بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

 

المقدّمة الثانیة

إنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى يتصوّر على أنحاء:

1- أن يستعمل اللفظ في القدر المشترك؛ كلفظ الإنسان المستعمل في الحيوان الناطق الذي هو قدر مشترك بين أفراده.

و هذا جائز جزماً و هو يرجع في حقيقته إلى استعمال اللفظ في معنى واحد و ليس في الأكثر و هو خارج عن محلّ النزا

2- أن يستعمل اللفظ في معاني متعدّدة و لكن بعد إلباسها لباس الوحدة؛ كما هو الحال في الدار (مثلاً) فإنّها مركّبة من غرف و ساحة و مرافق[1] خاصّة و لكنّها تعتبر شيئاً واحداً. و بعد ذلك يستعمل لفظ الدار في هذا الواحد اعتباراً. و هذا جائز جزماً و هو في حقيقته يرجع إلى الاستعمال في معنى واحد و هو خارج عن محلّ النزاع.

3- أن يستعمل اللفظ في معنيين على حدّ استعماله في كلّ واحد منهما منفرداً؛ فكما أنّه لو استعمل في معنى واحد يجعل- اللفظ- حاكياً بتمامه عن المعنى كذلك نفترض أنّه حينما يستعمل في كليهما يستعمل كذلك، أي يقصد جعله حاكياً بتمامه عن هذا المعنى و يقصد في نفس الآن جعله حاكياً بتمامه عن المعنى الثاني، فهو في آنٍ واحد يكون حاكياً بتمامه عن هذا المعنى و حاكيا بتمامه عن المعنى الثاني.

إنّ هذا هو محلّ النزاع و السؤال ناظر إلى هذا النحو، فهل هو جائز أو لا؟

قال المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «إنّ استعمال‌ اللفظ في‌ أكثر من‌ معنى‌ يتصوّر على‌ أنحاء:

أحدها: أن يتصوّر معنى واحداً منتزعاً عن أمور متعدّدة بالحمل الشائع؛ كمعاني أسماء العدد من الإثنين و الثلاث إلى ما فوقها و كأسماء الجموع؛ مثل: رهط[2] و قوم؛ فإنّ معنى كلّ واحد من هذه الألفاظ مع وحدته مؤلّف من وحدات متعدّدة بالحمل الشائع و لا يخفى أنّ هذا المعنى خارج عن محلّ النزاع قطعاً.

و ثانيها: أن يكون المستعمل فيه عبارة عن معنيين أو أكثر يجمعها تصورّ واحد و يستعمل فيهما اللفظ باستعمال واحد. ثالثها: أن يتصوّر كلّ من المعنيين أو المعاني بلحاظ خاصّ به و كلا هذين النحوين محلّ للنزاع في هذا الأمر و البحث في هذين النحوين تارةً يكون بلحاظ القواعد الأدبيّة و أخرى بلحاظ القوانين العقليّة». [3]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال المحقّق البروجرديّ (رحمة الله): «إنّ استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد يتصوّر على وجوه:

أن يستعمل اللفظ في مجموع المعنيين بحيث يكون المراد من اللفظ هو المركّب منهما و يكون كلّ واحد منهما جزءاً من المستعمل فيه، نظير العامّ المجموعيّ المصطلح عند القوم.

أن يستعمل في مفهوم مطلق يصدق على كلّ واحد من المعنيين.

3- أن يستعمل في معنى عامّ بنحو العموم الأصوليّ و يكون كلّ واحد من المعنيين فرداً له.

4- أن يستعمل في كلّ واحد من المعنيين بحياله و استقلاله بأن يكون كلّ منهما بشخصه مراداً بحسب الاستعمال؛ مثل: ما إذا لميستعمل اللفظ إلّا في واحد منهما.

و لا يخفى أنّ محلّ النزاع في المسألة هو هذا القسم دون الثلاثة الأولى». [4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

المقدّمة الثالثة: هل یختصّ النزاع باللفظ المشترك أو النزاع یعمّ اللفظ المشترك و غیره؟

هنا قولان:

القول الأوّل: عدم الاختصاص [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31]

أقول: هو الحق.

قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «لا يخفى أنّ الكلام لا يخصّ المشترك؛ بل هو بالنسبة إلى استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقيّين و المجازيّين و المعنى الحقيقيّ و المجازي». [32]

الإشکال في القول الأوّل

قال الشهید مصطفی الخمینيّ (رحمة الله): «إستعمال اللفظ غير المشترك في الكثير، ليس من الاستعمال المقصود في المقام بالضرورة، فما يظهر من العلّامة الأراكيّ[33] (رحمة الله) من تعميم محلّ النزاع [34] خالٍ من التحصيل.

نعم، يأتي منّا جواز البحث الآخر حول استعمال اللفظ الواحد في الكثير الأعمّ من الحقيقة و المجاز، أو من المعنى الحقيقيّ و الكنائيّ، أو في المعنيين‌ المجازيّين، أو الكنائيّين»‌. [35]

أقول: لا فرق في جواز الاستعمال بین المعاني حقیقیّةً کانت أو مجازیّةً أو مختلفات و البحث یعمّ المشترك و غیره؛ لأنّ الدلیل المجوّز لذلك یأتي فیها جمیعاً و الدلیل النافي یأتي فیها جمیعاً.

