42/05/25
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الصحیح و الاعم
الدلیل الثاني
إنّ المتبادر من لفظ البيع أنّه أمر ليس من مقولة اللفظ، بل هو أمر من مقولة المعنى، كتبادر الماهيّة و المعنى من لفظ الإنسان. [1]
یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة.
مؤیّد القول الثاني
يؤيّده قول اللغويّ بأنّ: «البيع مبادلة مال بمال» [2] و معلوم أنّ المبادلة تكون من الأمور المعنويّة و إن كان سببها من الألفاظ؛ فإنّ ألفاظ المعاملات وضعت للمسبّبات. [3]
یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة.
القول الثالث: لمتکن أسماء المعاملات من قبيل الأسباب و المسبّبات، بل من باب الإيجاد بالآلة [4] [5]
قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «إنّ باب العقود و الإيقاعات ليست من باب الأسباب و المسبّبات و إن أطلق عليها ذلك، بل إنّما هي من باب الإيجاد بالأدلّة[6] و الفرق بين باب الأسباب و المسبّبات و بين الإيجاد بالأدلّة [بالآلة] هو أنّ المسبّب في باب الأسباب لميكن بنفسه فعلاً اختياريّاً للفاعل، بحيث تتعلّق به إرادته أوّلاً و بالذات، بل الفعل الاختياريّ و ما تتعلّق به الإرادة هو السبب و يلزمه حصول المسبّب قهراً.
و هذا بخلاف باب الإيجاد بالأدلّة [بالآلة]؛ فإنّ ما يوجد بالأدلّة [بالآلة] كالكتابة، هو بنفسه فعل اختياريّ للفاعل و متعلّق لإرادته و يصدر عنه أوّلاً و بالذات؛ فإنّ الكتابة ليس إلّا عبارة عن حركة القلم على القرطاس بوضع مخصوص. و هذا هو بنفسه فعل اختياريّ صادر عن المكلّف أوّلاً و بالذات، بخلاف الإحراق؛ فإنّ الصادر عن المكلّف هو الإلقاء في النار لا الإحراق. و كذا الكلام في سائر ما يوجد بالأدلّة [بالآلة] من آلات النجّار و الصائغ و الحدّاد و غير ذلك. فإنّ جميع ما يوجده النّجار يكون فعلاً اختياريّاً له و المنشار (مثلاً) آلة لإيجاده. و باب العقود و الإيقاعات كلّها من هذا القبيل؛ فإنّ هذه الألفاظ كلّها آلة لإيجاد الملكيّة و الزوجيّة و الفرقة و غير ذلك.
و ليس البيع (مثلاً) مسبّباً توليديّاً لهذه الألفاظ، بل البيع هو بنفسه فعل اختياريّ للفاعل متعلّق لإرادته أوّلاً و بالذات و يكون إيجاده بيده، فمعنى حلّيّة البيع هو حلّيّة إيجاده، فكلّ ما يكون إيجاداً للبيع بنظر العرف فهو مندرج تحت إطلاق قوله - تعالى: ﴿أحلّ اللَّه البيع﴾[7] و المفروض أنّ العقد بالفارسيّة (مثلاً) يكون مصداقاً لإيجاد البيع بنظر العرف؛ فيشمله إطلاق حلّيّة البيع. و كذا الكلام في سائر الأدلّة و سائر الأبواب». [8] [9]
أقول: لیس هذا القول إلّا القول بالأسباب؛ فإنّ المسبّبات لیست تحت الاختیار إلّا بالأسباب أو بالآلة و ما یتعلّق به الحکم الشرعيّ من الشارع بالوفاء أو بالحلّیّة لابدّ أن یکون تحت الاختیار. و لذا فالمراد من ﴿أحلّ الله البیع﴾ حلّیّة إیجاد البیع. و هکذا في سائر العقود و الإیقاعات و حرمة المعاملة حرمة إیجاد الأسباب و إیجاد الآلة، لا حرمة المسبّب.