في مباحث الألفاظ التي یبحث فیها عن بیان الظهور؛ فإنّ الظهورات کلّها لا بدّ أن یبحث في علم آخر و البحث في الأصول حجّیّة الظهور، لا أنّ هذا ظاهر في کذا و کذا؛ فلا بدّ أن یکون البحث[5] من المبادي، لا من المسائل. و بما ذکرناه ظهر ما في کلام المستشکل علی المحقّق العراقيّ (رحمة الله) و الشهید الصدر (رحمة الله).
قال المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «إنّ المدار في المسألة الأصوليّة على وقوعها في طريق استنباط الحكم الشرعيّ بنحو يكون ناظراً إلى إثبات الحكم بنفسه أو بكيفيّة تعلّقه بموضوعه. و ذلك يقتضي عدم دخول العلوم الأدبيّة في المسائل الأصوليّة؛ إذ ليس المهمّ فيها إحراز ظهور الكلمة أو الكلام في شيء، بل تمام المقصود في ظرف الفراغ عن فاعليّة كلمة أو [مفعوليّتها] كون الفاعل مرفوعاً و [المفعول] منصوباً فحينئذٍ لا يصدق عليها كون قواعدها ممهّدةً للاستنباط. و على فرض [أنّ] المقصود منها أيضاً إحراز الظهور في شيء، [فغاية] ما في الباب وقوعها في طريق استنباط الموضوع للأحكام، لا نفسها.
و من هذا البيان أيضاً ظهر وجه خروج المشتقّ أيضاً من المسائل، إذ شأنه ليس إلّا إحراز موضوع الحكم لا نفسه، لا بذاته و لا بكيفيّة تعلّقه بموضوعه»، (إنتهی ملخّصاً). [6]
الإشکال في کلام المحقّق العراقي
أمّا جعل المسألة الأصوليّة كبرى لقياس الاستنباط، ففيه:
أنّه لا يخلو عن مسامحة؛ فإنّ خبر الثقة (مثلاً) إنّما يكون مسألة أصوليّة باعتبار حجّيّته، فالمسألة الأصوليّة هي مجموع الموضوع و المحمول- أعني قولنا: خبر الثقة حجّة- لا الموضوع فقط و هو خبر الثقة. و من المعلوم أنّ المجموع لا يقع كبرى لقياس الاستنباط، بل الواقع كبرى له هو نفس الخبر. و المسألة الأصوليّة تكون برهاناً على كبرى قياس الاستنباط، فلعلّ الأولى تعريف المسألة الأصوليّة بأنّها هي التي تكون دليلاً على كبرى قياس نتيجته حكم كلّي فرعي.
و أمّا إخراج مبحث المشتقّ عن المسائل الأصوليّة ببيان أنّ شأنه ليس إلّا إحراز موضوع الحكم لا نفسه- لا بذاته و لا بكيفيّة تعلّقه بموضوعه- ففيه: أنّه بعد البناء على تعميم الحكم المستنبط من المسألة الأصوليّة لذاته و لكيفيّة تعلّقه بموضوعه لا يبقى فرق بين المشتقّ و بين العامّ و الخاص؛ ضرورة أنّ العام، كما يتضمّن كيفيّة تعلّق الحكم و هي تشريعه على وجه العموم، كذلك المشتق، فإنّه يدلّ على ثبوت الحكم منوطاً ببقاء المبدأ- بناءً على وضعه للأخصّ- و ثبوته مستمرّاً بناءً على وضعه للأعم، فالمشتقّ دخيل في كيفيّة تعلّق الحكم بموضوعه، كدخل العامّ و الخاصّ و أضرابهما في كيفيّة تعلّق الحكم بموضوعه.
فتلخّص ممّا ذكرناه أمران:
الأوّل: أنّ المسألة الأصوليّة عبارة عن دليل كبرى قياس استنباط الحكم الكلّيّ الفرعي.
الثاني: أنّ بحث المشتقّ- بناءً على تعميم الحكم المستنبط من المسألة الأصوليّة و شموله لكيفيّة تعلّقه بموضوعه- يندرج في المسائل الأصوليّة، فينبغي إدراجه في مقاصد الفن، لا ذكره في مقدمته، (إنتهی ملخّصاً). [7]
قال السیّد الشاهروديّ (رحمة الله): «الحقّ أنّ ... - نظير المشتقّ- تكون من المبادي، لا من مسائل الأصول». [8]