القول الثاني: الاختصاص [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45]

أقول: لا دلیل علیه، کما سیأتي.

المقدّمة الرابعة

قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «إنّ عنوان المسألة في كتب القدماء حتّى إلى زمان صاحب المعالم (رحمة الله)[46] و صاحب القوانين (رحمة الله)[47] ‌ يدور مدار الجواز و عدمه، إلّا أنّ المتأخّرين كالمحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) [48] بدّل العنوان بالإمكان و الاستحالة». [49]

کما قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «الظاهر من القدماء أنّ البحث في الجواز و عدمه بحث لغويّ و لكنّ الظاهر من المتأخّرين أنّ البحث عقلي». [50]

 


[1] أي: المتوضّأ و المطبخ و نحو ذلك.
[2] عدد یجمع من الثلاثة إلی العشرة. و یقال من سبعة إلی عشرة.
[3] .بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص146.
[4] .نهاية الأصول، المنتظري، الشيخ حسين على؛ تقرير بحث السيد حسين البروجردي، ج1، ص51.
[5] .الذريعة الى اصول الشريعة، السيد الشريف المرتضي، ج1، ص17.
[6] .معارج الأصول، المحقق الحلي، ج1، ص82.
[7] .الفوائد الأصولية، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص136.
[8] .كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج1، ص37.
[9] .فوائد الأصول‌، الآخوند الخراساني، ج1، ص53.
[10] .درر الفوائد، الحائري اليزدي، الشيخ عبد الكريم، ج1، ص26.
[11] .نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج1، ص101.
[12] .أجود التقريرات‌، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص51.
[13] بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص146.
[14] .مقالات الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص161.
[15] .وقاية الأذهان، النجفي الإصفهاني، محمّد رضا، ج1، ص84.
[16] .المحجة في تقريرات الحجة، الصافي الگلپايگاني، الشيخ علي، ج1، ص97.
[17] .الحجة في الفقه‌، الحائري اليزدي، مهدي، ج1، ص71.
[18] نهاية الأصول، المنتظري، الشيخ حسين على؛ تقرير بحث السيد حسين البروجردي، ج1، ص55.
[19] .أصول الفقه- ط جماعة المدرسين، المظفر، الشيخ محمد رضا، ج1، ص80.
[20] .المحاضرات - تقريرات، الطاهري الاصفهاني، السيد جلال الدين، ج1، ص96.
[21] .منتهى‌ الأصول، روحاني، محمد حسین، ج1، ص113.
[22] .بدائع الأصول، الموسوي البهبهاني، السيد علي، ج1، ص64.
[23] . مبانی الاحکام فی اصول شرائع الاسلام، الحائری، الشیخ مرتضی، ج1، ص118.
[24] .تهذيب الاصول - ط جماعة المدرسين، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج1، ص131.
[25] .جواهر الأصول - تقريرات، المرتضوي اللنگرودي، محمد حسن، ج2، ص19.
[26] .غایة المأمول من علم الأصول، الجواهري، الشيخ محمد تقي، ج1، ص182.
[27] .دراسات في علم الاصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد علي، ج1، ص100.
[28] .بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج1، ص148.
[29] .دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص347.
[30] أنوار الأصول‌، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص149.
[31] .المحكم في أصول الفقه، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص140.
[32] .غایة المأمول من علم الأصول، الجواهري، الشيخ محمد تقي، ج1، ص182.
[33] مراده المحقّق العراقيّ (رحمة الله).
[34] .بدائع الأفكار في الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص146.
[35] .تحريرات في الأصول‌، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص291.
[36] .أنيس المجتهدين، النراقي، المولى محمد مهدي، ج1، ص45.
[37] .الفصول الغروية في الأصول الفقهية، الحائري الاصفهاني?‌، محمد حسين، ج1، ص53.
[38] .بحوث في الأصول، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج1، ص41.
[39] . مقالات حول مباحث الالفاظ، البهبهانی، السید علی، ج1، ص40.
[40] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص127.
[41] .تحريرات في الأصول‌، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص291.
[42] .تهذيب الأصول، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج1، ص34.
[43] . اصول الفقه، الاراکی، محمد علی، ج1، ص59.
[44] إرشاد العقول إلى مباحث الأصول، الحاج العاملي، الشيخ محمد حسين، ج1، ص186.
[45] المحصول في علم الأُصول، الجلالي المازندراني، السيد محمود؛ تقریر بحث الشيخ جعفر السبحاني، ج1، ص212.
[46] سیأتي.
[47] سیأتي.
[48] سیأتي.
[49] .دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص347.
[50] . إرشاد العقول إلى مباحث الأصول، الحاج العاملي، الشيخ محمد حسين، ج1، ص186.